شبكة سورية الحدث


تقدّم أميالاً نحو مُعجزتك..بقلم غزل حاتم

تقدّم أميالاً نحو مُعجزتك..بقلم غزل حاتم

سورية الحدث

"تقدّم أميالاً نحو مُعجزتك منتصراً و قاتلاً جحيم ألمِك"
وَقفتُ نصف عُمري على خشبةِ المسرحِ أُصفّق لي، كنتُ جمهوري الوحيد داعمي الأوّل و مسندي الثابت حُريّتي المُكبّلة في سجون مُجتمعي أنا من حرّرتها،  و أنا من ساعدَتْ على غرسِ السّيفِ في قلبِها و أنا الّتي انتزعَته، أمسكتُ بيدي لأُكمل المَسير، بقيتُ أُذَكِّر قلبي بأوجاعهِ و أضغط عليه ليَكتسِبَ قوّة المُواجهة، كنتُ عنيفةً مع أوجاعي دائماً ما أقتلها قبل أن تقتلني، كنتُ معها كشيطانٍ يُلقي تعاويذَهُ على نفسه، لأُحيك مِن خُيوطِ الأملِ نسيجاً لقصّةٍ ستَرسي بسفينتي على شواطِئ لا يهزمُها الخذلان.
و يوماً ما كانَ لديّ أحلام و فراشات تدور داخِل عقلي مع ابتسامةٍ طفيفةٍ تَعتلِي وجهي و أنا بانتظار تحقيقها، كنتُ أوّد استقبالها بزغاريد و دُموع الفرح و لكنّ زيف إيماني بِنَفسي و إدعائي القوّة عندما نَعَتني الجَميع بالضعيفة جَعلاني أَقع خديعة مُجتمَعٍ يساعدكَ على الوصول إلى القاع، كانَ قلبي ضَريحاً لحربٍ ضد الذات في المرتبة الأولى و في المرتبة الثانية ضد مُجتمَع يجعلكَ تُؤمِن بفشلك، حتّى باتَ قلبي كبلدٍ التهمتهُ الحَرب و لم يبقَ منهُ إلّا الخراب و الدّمار، بلا سُكان و لا جنود و لا ذَخائِر، حُرِقَ حتّى بات رمادهُ يُناجي من نارٍ لا ترحم و يا ليتَها حرقَتْ هشاشةَ ألمي أو قذفَتْ قُنبلة لتُفجر لُغماً أليماً مستبطناً أسفلَ حلقي، أتى حُلمي بشكلٍ يفتحُ  آفاقاً جديدةً للألَم ، لم يكُنْ حُلماً بل كان خيبةً تنتقل فيها مِنْ تِلكَ الابتسامة الطفيفة إلى ملامح مُتجمدةٍ تنتظر فرجَ الدّموعِ ،و هل تدري بمعاناةِ دمعةٍ تقف عند زاوية عيني تَنتظِر أَنْ أَرمش لتَسقُط؟، هل تَدري بحَجم الغصّةِ الّتي ابتلعتُها بدلاً مِنَ الانفجار؟، هل تدري بالوجع الّذي هشّمَ روحي و أنا أقف بسلامٍ لا يعبّرُ مِثقالَ ذرةٍ عمّا يحدُث بداخلي، أقفُ بانتصابةِ قائدٍ فازَ الحرب و خسِرَ كُلّ ما تبقى منهُ، فكانَ الله في عونهِ.
كنتُ أتلاشى و أتجردُ من صراعٍ مستميتٍ يتلبسني أُناجي خالقي لإيقافهِ، كنتُ أغرق في محيطٍ يحملُ لعناتٍ شتّى و ندبةً مخلّدةً على جدرانِ قلبي مع دموعٍ مُمتزجةٍ بماءِ الوضوء تُناجي رحمةَ السّجُودِ و لكنّ أرجُلها قطعتْ و يقينها يرتابهُ الشّك، إنّها ذات الدّموع المسجونة و حُريتها مُكبّلة داخل أعيُن لا تقوى على الرّمش مرةً أُخرى.
أُحاربُ نصف دمعة و نصف حلم و ابتسامة معلّقة لا تكتمل، و أعيشُ على قيدِ أملٍ هاربٍ من تِلكَ الابتسامة الّتي أصبحتْ تبكي ، فإنّ ابتسامتي باكية و أرضي قَاحِلة و روحي تائِهة، أحملُ رجاءً يدفعهُ قلبي لِيتحقَق و لكن دون جدوى.
فقط أوّد أنْ أَصلْ إلى نهايةِ هذا العَجز، أملُك قُصاصات الأوراقِ الّتي كتبتُ عليها حلمي سأقومُ بحرقها، و لديّ تِلكَ النظرة الشاردة الّتي كانت تتلبسُ وجهي عندما أتخيل تحقيقهُ سأتخلصُ منها، و لديّ وجع عدم تحقيقه سأُعذبهُ حتّى يهرُبَ منّي و بعد ذلك سأُكمل الطريقَ قاتلةً العاطِفة و نصف الدمعة، محافظةً على الابتسامة المعلّقة لأُكملها، و الآن جسدٌ يرتعش و يدان ترتجفان من هولِ المنظر، و بعدها لا شيء ... لا شيء سِوى أعيُن زائِغَة تنتظر إغلاقها إلى الأبَد، ها قدْ قتلْتُ حُلمي بعدَ أن تخلّى عني جَسدتُهُ في مُخيّلتي على هيئةِ إنسانٍ نصفهُ يحمُل حلمي و نصفهُ الآخر يحمُل مُجتمعي لأرتكِب جريمتي الّتي ستستدعي معجزة إنسانٍ ولدَ من عمقِ الوجع.
و بينَ ليلةٍ و ضُحاها دافِعٌ جديد يقتُلُ كُلّ ما تبقى مِن أَنين و وجعٌ يتحوّل إلى قوّةٍ ترسُم الطريق و أَمَلٌ يُرسَل من فجرِ المُستقبل ليَسقي بذرةَ حُلمٍ خاضعٍ ليقينِ حاضرٍ يشُكُ بالجيل، و من نطفةِ شَغفٍ يولد سَأُكملُ لوحةً ممزوجةً بضوءِ فكرةٍ سيبتكرُها فنان كُسرَتْ فُرشة الضوء لديّهِ ليُخلّد نور أجهضَ روح السّواد من عقدةِ نقصٍ أكمَلتها روح الإيمان بالذات، و سيمفونية ستُعزف من قبلِ موسيقار لا يؤمنُ بالمعجزات سيسمعها رجلٌ أبكمٌ فينطق منها كلمتهُ الأُولى فتخضع ذرات جسدهِ لقوّة الإيمان بالمعجزات المُستحضرة من معجزةٍ اسمها الإنسان.

التاريخ - 2021-12-13 1:25 PM المشاهدات 2845

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم