علوش يبتلع أحرار الشام

لم يكن حدثا عابرا بل كل الخيوط والدلائل تشير إلى أنه كان مخططا له بدقة ومحدد النوايا سلفا . عناصر من فيلق الرحمن تهاجم مقرا لأحرار الشام في عربين .. إطلاق نار واشتباكات تلتها محاولات التهدئة ورفع الأمر إلى القضاء الموحد الذي يهيمن عليه زهران علوش حيث أصدر القضاء الموحد قرار بإدماج أحرار الشام بفيلق الرحمن واعتبار أن فصائل القيادة الموحَّدة حاليًا هي: جيش الإسلام، وفيلق الرحمن، والاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، وأي فصيل آخر سيتم استئصاله، مع إلزام أي عنصر من أحرار الشام بترك سلاحه للفيلق في حال أراد الخروج . محاولة توحيد الفصيلين المعارضين لم تكن وليدة اللحظة بل تعود إلى عدة أشهر سابقة حيث جرت محاولات لدمج أحرار الشام بفيلق الرحمن بهدف تقليص عدد الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية لكن تفجير رام حمدان الذي حصد قيادات أحرار الشام في ريف إدلب في أيلول الماضي قد أخّر موضوع الاندماج ... المحاولات استمرت وتم الاتفاق فيما يشبه الإطار العام على الاندماج حيث تضمن الإطار العام اتفاقا على كتمان أمر الاندماج وتشكيل مجلس شورى مشترك وتخلي الفصيلين عن اسمهما وبعد الانتهاء من عملية الادماج تتحول الأسلحة والممتلكات إلى الفصيل الجديد . المحاولة لم يكتب لها النجاح بل تعثرت بسبب الاتهامات التي كالتها حركة أحرار الشام لفيلق الرحمن كانفراد النقيب أبو النصر القائد العام لفيلق الرحمن بالقرارات دون الرجوع لمجلس شورى يفصل في القرارات الصادرة عن القيادة بالإضافة لادعاءات أخرى كطلب تغيير اسم فيلق الرحمن بعد الاندماج وتعطيل الشوري ، الرد من فيلق الرحمن بإدعاءات التفرد كان النفي مبررا عدم انعقاد مجلس بانشغال قادة الفيلق بالمهام في مناطق مختلفة من الغوطة. ثم تفاقمت الأمور أكثر بعد نشر بيان على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي مآله إعلان الاندماج الكامل بين الفصيلين وهو ما رفضته أحرار الشام واعتبرته خروجا على الاتفاق مما فاقم الأمر بينهما وصولا إلى الصدام المسلح المباشر في مدينة عربين عندما هاجمت عناصر من فيلق الرحمن مقرا لأحرار الشام بحجة نزع السلاح منهم لأنه بات ملكا لفيلق الرحمن مما أدى الى سقوط العديد من الاصابات وتم بعدها توجيه الاتهام إلى نائب قائد الحركة في الغوطة المدعو أبو موسى كناكر بأنه يسعى لشق الصف حيث جرت مداهمة لمقر أبو موسى وكناكر وتم اعتقاله من قبل جيش الاسلام واقتياده إلى جهة مجهولة . الاشتباكات طوقت وتم إحالة القضية برمتها إلى القضاء الموحد الذي يهمين عليه علوش وزمرته وقضى القرار الصادر بدمج احرار الشام بفيلق الرحمن بعدها . أحرار الشام رفضت القرار مطالبة باللجوء إلى محكمة شرعية مستقلة واستندت الحركة في بيانها إلى عدة أمور دفعتها لرفض قرار المجلس القضائي الموحد، حيث اتهمته بالتسرع في إصدار الحكم دون الاستماع لكافة الشهود، وعدم وفائه بجميع تعهداته في اعتقال عناصر "فيلق الرحمن" المتورطين بالهجوم المسلح على مقرات الحركة في بلدة ‏عربين‬ إضافة إلى تجاهل المحكمة لشرط حضور قائد ‫ جيش الإسلام‬ ‫ زهران علوش‬ ورئيس هيئة القضاء "أبو سليمان طفور" في جلسات المحكمة الخاصة بالقضية، وغياب قائد "فيلق الرحمن" النقيب "عبد الناصر شمير" عن الحضور بعد الدفوع الجديدة بحسب بيان صادر عن حركة احرار الشام . وبحسب البيان فإن حركة أحرار الشام نفت موافقة قيادتها الأم على اندماج فرع الحركة في الغوطة مع فيلق الرحمن وأن الأمر لا يعدو أن يكون تكليف بالعمل المشترك ولم يصل حد الدمج هذا البيان استتبع ذلك ردا مباشرا من فيلق الرحمن أدانت فيه عدم قبول حركة أحرار الشام لقرار مجلس القضائي العام معتبرة المجلس تجربة نموذجية رافضة المزاودة عليه مؤكدة على قرار اندماج أحرار الشام بفيلق الرحمن وان الغاية مما حصل في عربين كان هدفه شخص كان قرار الحركة تحييده وعزله من منصبه ثم بات نائبا لقائد الحركة ودعا بيان الفيلق إلى اعتذار حركة أحرار الشمال وسحب بيانها وتعتذر عن إساءتها لمجلس القضاء في الغوطة وفيلق الرحمن !! أحرار الشام وجدت نفسها في موقف لا تحسد عليه سيما وإن لعاب علوش قد سال وأنيابه قد شحذت لافتراسها على غرار ما فعل بجيش الأمة لذلك وفي محاولة منها لنزع الفتيل وتجنب التهامها أعلنت أخيرا انصياعها لقرار مجلس القضاء في الغوطة وأنها ستسلم مقراتها وأسلحتها لفيلق الرحمن مع احتفاظها بحقها في استئناف الحكم الصادر عن القضاء والذي أكدت على عدم إنصافه بحق الحركة وأكدت على الانفكاك الودي وفق أحكام القضاء وجددت الحركة مبايعتها للمدعو هاشم الشيخ أبو جابر قائد للحركة على السمع والطاعة . تسليم السلاح يعني من الناحية العملية خروج أحرار الشام من الغوطة الشرقية وتعزيز هيمنة زهران علوش على كل مفاصل الحياة فيها حيث طموح علوش الذي لا يقف عند حد لأن أطماعه في كل يوم تتضخم بدون رادع فهو لم ولن يتوانى عن تصفية خصومه وهو في سبيل ذلك قضى على جيش الأمة وحاول مواجهة تمدد داعش في مخيم اليرموك وباغته في عقر إمارته بالحجر الأسود ولاقاه في برزة والقابون في استعراض للقوة لا يخفى على المتابع أنه مسعى من علوش لتكريس زعامته وتقديم نفسه بأنه القائد الذي لا يشق له غبار وهو في سبيل ذلك يحاول أن يقدم نفسه البديل الأصلح الذي يمكن الاعتماد عليه عربيا ودوليا وذلك يفسر زيارته إلى تركيا بأنها ليست أكثر من تقديم أوراق اعتماده للجانب التركي متسلحا ببعض الانجازات العسكرية منها قصفه لدمشق بالصواريخ ومحاربته لداعش وتوعده للنصرة وإبادته لجيش الأمة واليوم إزاحته لأحرار الشام وبذلك يمكن الاعتماد عليه ودعمه سيما وانه يحظى بالقبول السعودي والتركي على حد سواء وهو ما سيتكشف خلال الأيام القادمة من نشاط علوش في تركيا وما إذا كان سينتقل بعدها إلى السعودية وقطر . زيارة علوش إلى تركيا أريد لها استقطابا إعلاميا الهدف منه تعويمه سياسيا وعسكريا وإعلاميا ولكن هل يستطيع علوش فعلا التغلب على منافسيه وخصومه من المعارضة التكفيرية كداعش والنصرة وما هي مدى قوته وحضوره خارج حدود الغوطة ؟ أسئلة كثيرة تطرح في هذا السياق لا يمكن فصلها عن نتائج ما يدبر في تركيا والتي على ما يبدو أنها قد تستخدم علوش منصة لها لتعزيز نفوذها لدى الفصائل المعارضة وتقديمه غربيا بانه الإسلامي " المودرن " على النموذج العثماني وأنه الأقدر على محاربة داعش والنصرة والحكومة السورية على حدا سواء وبالتالي حصوله على الدعم الأمريكي المطلق تسليحا وتمويلا وفق الرغبة التركية . الحدث - زنوبيا