شبكة سورية الحدث


أعطني مازوت وبنزين واذهب وحدك إلى أستانة!

الحدث - حديث السياسة في سورية مقطوع، لا أحد يريد أن يحدثك في السياسة، الناس تسخر من هذا الحديث، ولا تبني أي أمل جديد لوقف الحرب قد تُنتجهُ السياسة، والغريب أن هذه الظاهرة تنتشر في كل مكان ..نعم.. لا أحد يريد الحديث في السياسة، وكأن التاريخ قد تغير، فحافظ الأسد قال لأحد محدثيه قبل نحو نصف قرن : كل الشعب السوري يتحدث بالسياسة.. فلماذا لم يعد أحد يحب الحديث بالسياسة!واقعيا، أنا الذي خدعت نفسي. لم يخدعني أحد. ولا أعرف ما الذي دفعني لأفعل ذلك، ربما يكون الفضول هو الدافع، أو بقايا مهنة الصحافة بعد أربعين عاما من السأم في أجوائها المميتة في بلادنا!قررت فجأة، أن أعود صحفيا نشطا، أي أن أعود إلى شبابي، وكما كنا نفعل في بيروت، ننتقل من مكان إلى أخر تفرضه المهنة، ولا نتعب.. لا نتعب أبدا ونحن نشتغل بالصحافة.يا لبراءتي عندما عدت صحفيا يرتجل فكرة خطرت له وسط شارع دمشقي ، وفي محطة وقود تقف في السيارات في طوابير.كنت أقف في طابور طويل .. طويل طويل ، أطول من طوابير الحرب العالمية الثانية على الخبز. كانت السيارات تنتظر البنزين وقد فاقت المئات .. نزلت من السيارة ورحت أجمع الآراء من الواقفين في انتظار الدور:هل تتوقع شيئا من أستانة ؟! هل تتابع أخبار أستانة؟ ماذا قال الدكتور بشار الجعفري؟ ماذا قال محمد علوش؟!! هل تعتقد أن أستانة فتحت على مستقبل جديد للحرب في سورية ؟وعندما جاءت الأجوبة، كنت قد تحولت إلى فرجة، فشعرت بالضعف المهني، فهل تعتقد أيها الصحفي العجوز أن طابور البنزين أو المازوت هو المكان المناسب للحديث عن أستانة ؟!!قال لي الأول : لا أعرف عما تتحدث !وقال لي الثاني : أعطني بنزين واذهب لوحدك إلى أستانة ؟وقال ثالث : هل سيوزعون المازوت على أطفالنا في أستانة بعبوات الحليب ؟وسألني شاب: من هو محمد علوش؟ فرد آخر كان يقف بجواره : إنه أبو الذقن الذي يمشط شعره سبايكي؟وقال رابع : الجعفري أطول واحد في أستانة !وتوالت الآراء، واحد من أصل عشرة ، أجابني باهتمام أن هناك خوفا على سورية بعد أستانة، وجعلني أمضي معه عدة دقائق أستوضح عن رأيه .. شخص واحد فقط قال إن العالم يتوهم أن أستانة ستفضي إلى حل . لا ، أبدا ..قال الرجل ، وأضاف :في أستانة سيقولون للجعفري: نوافق على وقف القتال، ولكن نريد أن تتخلوا عن السلطة، ولن يتخلى أحد عن السلطة!!ثم سأل ساخرا: لمن سيخلى الأسد عن السلطة ؟!أثارني هذا الرجل، وكان كهلا، فسألته :ــ ماذا تشتغل؟! فأجابني دون تردد:ــ مثلك تماما .. إعلامي!ضحكت، فهذا يعني أن الإعلام وحده مشغول بأستانة، والإعلام السوري لايعرف لمن يوجه رسائله، فإذا كانت الكهرباء تقطع نحو عشرين ساعة،فمن سيبادر إلى ملاحقة الأخبار عندما يعود التيار الكهربائي لساعة من الزمن ؟!إن أحدا لايتابع الإعلام، فانقطاع الكهرباء على مدار 22 ساعة يجعل المسألة مستحيلة، ولاسيما أن الإعلام السوري ترك انطباعا لدى مجموع الرأي العام أنه غير قادر على أن يكون إعلاما فاعلا، حتى ولو تواصل التيار الكهربائي!! عماد نداف _ بوابة الشرق الأوسط
التاريخ - 2017-02-18 7:12 PM المشاهدات 706

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم