شبكة سورية الحدث


أقاويل.. بقلم الكاتبة إيناس حايك

أقاويل.. بقلم الكاتبة إيناس حايك

سورية الحدث

/أقاويل / 
/قلبي الذي كتب /
يقولون في تشرين 
إن الحزن مثل الجو ماطر 
يقولون أن الله باقي والظرف عابر 
يقولون أن الله قادر 
يقولون أن الغرب كيف يفرّقنا حائر 
يقولون أن الجوع بالدين كافر 
يقولون أن العدو طمّاع وغادر 
يقولون أن السيف في الجرح غائر 
وأن الأرض امرأة تكابر
يقولون أيضاً أننا ضلع قاصر 
يقولون أن السلاح على الطفولة جائر 
يقولون أننا إذا أفلتنا من الطوابير 
ستنال منا أصواتهم في المقابر 
يقولون أن الحزن في كل عين ساهر 
يقولون أن الصديق ماكر 
يقولون أن صوت الحب من إحدى الكبائر 
يقولون أن الحب نادر 
ونقول نحن حدود الأرض يوما سنغادر 
وأن أعيننا مهما تحجرت ستستلم أخيرا وتذرف مقطع دافئ من أغنية فلكلور قديمة
 ينزفها صوت حنون في حنجرة كل مهاجر
 وفي المقهى ستسألنا بذة مخملية ترتدي نادلاً أنيق المظهر
 "تقاطيع وجهه تذكرنا ببائع أرغفة الخبز في أحيائنا الشعبية"
  إذا كنا نرغب بمزيد من السكر في قهوتنا الملكية 
وسنومئ 
بينما نود لو ننتزع من وجهه كسرة الخبز المعطرة بالبؤس 
وسنذكر يوماً 
بينما تدق كؤوس الويسكي "بالكرز الحامض"
  في ممر ضيق سقفه أرجواني مستعار 
كيف كنا هناك في أحياء لم تتبناها يوماً خارطة ولا هوية 
نرتشف الماء المحمّل بذرات الكلس 
ونأكل سندويشات المربى التي صنعت من أجلنا بأنامل معجونة بالحب 
هناك ..على بعد ثلاثة عوالم من الظلام 
في عتمة الأزقة التي تصل شرايين الأحياء ببعضها
عندما تبعنا قلوبنا للمرة الأولى 
 وعندما كتب أحد الصبية على جدران منزل جميلة الحي رسالة كنفاني لغادة 
 وعندما كان يدس لها في أحضان النافذة رسالة تنساب منها أشعار نزار بخط طفولي كتب على عجل 
 كم  رددنا أشعار سليمان العيسى حتى تعبنا 
كم كنا نحس بالسعادة عندما نخربش أسماءنا على لافتة طبيب الحي الوحيد 
ويطردنا أحد الباعة متلفظاً بعبارات تربطها قرابة مع الحي مثل " يا عفريت أنت وياها" 
هناك 
على بعد ثلاثة عوالم من الظلام 
كم كانت تعلو أحاديث الجارات في سهراتهم على شرفة هرمة ملّت كونها مقر اجتماعات النسوة في الحي
 تود لو تعطي رأيها في أحاديثن حول تعاستهن مع أزواجهن 
 هناك 
كم قاومنا رغبتنا في البكاء 
قبل أن تجلدنا أمهاتنا 
على أمل أن نكتسب المزيد من التهذيب في سلوكنا معهن
ورغبتنا في الرقص على أغنية شعبية تصدح في مواقف المواصلات
كم كنا سعداء في تعاستنا 
وبسطاء في أحلامنا 
كم تمنينا ألا نكبر وتضيق فينا أزقة حي احتضننا لسنوات طويلة 
وكم تأخرنا في أن نفهم أم زياد لما غنت 
"سنة عن سنة عم يغلى عقلبي عهد الولدنة" 
يقولون أولا يقولون 
يثأرون لطفولتنا أو لا يثأرون 
سنقول نحن 
إذا ما كبرنا 
وسنبوح للياسمين على هذه الأرض 
كل ما بقي عالقاً على بوابة شفاهنا الوردية 
وسنمشي بلا قدمين ونرمي كثيراً من الياسمين على جبل العظام

~إيناس حايك~

التاريخ - 2022-01-27 11:59 PM المشاهدات 207

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم