شبكة سورية الحدث


أتمنى أن لا يقرء صديقي هذا المقال!..

أتمنى أن لا يقرء صديقي هذا المقال!..

 

سورية الحدث _ كتب مدير التحرير
جلست في المقهى وأنا أستذكر كلام أحد المسؤولين عندما قال أن الصحفيين يكتبون مقالاتهم في المقاهي وينظٌرون على الناس، ونسي أن المقاهي هي أحد الأماكن التي يجتمع فيها نخبة المثقفين، وهناك يستمع الصحفيون لهموم وقصص الناس،  كنت انتظر قدوم صديقي الذي ما إن جلس أمامي حتى ابتدرني قائلاً: يا رجل الحياة هنا لم تعد تطاق.. منذ أن فتحت عيوني -تكيت- ٢٥ ألف ليرة.. نصف كيلو حلاوة ونصف كيلو جبنة وكيلو فول وربطتين خبز وكيلو سكر.. 
وقبل ما أنزل ع الوظيفة مرقت على عامل الصحية أخد مني ٣٥ الف ليرة أجرة تصليح الحنفيات.. الحنفيات عندي كلها عم تنقط.. وقبل أن أفتح فاهي أردف قائلاً: لا تقلي هي مرة كل كم سنة، البيت ما بيتلحقلو.. الشهر الماضي صلحنا مضخة المي ٥٠ الف ليرة بالزور، والي قبلو البراد ٧٥ ألف ليرة  تعباية غاز، والي قبلو اشترينا جرة غاز من السوق السودا ب١٢٥ ألف ليرة بقا ما تقلي.. وتابع قائلاً: اي سيدي وأنا بالوظيفة اتصلت الست الوالدة قال لح تجي لعندي عالغدا هي وأبي وأخي، حرام قالتلي لا تعمل شي.. كواج وبطاطا مقلية بكفو.. طلعنا من الوظيفة.. جبت نص كيلو لحمة، مو حلوة الكواج بلا لحمة قدام أهلي.. ٢٠ ألف سلامة خيرك، ٤ كيلو بندورة ٤٠٠٠ ليرة، ٣ كيلو بطاطا ٤٥٠٠، ليتر زيت نباتي ١٥ ألف، وجبت بطيخة ب ٦٠٠٠ ليرة وكيلو ونص عنب ٤٠٠٠ ليرة.. ٥٣ ألف ليرة وخمسمية متل الشاطر دفعتن..
وفكرك خلص النهار.. بعد ما تغدو أهلي وراحو، رحت على دكتور الأسنان عندي موعد.. عطيتو دفعة ١٠ آلاف، رجعت عالبيت مخدومتك بنتي موجوعة من معدتها الها كم يوم، اليوم ما عادت تتحمل، أخدتها لعند الدكتور.. ٨٠٠٠ ليرة كشفية، و١٥ ألف ليرة دوا وصفلها مسكنات وفيتامينات، وقلها وجع معدتك من قلة التغذية، لازم تاكلي بروتينات بيض ولحمة وتشربي حليب، حرام عندك بكلوريا هالسنة.. شايف أبوها وزير العينتين.. أي سيدي، وبلا طول سيرة فوق هدول حطينا ٣٥ ألف ليرة أجرة تكسي روحة ورجعة.. 
وانا جاية لعندك قالتلي وزارة الداخلية جيب معك وقية بن منشان بكرا..
وسحب نفساً طويلاً من أركيلته ورشف من كاسة الشاي وقال لي: بربك الحكومة ما بتستحي على حالها عم تعطينا هيك راتب..
لولا ابني الي سفرتو من سنتين شو كان صار بحالتنا؟
ولأول مرة يفتح لي المجال بالحديث لأقول له.. ثلاثة هم الذين يستطيعون الحياة في هذه البلد اليوم.. فاسد، ومرتشي، ومن يعيش على الحوالات الخارجية.. وأما من تبقى هم أناس يموتون موتاً بطيئاً، ولو لم يكن الانتحار حراماً لانتحروا، كم من أب يدعوا على نفسه أن لا يستيقظ صباحاً، وكم من شاب ينتظر فرصة ليهرب خارج البلاد، حتى الفتيات أصبح حلمهن الزواج خارجاً.. لأن الحياة في هذه البلاد أصبحت مستحيلة..
طلبنا الحساب وتقاسمنا الفاتورة وافترقنا على أمل اللقاء..
٢٠٠ ألف ليرة مصروف يوم واحد لصديقي، هذه هي تكاليف المعيشة الحقيقية اليوم وبأقل مقومات الحياة، ٢٠٠ ألف ليرة واستثنينا منها فواتير الهاتف والكهرباء والماء وربما أجرة منزل أيضاً.. اللهم نسألك الفرج..
#سورية_الحدث - محمد الحلبي

التاريخ - 2022-08-18 3:12 PM المشاهدات 534

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم