شبكة سورية الحدث


المربي المؤرخ والباحث "يوسف الدبيسي".. في ذمة الله

المربي المؤرخ والباحث "يوسف الدبيسي".. في ذمة الله
 السويداء- معين حمد العماطوري بعد رحلة قرن من الزمن بين الاوابد التاريخية والقامات الوطنية والنخب الثقافية رحل المربي والباحث المؤرخ الاستاذ يوسف الدبيسي تاركاً ارثاً ثقافياً غنياً ومؤلفات علمية هامة في زمن كان المؤرخون قلة في جبل العرب خط سجلاً توثيقياً بمنهج المؤرخ الرصين ليكون وثيقة صادقة لعصر شكل الحالة الاجتماعية والإنسانية  في جبل العرب.لم تكن مهمة المؤرخ تقف عند حدود الرصد والنقل والتسجيل للأحداث، بل جمعها ونقدها وتحليلها وتعليلها وفهم ترابطها وعرض المعلومات التاريخية بموضوعية، خاصة ما يتعلق بالتاريخ الشفوي الذي يتطلب مهارة متميزة بأسلوب الحوار، والاستخدام الأمثل للتقنيات الحديثة في حفظ الرواية الشفوية، وتحويلها إلى نصوص مكتوبة لتصبح وثائق تزود المؤرخين بمصادر جديدة. وبين عضو مجلس غدارة الجمعية العلمية التاريخية الباحث نصار واكد أن الحديث عن قامة مثل الأستاذ "يوسف الدبيسي" حديث ذو شجون فهي قامة لا تنسى بصماتها المضيئة في هذا المجال وان الراحل كان من أوائل المكرمين الأحياء في الجمعية التاريخية "السويداء" حديثة العهد، تبعاً لنتاجه الكبير الذي كرس حياته لأجله، وجل اهتمامه انصب على تحويل الأخبار الشفوية بعد التحقق منها إلى وثائق تاريخية دون أن يغفل تحليلها وتعليلها لتصبح مرجعاً لكل من يريد التوسع والتعمق ولطالب العلم، خاض معركة الثقافة منذ أكثر من نصف قرن وقد أوتي من الصبر في أداء رسالته التاريخية مربياً ومدرساً لمادة التاريخ في مدارس محافظة "السويداء"، ثم مؤرخاً لأحداث تاريخية ومساهماً في صياغة أحداث الثورة السورية الكبرى عام 1925 في عمل كان له صدى واسع في سورية والوطن العربي وعدد من الأعمال التي تنم عن رؤية تاريخية متطورة تستحق الشكر.لقد بدأ بكتابة مذكرات "سلطان باشا الأطرش" في 12 تموز 1968 بسلسلة من اللقاءات معه وبمشاركة الأستاذ المرحوم "صلاح مزهر" الذي يعود له اقتراح اسم الأستاذ "يوسف" لهذه المهمة، حيث كان يتم اللقاء والاستماع لما تختزنه ذاكرة هذا القائد من معلومات ثم العودة لصياغتها بلسانه وقراءتها عليه للموافقة وإجراء ما يراه من تعديل وصولاً للحقيقة التاريخية، بالإضافة لذلك كان الأستاذ "يوسف" يقوم بمراجعة الكتب التاريخية والمذكرات الشخصية خاصة ما كتبه الفرنسيون والبريطانيون والعرب السوريون في الموضوعات التي تناولت الأحداث، وأيضاً الرجوع إلى من بقي حياً من المجاهدين في الجبل وغيره من مناطق سورية لتدوين ما يتذكرونه من معلومات عن الأحداث التي شهدوا وقائعها بأنفسهم، وتم أنجاز العمل في عام 1974 بتوقيع صاحب كل صفحة من صفحاته بالقلم الأحمر على صفحته، وهذا نوع من المنهجية التي تستحق الاهتمام، وتضاف لطريقته في جمع الأحداث وتوثيقها وتم نشر جزء من المذكرات في مجلة "بيروت المساء" في ستة وعشرين عدداً ولم يكتمل نشرها لأسباب لا مجال لذكرها.وبالنسبة لأعمال المؤرخ يوسف الدبيسي التي حملت عنوان "أهل التوحيد" نتلمس اهتمامه وحرصه على تصحيح عدد كبير من الأفكار السائدة التي تطول "أهل التوحيد" وهو العنوان الذي اندرجت تحته خمسة أجزاء تعتبر باكورة المؤلفات التي كان لها صدى روحياً دينياً لكونها حملت فكراً متنوراً وتأريخاً دقيق التفاصيل حسب مطالعة كُتاب وقراء هذه الأعمال، ومجموعة من الأعمال التي شغلت حيزاً هاماً من حياة هذا المؤرخ الذي لم يؤخره عن الكتابة إلا شح النظر وبقيت ذاكرته محملة بحكايات التاريخ وقصصه النادرة.بعد دراسته دار المعلمين توجه للتدريس وكان على علاقة قوية بالتاريخ الذي حفظه وشغله لسنوات طويلة، فقد عرف أن الكاتب التاريخي له صفات أساسية تلتقي فيها الدقة والموضوعية ولهذا صاغ مذكرات "سلطان باشا الأطرش" مع الأستاذ "صلاح مزهر" وقدم طريقة علمية منهجية لمدة ستة أعوام ليخرج العمل للناس بقيمة معرفية سامية، اراد أن يقدمها هدية لكل الجهات العلمية والبحثية عبر جامعة "دمشق" والمراكز الثقافية وعدد من الجامعات خارج القطر بغية نشر الفائدة التوثيقية لاحداث الثورة السورية الكبرى كما دونها وسردها القائد العام للثورة المغفور له سلطان باشا الاطرش، وبعد رحلته إلى مصر وعمله فيها أيام الوحدة وهو المتقن للغة الفرنسية اطلع على أهم المؤلفات باللغتين العربية والفرنسية، وعمل مع "حسن لطفي المنفلوطي" حفيد "المنفلوطي" الذي طلب منه ترجمة الكتب الواردة من أوروبا والشرق، لكن الوقت لم يسعفه بسبب تسجليه لنيل شهادة الماجستير في الدراسات الفاطمية لكن ظروف الانفصال حالت دون ذلك، فعملت على إصدار خمسة أجزاء بعنوان "أهل التوحيد"، دون ان يترك العمل والمثابرة والعلاقة مع الارض والزراعة ببستانه في ظهر الجبل في السويداء وجمع مذكراته تحت عنوان "السيرة الذاتية"، واعتبرها خاتمة وتتويجاً لحياته العلمية الفكرية والروحية، ولم يتمكن من كتابتها بسبب مرض الم به ولم يتمكن من الكتابة والقراءة فأملاها على ابن أخته الاستاذ "سلمان البدعيش" الذي أتم كتابتها وساهم في مراجعتها ونشرها.يذكر نجله المهندس "زياد الدبيسي" ان الاسرة عايشته في سعيه الدؤوب وطموحه الكبير لدراسة قضايا تاريخية وتسجيل وتوثيق نتاج عمله، وبقي لسنوات متقدمة من العمر باحثاً بشغف كبير يهتم بالمعلومة ويحرص على توخي الصدق والموضوعية، وكانت لديه رؤية بتناول مواضيع هامة على مستوى المنطقة وسورية، فإلى جانب المذكرات والسيرة الذاتية وغيرها من الأعمال وخلال إحدى زياراته إلى "لبنان" خطط لمشروع دراسة تاريخ الحرب الأهلية في لبنان منطلقاً من العام 1800 وقد أنجز عملية البحث، ولكنها ما زالت مخطوطة.الجدير بالذكر أن الأستاذ "يوسف الدبيسي" من مواليد قرية "الكفر" 1918، نال الاجازة في الآداب قسم التاريخ جامعة دمشق وحصل على أهلية التعليم الثانوي من المعهد العالي للمعلمين في "دمشق" 1951، تقدم للدراسات العليا في مصر وكان الانفصال وراء عودته وانقطاعه عن الدراسة. من أعماله مذكرات سلطان باشا الأطرش  بالتعاون مع الراحل الاستاذ صلاح مزهر وأهل التوحيد خمسة أجزاء والسيرة الذاتية إلى جانب دراسة جامعية حملت عنوان ابن نابليون بونابرت.
التاريخ - 2018-05-05 11:31 PM المشاهدات 1242

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم