#لم_تقتلها_الحرب...
#اخذها_الرب
سايمن سالفي ..
جارنا المهووس المريض و الكل يخاف منه ؛ تقول جاراتنا النسوة لا تقتربن من بيته انه مهووس مغتصب البنات ! لا احد يعلم ما خطبه .. اراه رجلا كئيبا وحيدا مفتقد لحس الحياة ؛ مشيته متثاقلة و كأنه يجر العالم عنوة بخطواته ، نادرا ما يخرج من بيته .
تزوج سايمن اربع نسوة و في كل مرة تفّر احداهن ، يقال انه عنيف و يضربهن الا انني شككت بالامر لثقل حركته و كلما التقي به لا اغير طريقي و لا اعبر للجهة المقابلة من الطريق ، كما يفعل الكل ، بل ألقي عليه التحية رغم انه لا يرد .
يوما لمحته بحديقة الحي جالسا و كأنه كان يمسح الدمع من عينيه تقدمت بتردد و جلست بالكرسي امام كرسيه . اقتربت لطرف الكرسي اتجهاهه و القيت التحية . نظر اليّ بعدم اكتراث ثم رد عليّ لاول مرة حيث شجعني للحديث معه و معرفة قصته ، كنت اتودّد اليه بحديث لطيف و كان بطيء التجاوب معي الا انني بالاخير استطعت ان ارضي فضولي و علمت قصته الحقيقية التي يجهلها الجميع
لم تقتلها الحرب فأخذها مني الرّب
هي كلماته التي ختم بها حديثه معي و الدمع عالق كجمرتين بين جفنيه ؛ قال لم اكن عنيفا و لست مهووسا و لا مريضا بل عاشقا فقد حبيبته و حين اراد ان يستمر بالعيش متل الكل لم ينجح ، كنت في كل محاولة اخفق . قلت لما ذلك؟ قال اراها بكل الوجوه و لم تكن تشبه احد رأيت عينيها بإخضرار اعين فسلبني لون الجنّة التي عشت بها معها . قلت لماذا لم تقترن بها ؟ قال خطفها القدر مني قلت :كيف؟ قال: كانت من اصول مختلفة . جاءت من هنااااك من الشرق من بلد يقال لها اسرائيل قلت من فلسطين ؟ قال اجل هربت من الحرب و حين تعرفت عليها احببنا بعضنا لسنين طويلة لكن والدها رفض علاقتنارفضا قطعيا . قلت :و ماذا حصل ؟ قال تزوجت شخصا من بني جلدتها . قلت هي اعراف و تقاليد وجب الخنوع اليها فهي لا تعترف بالحب . قال اجل ثم بكي بحرقة
حاولت مواساته لكن عبث . قلت الم يمر وقت طويل على ذلك قال : اجل و قد تزوجت ثانية و ثالثة و رابعة و في كل مرة كان السبب شيء يشبهها فيهن و كنت اخبرهن عنها فيرفضنّ البقاء معي . قلت : الهذه الدرجة ! قال : و اكثر . قلت : صفها لي .قال : لا توجد كلمات تصفها . كانت كالملاك بيضاء طويلة رشيقة جميلة ؛ شعرها بطول الليل و ظلامه و النجوم تلمع بعينيها اذا ابتسمت عيونها قطفة من الجنة و صوتها كمذيعات الراديو كلما سمعته اسرني اكثر و اكثر
قلت : قلت كانت ! الم تعد كذلك لانها تزوجت غيرك؟ قال بل ارتقت اكثر و اكثر اصبحت نجمة اراها عند الافق بكل شروق و غروب ثم تنهد بحرقة . لم افهم قصده ؛ لكنه اخبرني انها توفيت بعد بضع سنين من زواجها . اشفقت على حاله من حرقة الفراق و حرقة الفقد . قال: لست ادري ايها اشد ألما ثم حمل جسده و كأنه جثة و راح يسحبها بخطوات ثقيلة تاركا الدمع عالقا في عيوني هذه المرة !!!
ريم دزيري ( الجزائر )
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا