شبكة سورية الحدث


يوماً ما..بقلم آية أيمن عروس

يوماً ما..بقلم آية أيمن عروس

سورية الحدث

يوماً ما 
•••••••••••••••••••••••••••••
سَتقتُلني يوماً ما...أعي ذلكَ عن كَثب،أتعلَم سأقتُلُكَ اللَّيلة قبلَ فوات الأوان ،صورةٌ لي أقفُ أمامَ ضريحكَ أذرفُ الدّموعَ بحرقَةٍ لأُكَلِّلَ ذهابِكَ بالورد بعدَ أن قتلتُكَ بنفسي،كُنتَ عاشقاً وفيَّاً لتلكَ الورود عشقتُها أيضاً أنا مُذ ناديتني أوَّلَ مَرَّةٍ يا وردتي،فَقيدي الجَميلُ متمَرِّدٌ على روحي لكن! لا يا عزيزي تلكَ روحي و ذاكَ قلبي دَعكَ منهم لَن تحصُلَ عليهما في دُنيتكَ البَعيدَة.
صورةٌ أخرى لي أقفُ بعدَ مُنتَصفِ اللَّيل بساعات ،أقفُ أمامَ نافذتي لأتَّكىءَ عليها أنا و أحزاني، هذهِ هي النَّافذة نَعم ...كُنتَ و بشكلٍ اعتيادي تأتي إليها ليلاً لترى مبسمَ ثَغري، أقفُ وراء زُجاجِها طوالَ ساعاتِ اللَّيل حتّى يبزُغَ الفجر انتَظركَ حتّى تأتي الشَّمس و تُعلِمُ بَصيرتي إنّي قتلتُكَ مُسبقاً، لعنَتُكَ تتبعُ أناملي الّتي أنهَتك.
ثرثرةٌ مُزعجة ... ظلامٌ حالِكٌ في روحي ... صرخاتُكَ و آهاتِكَ مُتردِّدَةٌ في مَسمعي ... في وسطِ هذا الرُّكام المتناثر بينَ أشقَّةِ قلبي و حُجراتِ روحي أتى ذَنبيَ ليجثو بكلِّ ما أُعطى من قوَّةٍ على فؤادي.
أشعرُ بنفسي أنَّ عُمري بدأَ بالتلاشي هل مَرًّت سنينُ عُمري و أنا عندَ تلكَ النّافذَة انتَظِرُك كيف؟ كيفَ لَم ألحَظ أنَّ جماليَ قَد ذَبُلَ!  أو حتّى كيفَ تآكلَ الشَّيبُ من شعريَ الأسوَدِ الطّويل؟ 
رَبّاه قَد مَرَّ مِنَ العُمرِ ثمانيةً و سبعونَ عاماً هذا رهيبٌ حَقّاً! قضيتُ عليكَ في الثّالِث و العشرينَ من مولِدِك هذا لا يُصَدَّق،  فَقيدي أمازلتَ على قيدِ الحَياة؟  أم على قيدِ روحي الّتي ارتكزت على المَعصيَة؟ أم أنتَ على قيدِ اللّاشيء؟
يوماً ما سأذهَبُ للفناء سأراكَ هُناكَ حَتماً سأطلبُ السّماح و إن لَم تقبل أعِدُكَ أنّي سأقتُلُكَ كما فعلتُ مُسبقاً، مُثيرٌ للضَّحك أنا لستُ موجودَةٌ في الواقع لكنَّني موجودَةٌ في الحياةِ و عالَمِ الأحلام أُهيِّأُ نفسي للفناء و أنتَ في الأصلِ مُنعدمٌ منَ الوجود ،لَم يبقَ إلّا كِتاباتي و كلماتي الّتي حَفرتُها بأظافِري على جُدرانِ غُرفَتي البَيضاءَ تماماً الخاليَةَ من كُلِّ شيء لا يوجَدُ فيها إلّا كُرسيٌّ خشبيٌّ واحد لِكَي أُجالِسَ الجُدران ،غُرفَتي في أعلى البناء في الطَّابقِ العاشر، و لا يوجَدُ الآن إلّا أنا و ثوبيَ الأبيض الّذي ألتَهتهُ الثَّمانيةَ و السَّبعونَ عاماً،  و شعريَ المُجَعَّد المُعرقل، في كُلِّ صباحٍ أنتَشلُ شعرَةً من رأسي و أرميها منَ النّافِذة هل ما أقومُ بهِ جنون؟ 
كم إنَّني حمقاء لا يوجَدُ أحدٌ للجواب لَكن في قوانينِ عَقلي هذا ليسَ جنوناً إنَّما إيمانٌ بأنَّني سأموتُ في يومِ انتشالِ آخرِ شعرَةٍ... هاااه يَبدو عُمري طويلاً خمسٌ و أربعونَ عاماً، لا تقلق يا فَقيدي سأملأُ الجُدرانَ بأكمَلها، يوماً ستتعَفَّنُ جُثَّتي تِلك لأنَّني قلتُ مُسبَقاً أنَّني في الطّابقِ العاشر و ليسَ لي أحد كُنتَ أنتَ الشَّخصَ الوحيد و أنا جَعلتُكَ تَرحل و في الأصلِ بابُ غُرفَتي مُغلَق للأبد لَكن في الواقع هوَ مفتوح!!
مُثيرٌ للجدَل، و أنتُم يا سادَة سترونَ حُصلاتِ من ظَفائِري على بابِ غُرفَتي المُغلَقَة قَطَّعتُها بأسناني سَترونَ كَم هيَ جميلَة.
ها أنا أمامَ نافدتي استندُ إليها مَعَ شوقي للموت،  أيُّها الخمسَةٌ و  الأربعونَ يوماً هيّا أمضِ أتوقُ شوقَاً لِلُقياه في الفَناء يوماً ما.
ها قَد اقتربَتْ نهايتي... قَتلتَني و أنتَ مَيِّتٌ بالأصل.

{ آية أيمن عروس }
•••••••••••••••••••••••••••••

التاريخ - 2021-12-31 5:15 PM المشاهدات 2687

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم