شبكة سورية الحدث


حتى تشرق شمس العروبة من المغرب .. بقلم: أمين بن مسعود

حتى تشرق شمس العروبة من المغرب .. بقلم: أمين بن مسعود الناظر إلى بانوراما الأحزاب القومية في المغرب العربي يخرج بنتيجة واحدة مفادها أنها باتت عاجزة عن الفعل السياسي الحقيقي المؤثر في الفاعل السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الأقطار المغاربية الخمسة وقدمت استقالتها الجماعية للأفكار الموغلة والمتطرفة في القطرية الضيقة - من جماعة تونس أولاً وأخيراً- أو الأفكار التجميعية الكبرى المجتزئة لكل خصوصية حضارية والمبتسرة لأية مواسم ثقافية محلية.  والحقيقة في هذا المفصل السياسي, فإن ضعف الأحزاب القومية المغاربية اليوم يعود بالأساس إلى فقدانها للمدخلات الأربع للتغلغل في الفضاءات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية في الأقطار المغاربية ونعني بها: أ - فقدانها لإعلام ولمنظومة اتصالية متطورة يمكِّنها من الحديث مع الآخر القريب والبعيد. ب- افتقادها لموارد مالية قادرة في سياقها الأدنى على تحويل جزء من المشاريع الوحدوية إلى حقيقة ملموسة. ج- افتقادها لخبرة قيادية ولتجربة في الحكم قادرة على فهم السياق الواقعي وكيفية تطويعه خدمة للمشاريع الوحدوية المغاربية والعربية. د- افتقادها لشبكة علاقات مع الدول الإقليمية والدولية من شأنها أن تضع نقاط التقاطعات والتوافقات مع الدول الحرة والمتحررة في السياق العربي والغربي. كثيراً ما توصف الأحزاب القومية المغاربية بـ "الظاهرة الصوتية", حيث تحضر العناوين السياسية الكبرى دون منظومة عمل صارمة تنزّل العنوان إلى الميدان.. والأصل هنا أن التيارات القومية المغاربية افتقدت لحلقة الوصل الرابطة بين الشعار والمشروع والشارع.ذلك أن الشعار- أيا كانت كينونته- يمثل اللبنة التأصيلية والقاعدة الفكرية للمشروع الذي من المفترض أن يلامس الشارع وأن يصلح الواقع المعاش نحو الأفضل، وفي حال لم يردف هذا الشعار بمشروع أو عجز عن التحقق ميدانياً فإنه يفقد أية شرعية أو مشروعية.ومن هنا نفهم الفرق بين التيار الفرنكفوني والتيار القومي في المغرب العربي, فعلى الرغم من افتقاد الفرنكفونيين للعمق الحضاري والتاريخي في البيئة المغاربية مقارنة بالتيار القومي العربي وعلى الرغم من عجزهم التام عن  "تبيئة" مقولاتهم الفكرية وأطروحاتهم الابتسمولوجية في الفضاء المغاربي- اللهم بالاعتماد على ذات مقولات الأنبثروبولوجيين العسكريين الذين مهّدوا للاحتلال الفرنسي للبلدان المغاربية- فإن تمكنهم من رباعية الإعلام ورجال الأعمال والإدارة والدبلوماسية الإقليمية والدولية، مكّنهم من ولوج الفضاء المغاربي والتحكم في جزء كبير من الرأي العام المحلي في حين إن الأطراف القومية لا تزال على هامش الحركة والتأثير وعلى ضفاف الإقناع والتغيير.  نظرة خاطفة لقائمة المقاتلين التونسيين والليبيين والجزائريين المغدورين في سورية تشير من جملة ما تشير إليه إلى أن الحضور بالغياب للتيارات القومية في مواضيع الحرية والتحرر ومسائل كرامة الإنسان وحرمة الأوطان ومفاصل الديمقراطية السياسية والعدالة الاجتماعية وإشكاليات الهوية بين الأصالة والحداثة مكّن أطرافاً من جغرافيا غير عربية من تاريخ غير عربي من فكر غير عربي من تدجين العرب على أرضهم ومن تحويلهم إلى قنابل في مدفعية صهيوأمريكية تدك كل يوم معاقل العرب وعقولهم أيضاً. في يوم من الأيام, استشرف المفكر القومي الكبير الراحل ميشيل عفلق شروق شمس العروبة والعرب من المغرب العربي والحقيقة أن فجر العروبة القادم لا محالة لم ينبلج بعد وغلس الصبح الآتي لم يتنفس بعد أيضاً.. طالما أن هناك من يخشى مواجهة شروق الشمس ويخاف انفلاق الصبح.. حتى لا تنكشف عوراته.. وعوراتنا جميعاً.
التاريخ - 2014-02-28 5:54 AM المشاهدات 1738

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا