شبكة سورية الحدث


الجريمة والعقاب الغائب!!

لا يحتاج الأمر لكثير من البحث والتدقيق، ليدرك المرء أن حكاية خطف المستوطنين الصهاينة الثلاثة لم تكن إلا ذريعة لتبدأ إسرائيل حربها الوحشية الجديدة على قطاع غزة، والتي صبت فيها آلة الحرب الصهيونية حمم حقدها على أهالي القطاع مستخدمة أكثر أدوات الموت والتدمير تطوراً، فسقط مئات الشهداء من المدنيين، أطفالاً ونساءً وشيوخاً، ودمرت عشرات البيوت والمنازل، في جريمة زاد من فظاعتها صمت الأنظمة العربية، بل ومسارعتها لتقديم مبادرات تبرر العدوان وتخدم أهدافه، وصمت المجتمع الدولي عما ترتكبه آلة الموت الصهيونية، ومسارعة بعض زعماء الغرب ومسؤوليه، وتحت عناوين “تفهم حاجات إسرائيل الأمنية”، إلى تأييد العدوان، الذي تؤكد كل المؤشرات على أنه مبيت سلفاً، ومعد له منذ فترة ليست قصيرة، وأن ما روّج له الإعلام الصهيوني والغربي عن حكاية الخطف التي لم تعلن أية جهة فلسطينية المسؤولية عنها، ثم انتقال هذا الإعلام إلى حديثه التحريضي حول صواريخ المقاومة والأنفاق التي يستخدمها المقاومون في غزة، ما هو إلا افتراء وزيف، فالعدوان على غزة كان، وكما تدل المعطيات ووقائع أيام الحرب الوحشية، قد خطط له، وتم الإعداد له، ولم يكن الأمر يحتاج إلا  إلى ذريعة من مثل حادث خطف المستوطنين غامض التفاصيل، لتعطى إشارة البدء للعدوان، وهو ما حصل فعلاً. وكان قد سبق العدوان قيام مستوطنين صهاينة بخطف الفتى محمد أبو خضير من مخيم شعفاط، ثم حرقه وهو حي، في جريمة لا يمكن وصف فظاعتها، وقد تذرع القتلة بالذريعة ذاتها، خطف المستوطنين الثلاثة، ما يؤكد أن جريمتي العدوان وقتل الفتى الفلسطيني، بهذه الطريقة بالغة الوحشية، إنما ينهلان من الكراهية والحقد، اللذين يملآن شارعاً إسرائيلياً يطفح بالعنصرية والتطرف. تقول صحيفة هآرتس في افتتاحية لها عشية العدوان على غزة موقعة باسم «أسرة التحرير» في معرض تعليقها على جريمة قتل الطفل «أبو خضير»: «لقد سارعت الشرطة إلى تعريف القتلة على أنهم «يهود متطرفون» وكأنهم شاذون أو أعشاب ضارة. وهي في هذا تحاول على ما يبدو تطهير الدنس، ولكن هذا الدنس ضخم ومتعدد الأذرع وهو يعانق في حضنه أولئك الشبان والجنود الذين ملؤوا شبكات التواصل الاجتماعي بدعوات الثأر، وبالشتائم العدائية ضد العرب، وبالدعوات للتجند للانتقام، وقد وجد له زاوية دافئة في أوساط النواب والحاخامات والشخصيات السياسية، المطالبين بالانتقام ولم يتجاوز ذلك رئيس الحكومة». وتؤكد الصحيفة الإسرائيلية، التي لم يكن العدوان على غزة بعيداً عن توقعات من كتب افتتاحيتها، أن قتلة أبو خضير ليسوا مجرد «يهود متطرفين» بل هم بناة ثقافة الكراهية والانتقام التي ينميها منظرو  مايسمى “الدولة اليهودية” الذين يرون في كل عربي عدواً، لمجرد كونه عربياً، هذا ما يقوله الإسرائيليون أنفسهم، وثقافة الكراهية والحقد هذه هي ذاتها التي كانت تملأ آفي رونتسكي، الحاخام الأول في الحاخامية العسكرية للجيش الصهيوني، إبان العدوان على غزة في نهاية عام 2008، وبداية 2009 والذي وزع حينها كراسات إرشاد على الجنود المشاركين في العدوان حثهم فيها على عدم إبداء الرحمة تجاه المدنيين في القطاع. إنها ثقافة الكراهية والحقد، إن جاز تسميتها أصلاً ثقافة، الخيط الذي يربط بين «الرصاص المسكوب» و«الجرف الصامد» وكل الاعتداءات أياً كانت عناوينها أو أسماؤها. لكن صمود غزة وأهلها، وبسالة المقاومين فيها، الذين راحت صواريخهم، في ظل غياب كامل لتكافؤ القوى، تطال أبعد المواقع في الكيان، أفشلا العدوان، فوقائع الحرب الوحشية، على امتداد أيامها الدموية، ورغم ما حفلت به من مجازر في بيت لاهيا وغزة، تؤكد أن العدوان أخفق في تحقيق أي من أهدافه المعلنة وغير المعلنة، فإسرائيل لم تفلح في كسر إرادة المقاومة، التي تزداد صلابة ورسوخاً مع ارتفاع وتيرة المعارك، مثبتة كفاءة عالية، وجعلت الجيش الصهيوني يعيد حساباته ويتردد في الاستمرار في حربه، ولا هي استطاعت أن تغير من إيمان الغزاويين بالمقاومة، رغم كل ما حل بهم من خسائر وتدمير، وهي أبعد ما يكون على حسم الحرب بالطريقة التي توهمت أنها قادرة عليها.. كل ما حصدته إسرائيل المزيد من الجرائم، التي تضاف إلى سجل حافل لا يملكه أحد غيرها، سجل يتضخم باستمرار، لأن القتلة، من سياسي “إسرائيل” وجنرالاتها، مطمئنون إلى أن أن يد العدالة لن تطالهم، وأنهم، بفضل حماية الغيورين على الإنسان والإنسانية في عواصم الغرب الكبرى، في مأمن من العقاب.
التاريخ - 2014-08-09 5:35 PM المشاهدات 1212

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم