شبكة سورية الحدث


رحلة شقاء… كشف المستور

بقلم رولا نويساتي  رحلة شقاء الأبواب العديدة التي طرقها (نادر) لاستدانة مبلغ من المال يستطع من خلاله شراء منزل صغير حتى لو كان عبارة عن غرفة واحدة يأوي به عائلته الصغيرة المؤلفة من أربعة أشخاص سدّت كلّها في وجهه إلى أن انتهى به المطاف عند أحد أصدقائه الذي وجهه بدوره إلى أحد الأشخاص الذين يملكون ثروة هائلة من معارفه, وبعد أن عرض (نادر) قصته على ذاك الشخص الذي يدعى (مروان) وافق على طلبه بشرط أن تقوم ابنة (نادر) والتي تدعى (هناء) بالعمل لديه كخادمة، كون منزلهم كبير وزوجته تحتاج لخادمة أخرى إضافة إلى الفيلبينية التي تخدم أسرتهم منذ زمن... صعق (نادر) لذاك الطلب كون ابنته لم تتجاوز (14 عاماً) إلا أن الفقر والعوز اضطره لقبول ذاك العرض على أن يأتي (نادر) بابنته في اليوم التالي لتنفيذ الاتفاق... شروط وتسليم في اليوم التالي قام (نادر) بتسليم ابنته الصغيرة لعائلة (مروان) وقلبه يعتصر حزناً، بعد أن استلم مبلغ (250 ألف) ليرة سورية, وهو ما طلبه (نادر) على أن يقوم (مروان) باقتطاع مبلغ (5000) ليرة سورية شهرياً مقابل عمل (هناء) لديهم إلى أن ينتهي المبلغ المستدان، وكان من أحد الشروط المجحفة بحق الطفلة العاملة هو عدم ذهابها إلى منزل ذويها أبداً طيلة تلك الفترة، على أن يأتي والدها أو والدتها لزيارتها حصراً في منزل (مروان) بالشهر لمرّة واحدة ولمدة ساعتين كحد أقصى... توالت الأيام والليالي و(هناء) تحتمل ظلم عائلة (مروان) لها وجبروتهم عليها، مع أنها كانت تتحمل كافة الأعباء وتنفذ كل ما يطلب منها بدقة، إضافة إلى قسوة الفلبينية التي كانت تملي عليها الأوامر وتلقي ببعض الأعمال التي كانت تطلب منها أيضاً على كاهل تلك المسكينة التي إذا ما رفضت أوامرها تبدأ بتهديدها بالشكوى عليها لرب المنزل والذي سيقوم بدوره بضربها بشدة. خطة دنيئة مرت سنة على هذا الحال وكان أهل (هناء) يزورونها مرة واحدة في الشهر حسب الاتفاق المبرم بينهما إلى أن منع (مروان) عنها تلك الزيارات إلا بوجوده, وبعد قرابة السنة قطع تلك الزيارات عنها نهائياً بحجة أن ابنتهم قد نقلت إلى فيلا أخرى لهم في منطقة مغايرة للاصطياف مع العائلة، أما (هناء) فقد تم إقناعها بأن أهلها قد تخلّو عنها ولم يعد لديها سوى الجلوس ضمن تلك العائلة لخدمتهم ، في تلك الأثناء كان ابن (مروان) والذي يدعى (باسم) قد أصبح في ريعان شبابه, والذي كان يقتنص مفاتن (هناء) التي بدأت تتفتح براعمها, فأخذ يخطّط لقطف تلك الزهرة والنيل منها لإشباع شهواته ورغباته, وبعد تفكير طويل ووضع خطة محكمة للوصول لمآربه طلب (باسم) من والده اصطحاب (هناء) لشراء بعض الحاجيات لها من السوق كون والدته مسافرة خارج القطر... حيث قبل الوالد طلب ابنه الوحيد دون أي تردد، وعلى الفور طلب من (هناء) تجهيز نفسها وقام باصطحابها بسيارته الخاصة وشراء بعض الملابس لها لإغوائها... وبعد أن انتهى من التسوق أخبرها بأنه سيقوم باصطحابها لأحد الشقق لتقوم ببعض الترتيبات فيها, زاعماً أن هذه الشقة عائدة لأحد أصدقائه الذي سيأتي من السفر في اليوم التالي، و لم تتردّد (هناء) أبداً في قبول ما أملاه عليها (باسم) الذي أغراها ببعض الملابس والحاجيات، كما أنه كان يعاملها من الأساس بشكل لطيف ومغاير لمعاملة عائلته لها. كذبة خيالية  دخل (باسم) و(هناء) الشقة التي بدت أنها مفروشة بأفخم الأثاث بحجة ترتيبها، لكن ما خفي كان أعظم، فقد أخذ (باسم) يلقي على مسامع (هناء) بعبارات الغزل والكلام المعسول، كما أخبرها بأنه يحبها ويريد الزواج منها، وأقنعها بأن هذه الشقة قام بشرائها خصيصاً لها لتكون بمثابة عشهم الزوجي الذي سيجمعهم بعد عدّة أشهر، وأمام كل تلك الوعود لم يكن بمقدور (هناء) سوى تصديق تلك الكذبة التي قام (باسم) بنسجها بحبال من الهوى، وخاصةً بعد تخلي أسرتها عنها ووهبها لتلك العائلة التي لا تعرف الرحمة قطّ... وفي تلك الأثناء قام باصطحابها لغرفة النوم متذرعاً بأنه يريد أخذ رأيها بجمال الغرفة، وما إن دخلاها وجلست (هناء) على السرير حتى بدأ (باسم) يتحسس جسدها الرّقيق الغضّ، ويقوم بإقناعها بنزع ثيابها ومعاشرته لها برضاها كونه بعد عدّة شهور سيطلب يدها للزّواج بشكل رسمي، و لكون (هناء) صغيرة السن ولا تعِ ما سيؤول إليه مصيرها بعد ذلك فقد اقتنعت بكلام (باسم) تماماً، وما هي إلا دقائق حتى كان له ما أراد، وبدأ يعاشرها معاشرة الأزواج بعد أن قام بفضّ بكارتها دون الاكتراث لحالها فيما بعد. هروب من الخطأ بخطأ أكبر بعد انتهاء (باسم) من فعلته الدّنيئة أعاد(هناء) إلى المنزل وكأنّ شيئاً لم يكن طالباً منها عدم البوح بما فعلاه لأي أحد... تكررت اللقاءات بين (باسم) و(هناء) عدّة مرات في ذات الشّقةِ، وفي كل مرة كان (باسم) يتذرع بأمر جديد حتى يستطيع إخراج الفتاة من المنزل بصحبته... حتى جاء اليوم الذي فجرت (هناء) خبراً على مسامع (باسم) كان أشبه بالصاعقة عندما أخبرته بأنها حامل ومن الضّروري إعلان زواجهما بأسرع وقت، عندها لم يحتمل ما سمعه من (هناء) فقام بصفعها وضربها بقوة على بطنها لإجبارها على الإجهاض بعد أن أخبرها بأنّه لن يتزوجها، وكيف لها أن تطلب هكذا طلب من سيدها وهي مجرد خادمة لديه، وما بين أخذ و رد بين (باسم) و(هناء) جنّ جنون الأخيرة التي أكدت بأنها ستفضح أمر (باسم) بين أسرته وجميع معارفه، عندها لم يجد (باسم) حلاً سوى الخلاص من (هناء) للأبد، حيث انقضّ عليها كذئبٍ مفترس وراح يضغط بكلتا يديه على رقبتها الصّغيرة وهي تحاول الاستغاثة ، لكن جميع محاولاتها باءت بالفشل أمام ذاك الوحش الذي لا يعرف الشفقة حتى سقطت بين يديه مفارقة هذه الحياة القاسية التي أضنتها رغم صغر سنها. تزوير تقرير الوفاة لحظات مرّت على (باسم) كانت أشبه بالعلقم كونه لا يدرِ كيف سيتخلص من (هناء) التي تحولت إلى جثة هامدة بلحظات ، فقام بإجراء اتصال مع والده وأخبره أن (هناء) قد سقطت مغشياً عليها أثناء تنظيف منزل أحد أصدقائه، وأنه لا يدرِ ما يتوجب عليه فعله فأجابه والده بأن يأتي بها إلى المنزل وسيقوم بإحضار الطبيب فوراً وبالفعل تم إحضار جثة (هناء) إلى المنزل كما هو متفق على أنها لا تزال على قيد الحياة, حيث أكد الطبيب بأن (هناء) قد فارقت الحياة منذ حوالي الساعتين بسبب نزيف حاد أثناء الإجهاض بعد تعرضها لضرب مبرح، وهذا ما أكده وجود الكدمات والسّحجات على كافة أنحاء جسدها، مما أدهش الأب الذي علم بالحقيقة كاملة من ابنه الذي أخبره على حدا، حيث تدارى الأمر فوراً خوفاً من الفضيحة، وقام بإعطاء الطبيب (500) ألف ليرة سورية على أن يتكتم على الموضوع، ويقوم بإخراج تقريراً بأن وفاة (هناء) كانت طبيعية. كشف المستور في اليوم التالي تم تسليم جثة (هناء) لأهلها بعد رواية كاذبة تم تلفيقها ، وتمَّ إعطاؤهم مبلغ (50 ألف) ليرة سورية لوازم العزاء بعد أن طلب منهم (مروان) دفن الجثة فور استلامها كونه تم تغسيلها و(تكفينها).... ولكن أثناء وداع (هناء) من قبل أهلها شاهد والدها بعض الكدمات على وجهها، الشيء الذي استدعى اصطحاب جثتها ليكشف عنها الطبيب الشرعي من جديد والذي أكد بدوره وجود ملابسة جرمية... عندها تم استدعاء الشرطة وتنظيم الضبط اللازم لتبدأ التحقيقات فيما بعد، وأثناء استجواب العائلة التي كانت تعمل لديها (هناء) تبين وجود تضارب بين أقوال (باسم) ووالده، حيث تم مواجهة (باسم) بالحقائق... ومع تضارب أقواله، وبالإضافة إلى اعترافات الطبيب الذي زور تقرير الوفاة، انهار (باسم) معترفاً بكل ما نسب إليه من تهم، ليتم إحالة كلاً من الطبيب بتهمة التزوير و(باسم) الذي قام بإغواء قاصر والاعتداء عليها ومن ثم قتلها, إضافة إلى والده (مروان) بتهمة التستر على الجريمة ومحاولة إيجاد مخرج لابنه الوحيد, إلى القضاء لينالوا جزاء ما اقترفت أيديهم.
التاريخ - 2015-04-28 4:09 PM المشاهدات 818

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا