شبكة سورية الحدث


حالة استنفار...

حالة استنفار...
رن الهاتف رفعت الأم السماعة…. ألو نعم ….. أهلا بك، نحن بخير وأنت… جيد متى بالضبط بعد خمسة أيام ” الله إ وصلك على خير الله إعاون”. نظرت الأم إلى ثلة الأطفال المتكونة في زاوية الغرفة، كانوا متشوقين لمعرفة فحوى الاتصال، الوجوه مشدوهة إليها، قالت في نبرة وقد اعتلى وجهها ابتسامة خفيفة، إنه قادم سيصل بعد خمسة أيام. ساد الصمت، أختي الكبيرة حاولت تخفي امتعاضها من الخبر،و انصرفت. وانفجر أخي الصغير باكيا. حاولت أن أتمالك نفسي لكني تعلقت بأوزاري أمي نائحا. كنت أعرف أنها ستكون الضحية الأولى، لكنها تحاول أن تحسسنا بأن الأمور ستكون بخير وأن الفرح سيعم المنزل. لم أكن أصدق كلام أمي لأني أعرف أنها لا تستطيع حمايتنا من غضب هذا الزائر الهائج، لكن باستطاعتها أن تنتزع لنا منه أيام هدنة. البيت في حالة استنفار، أخواتي ينظفن بسرعة خشية أي وصول مباغت له، الأم تحاول أن تصلح مزهرية مكسورة، وأنا أحاول إعادة ترتيب قنوات التلفاز كما كانت من قبل.لم يكن هذا الزائر الهائج غير أبي الذي لا نراه إلا في الأعياد والمناسبات، لم أكن أفرح لقدومه كما يفعل باقي الأطفال الذين ينتظرون آباءهم بفارغ الصبر، ولم أكن تواقا لما يحضره معه من أشياء، كنا نتوجس منه ونبقى بعيدين قدر الإمكان. ذات أصيل سمع طرق باب و هرول أخي الصغير ليفتح سمعت نداءه من بعيد إنه أبي، إنه أبي… بينما نحن في البهو جالسين ننتظر دخوله استقبلته أمي ، لم نتعود أن نتسارع نحو الباب كما يفعل باقي الأطفال، خيم الصمت، وحده تنفسه الثقيل يسمع من بعيد، أعرف هذا الصوت جيدا، لطالما كان يصدره أثناء عملية الضرب التي يستمتع بها ، دخل من باب البهو وبلا وعي وجدت نفسي أقبل يده الغليظة، شيء بداخلي أراد معانقة هذا المارد. نسيت جميع مخاوفي فاليوم الأول دائما يكون يوم سلام عائلي.مرت أيام وبدأ الاستعداد لأي حالة مفاجئة، وصلتني أخبار من أختي الصغرى تقول فيها أنه يجب علي أن أستعد؛ لقد فتح ملف من ملفاتي القديمة، والأم لم تفلح في تخفيف العقوبات، إنه ملف المزهرية المكسورة، كل الدلائل تشير إلي،إذ لا أحد يقترب من طاولة التلفاز الكبير إلا أنا، وصلني الخبر كالصاعقة، لم أعرف ما العمل خفت كثيرا من ضربه المبرح، صفعة منه كفيلة بإفقاد الوعي، وليس المرة الأولى التي يجود علي بها، فكرت في شيء يخفف من حدة الألم، ارتديت ثيابا كثيرة علها تمتص قوة الضربة. كانت الساعة الثامنة مساء عندما نادتني أمي، وأن الوقت متأخر،هي تعرف أنني أماطل عله ينام، وأنا أصعد في الدرجات إلى البهو العلوي حيث الأسرة الوجلة جالسة، سمعته يقول ” مَانِي أًغْيُولْ نَاغْ” أين ذاك الحمار ساعتها عرفت أن القضية “حامضة”، قبل أن ألج فكرت أن أخبره أنني الأول في القسم هذا السنة لربما يشعر بالفخر وينسى أمر هذه المزهرية التافهة، المزهرية المكسورة ستعوض: والأنف المكسور لن يجبر أبدا، دخلت وناداني إليه وقفت أمامه كان جالسا، ويداه في وضعية الهجوم، سألني لماذا كسرت المزهرية أجبت أنني لست المسؤول عما وقع، عض بأسنانه على شفته السفلى وكشر عن أسنان نخرها الزمن وأجهز عليها ” ماركيز وكازا” ،أمي تحاول أن تنقذ ما يكمن إنقاذه بتلطيف الجو، عيون إخوتي الصغار اغرورقت بالدموع، وأنا أشعر بغصة تكاد تخنقني، بصوت مرتعب وفي محاولة استعطاف قلت له لقد حصلت على النقطة الأولى في الق… للأسف كانت اليد أسرع وانفجر الكل باكيا. وما أذكره ليلتئذ أني نمت مبتلا ليس من فرط الدموع لكن متانتي أطلقت العنان لنفسها من شدة الخوف.
التاريخ - 2016-08-26 12:01 AM المشاهدات 1013

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم