شبكة سورية الحدث


حلول مبتكرة لحل المشاكل في زمن الأزمات والعقوبات تحقق الأمن القومي

سورية الحدث ..بقلم الدكتور دريد دغام  قد ترتفع الاسعار بسبب انخفاض الانتاج أو الاحتكار في زمن الأزمات والعقوبات وإشكاليات سعر الصرف....بالمقابل قد تنخفض بسبب تقلص الاسواق (عبر النزوح للخارج أو الداخل او التقشف القسري) او زيادة العرض سواء من عوائق التصريف الناجمة عن الازمة أو في سوق المستعمل (تكاثرت موارده من عمليات السطو والسرقة..). وهكذا تتناقض العوامل مما يفسر جزئيا التباين بين مرحلة أو منطقة وغيرها. وهنا ياتي دور الدولة بأن تكون فاعلة أو منفعلة مع تلك العوامل. وهذا ما يدفعنا إلى الخوض لمزيد من موضوع العملة السورية وإشكالية زيادة الرواتب التي يترقبها كثيرون.  وتنتشر الإشاعات حول كون النقود المطبوعة حديثا غير مقبولة مقابل العملات الأجنبية. انتشرت هذه الإشاعة عندما طبعت فئات 50 و100 و200 وها هي تنتشر من جديد لأسباب متعددة تتنوع بين التنظير الساذج للبعض والرغبة بالإساءة للعملة الوطنية لدى البعض الآخر. وبغض النظر عن لونها الأزرق أو الفوشيا فهذه النقود كما تشتري الخبز والبطاطا والفجل يمكنها شراء الدولار وأخواته.  وهناك من يقول بأن الأموال تطبع بلا تغطية ذهبية. في كل بلاد العالم وبعد انهيار منظومة وبريتون وودز اختارت البلدان بين تعويم عملتها (معظم الدول المتقدمة) أو الالتصاق مع إحدى العملات القوية والسير بظلها وهو حال الليرة اللبنانية والليرة السورية. وتحاول الدول ألا تزيد من طباعة النقود بأكثر من تغطية مناسبة من الذهب والعملات الأجنبية القوية وسندات الخزينة. وقد تطغى الأخيرة لفترات تطول أو تقصر حسب ظروف كل بلد. وإذا تمكنت الدول من تجاوز محنتها فلا مشكلة في زيادة الطباعة لفترة ما شريطة القدرة على إعادة النهوض وترتيب البيت الداخلي بما يضمن تنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة ومستدامة.  والليرة كالدولار وغيره تقوم دوريا بعمليات التحسين اللازمة لتعويض ما يتلف من الأوراق وتحسين مقاومتها للتزوير. تشكل العملة الأمريكية ما يقارب 60% من احتياطي العالم بالنقد الأجنبي. وهذا ما يفسر تواجد ما قيمته أكثر من 1000 مليار من الدولارات الورقية عبر العالم. وفي العام الماضي لوحده وصل حجم الطباعة اليومية للولايات المتحدة لأكثر من 1.3 مليار دولار معظمها من فئة 100 دولار. وبالعودة للشكل المرفق نجد بوضوح حجم الضخ النقدي المتزايد بين عام 2010 و2013 (في ظل سياسة التيسير الكمي التي أغرقت العالم بالأوراق). ويبين الشكل تسارع طباعة فئة 100 $ مقارنة بالفئات الأصغر والتباين أوضح كلما عدنا لسنوات أقدم. ومن المألوف استعمال كلمة أوراق للدلالة على النقود المعروفة حالياً. ولكن النقود الورقية لا تشبه الورق المعرف. فالدولار الامريكي مثلا كي يكتسب متانة ومقاومة أكبر يصنع من القطن بنسبة 75% أما الباقي فيكون من الصوف. وهذا ما يسمح للورقة النقدية عند غسيلها بالخطأ بسبب نسيانها بالجيب أن تحافظ على كيانها قدر الإمكان؛ كما يفترض بالورقة أن تقاوم حتى 8000 طية وسطياً قبل أن تبدأ بالاهتراء. ويفترض بالأوراق النقدية من الفئات الصغيرة أن تعيش 5 سنوات على الأقل قبل الاهتراء بينما يفترض بالفئات الكبيرة أن تعيش بين 10-15 سنة. وهذه مدة أطول لأنه من المفترض بالفئات الكبيرة أن يكون تداولها أقل. وهو أمر صحيح عندما يكون التضخم ضئيلاً ولكن عندما يتزايد التضخم بشكل كبير عبر السنين تصبح الفئات الكبيرة هي الأكثر استخداماً وهي حالة العملة السورية. سنوات ومن أجل إكساب الورقة مقاومة ضد التزوير تستخدم تصاميم وأحبار مميزة إضافة إلى مختلف طرق الطباعة النافرة وتغير الألوان وتوفير الهولوغرام والأنواع خيوط أو شريطة معدنية رقيقة مع الطباعة عليها وغيرها من العلامات المميزة. وفي عملات أخرى (فرنك سويسري وروبل تتواجد مزايا فريدة مثل الكثابة عبر الثقوب الليزرية التي تحدثنا عنها في زاوية سابقة). وتطبع أوراق جديدة لمقابلة النمو الاقتصادي (مع الحرص على عدم خلق ضغوط تضخمية) أو التعويض عما يتلف من أوراق. وتصل التكلفة الوسطية لطباعة ورقة نقدية أمريكية إلى حوالي 10 سنت أمريكي (حوالي 16 ليرة سورية) حيث تزيد التكلفة كلما كبرت الفئة لزيادة عوامل الأمان فيها. بغض النظر عن القطاع الخاص تقوم الجهات العامة بصرف مستحقات شهرية للعاملين بقيمة تقارب 50 مليار ليرة. بوجود التعامل الورقي الضخم ستشكل أي زيادة بنسبة 50% على الرواتب طلبا على الأوراق النقدية بما لا يقل عن 25 مليار ليرة إن أخذنا بالاعتبار الحاجة لمواجهة ما يتلف من الاوراق النقدية واحتياجات زيادة الرواتب (ليس فقط للعام وإنما للخاص أيضاً). لذلك في كل مرة تتم بها الطباعة لمواجهة هذه الزيادات والاحتياجات لن تقل تكلفة الطباعة عن عدة مليارات من الليرات السورية (والرقم أكبر أو أقل حسب الكمية والفئة ودرجة الأمان المطلوبة للراغبين بالاستمرار بالتعامل النقدي الورقي بدلا من التعامل عبر المصارف؛ وهو موضوع له شجون أخرى ومقاربات مختلفة. وفي ظل الانتاجية الضعيفة والظروف الحالية سيؤدي ذلك للمزيد من الضغوط التضخمية والتساؤلات حول السياسة النقدية والمالية الحالية أمام الاحتياجات الهائلة لأزمة سواء قصرت أو طالت لن تتكشف أوجهها الفعلية إلا بعد انتهاء الحرب. ولهذا السبب سيبقى الاقتصاد الجبهة الأهم فمن خلالها تحقق انجازات تستدعي الاصرار على الدفاع عنها.  هل يستمر الاعتماد على رفع الضرائب والرسوم أو طباعة الأوراق النقدية وترشيد النفقات الشكلية أم نتوقع حلولا مبتكرة تسمح بمقاربة المشاكل بطريقة مختلفة تسمح بتحقيق الأمن القومي الحقيقي المنشود بما يرضي الغالبية "الصامتة"؟
التاريخ - 2014-08-01 5:08 PM المشاهدات 851

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا