سورية الحدث
في الفترة الأخيرة يبدو أنّ المشهد السوري ليس متصدر الحدث العربي العالمي.. غابت ملامح أخباره عن مختلف وسائل الإعلام، وخفت وتيرة الاهتمام بأحداثه، فما يجري في غزة وعرسال وحتى العراق، وإنّ كان بنسبة أقل، أصبح اليوم سيد المشهد.أياً كان، فلا تعويل على الكلام السابق، ولكن ما يهم أنّ إحدى أهم الدول التي ساهمت في الأزمة السورية وتفاقمها انتقلت ولو بشكل جزئي للاهتمام بما يجري في عرسال على وجه الخصوص، أكثر مما يجري في غزة والعراق.بالأمس، "هبة" سعودية للجيش اللبناني، ببليون دولار، في خطوة قالت عنها وسائل الإعلام السعودية إنها "لافتة تعتبر ترجمة عملية لخطابه إلى الأمتين العربية والإسلامية، الذي دان فيه الإرهابيين لقتلهم الأنفس والتمثيل بها ونشر صورها"، ولكن، الحقيقة، أنّ بلايين الدولارات صرفت من المملكة نفسها على المجموعات المسلحة التي تحارب الجيش اللبناني، هذا من جهة، ومن أخرى، هل "الهبة" السعودية للجيش اللبناني من اجل أن يوقف عمليات المسلحين، ويعود لدفعهم باتجاه سوريا؟!!.ربما لم يكن مفاجئاً ما حصل في عرسال، فمنذ الطلقة الأولى للأحداث في سوريا، ولبنان وبحدودها المتصلة وقراها المتداخلة مع سوريا ليست ببعيدة عما يجري، ولكن، وبحسب مراقبين، يبدو أن الاتجاه الأغلب في نية السعودية دعم الجيش اللبناني، رغم أنها ليست المرة الأولى، فمنذ شهور ظهرت منحة للجيش اللبناني بقيمة 3 مليون دولار، لكهنا حتى اليوم لم تصل للجيش اللبناني، في حين وعدت المملكة أنّ تصل "الهبة" الجديدة للجيش اللبناني بسرعة قصوى، وطبعاً، ما هي إلا لتجميع المسلحين وإعادتهم إلى الأرض التي خلقتهم السعودية من أجل تخريبها، وهي سوريا.إضافةً إلى ما سبق، ورغم كل ما يجري في عرسال من |إرهاب أيضاً ودمار، ورغم أنها كانت يوماً ما من الأيام ممراً لتدريب المسلحين وتمويلهم ودخلوهم إلى سوريا، إلا أنّ الواجب يتجاوز رفع الصوت والإدانة، كما حصل في مجلس الأمن، كما يسبق بأميال كثيرة، دفع البلايين من الدولارات، يتجاوز ثمنها ما دفع على التخريب والإرهاب والتدمير، وكأنّ السعودية بهذه الخطوة تعمل على تناسي أنّ الإرهاب الذي تعانيه عرسال اليوم، هو نفسه الذي موّلته استخباراتها من أجل تدمير سوريا بصورة يومية، ليتأكد من أنّ ما تسعى إليه المملكة علينا ما تردد في العديد من وسائل الإعلام، والذي يتجلى في "منع قيادة الجيش من طلب عون سوريا وحزب الله في حربه ضد الإرهاب"!، وكأنها لا تعلم أنّ الجيش اللبناني لا يمكنه القيام بتلك المهمة وحده، دون دعم من قوات حزب الله، ومؤازرة من الجيش العربي السوري على أرضه.أما بالنسبة إلى قطر، فعلى ما يبدو انشغلت بالوضع في غزة، وما يجري أكثر من الوضع في لبنان، وأيضاً أهملت ما يجري في سوريا، فهي المعنية الأولى بالوساطة في هدنة غزة، ثم تطويرها إلى اتفاق أبعد مدى، وطبعاً ليس خدمةً للفلسطينيين، وإنما كرمى عيون الكيان الصهيوني، ومع هذا، لم تنسى قطر أن تشرك يدها في بعض أحداث عرسال، وما تردد في وسائل الإعلام خلال اليومين الماضيين خير دليل على صحة الكلام السابق؛ حيث طرح القطريون ما يسمى بـ"التفاهم المشترك" مع حزب الله وسوريا، لمقايضة استرداد عرسال وجرودها من أيدي المسلحين، مقابل تأمين انسحاب هذه المجموعات المسلحة بصورة آمنة حتى الحدود مع تركيا، استلهاماً لتجربة انسحاب المسلحين من حمص القديمة قبل شهور، وكلن، ما حصل أنّ جاء الضغط العسكري للجيش اللبناني، والجيش العربي السوري من على حدوده، وأعطى هذا التحرك زخماً من دون أن يتبلور شيء يمكن ذكره بعد، وبالتالي خرجت الوساطة القطرية من حسبان ما يجري في كل من عرسال وسوريا على السواء..اليوم.. السعودية وقطر تعملان على إدارة الحرب على سوريا من خارجها وبأدوات جيرانها.. لم ينسوا سوريا وتدميرها.
عرب برس
التاريخ - 2014-08-07 6:57 PM المشاهدات 1120
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا