شبكة سورية الحدث


كارثة عاطفية.. بقلم سليمان أيمن حمودي

كارثة عاطفية.. بقلم سليمان أيمن حمودي

سورية الحدث

/كارثة... عاطفية /

أحبّك، بكلّ ما فيّ، بفرحي الوحيد وبكلّ أشجاني، بسعادتي المُستَعجِلَة وبحزني الوفيّ جدًا، بخضوعي، بجموحي، بكفري، بإيماني، بصدقي وبكلّ أكاذيبي... أحبّك.
هكذا كنتُ.
كان للعالم كوارثه كحرائق الأمازون، تسونامي اليابان، وزلازل تركيا واليونان، وكان لي كارثة غيابك.
بكارثتي صغيرة النطاق هذه، كُنت أضاهي العالم آسىً وحزنًا.
كان العالم يفقد رئتيه، بينما كُنتُ إذا ما غِبتِ أفقد أنفاسي.
كان اليابانيون يبتلعون ماء البحر إلى أن يبتلعهم، وكنتُ أبتلع مرارة الفقد وتبتلعني، وأصارع ماء البُعد مُحاولًا النجاة من حتفٍ لا نجاة منه.
أيّ أحمقٍ قد يجابه غضب الأرض؟
أولئك الحمقى كانوا الأتراك، يصارعون بحبهم للحياة الأرض، مُحْتَمين بمنازلهم، ناسين تمامًا أن منازلهم تلك، هي أبناء لهذه الأرض معمولة من صُلبها، فتصارعهم الأرض بحتمية الموت وصلة قرابتها بالبيوت، كنتُ أشاهد بيوتهم تتهاوى فوق رؤوسهم، ورغم ذلك استمرّيت ببناء منزلي... كنت واثقًا بك.
لكني بطرفة عين شاركتهم جميعًا بجميع صراعاتهم.
لم أختنق، لم أغرق، ولم أمُتْ مهروسًا تحت سقف منزلي، بطريقةٍ ما نجوت... لكني كنتُ الأشد تألمًا.
فهم لقوا مصرعهم، وأنا نجوت دون ذاكرتي... ذاكرتي ظلّت تختنق، تغرق، وتُسحق كلّ ليلة تحت سقف أحلامها.
كان غيابك لاذعًا كحريق، واسع النطاق كتسونامي، وخاطفًا كانهيار.
هم أكيدٌ أنهم أغضبوا الطبيعة، لكني لم أفعل... ولن أفعل، فخذي مني ثأرك لأجل ذنب لم أرتكبه.
اقتصّي مني عن خطأ لم أقترفه.
اضربي ما شئت في ظهري، فسياطك ما عادتْ تُؤلِم.
اضربي ما شئت لكن لا تُخطِئي العَد، فنعيد من البداية، لستُ مُتألمًا صدّقيني، لكني على عجلةٍ من قهري؛ فاستعجلي ولا تُخطِئي العَد.
اضربي ما شئتِ وانتهي بسرعةٍ، ثم اقطعي لي قبل أن ترحلي قطعة من ثوبك... لا لأذكرك بل لأمسح بها ما سال من دمي.
هاتي من ثوبك قطعة، وارحلي مسرعةً، أشياؤك قرب الباب جمعتها لئلا بها تتذرعي.
أسرعي بالرحيل لستُ خائفًا أن أمنعك، لكني بالكاد أمنع أدمعي.

/ سليمان أيمن حمودي /

التاريخ - 2022-02-23 7:18 PM المشاهدات 564

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم