عدا التفجير العنيف لنفق في المنطقة القديمة بحلب امس ، فإن مدينة حلب تعيش حالة «هدوء حذر» تشوبه عمليات قصف متبادل بين الفصائل المسلحة من جهة والجيش السوري من جهة أخرى، من دون أي تغير في خريطة السيطرة، التي تميل لمصلحة الجيش، الذي تمكن من تشكيل طوق يحيط بالمدينة وعزل مسلحي الداخل عن الريف الشمالي الممتد إلى تركيا، والذي يشهد هو الآخر عمليات قصف متبادل بين عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ »داعش» والمجموعات المسلحة التي تقاتله في محيط مدينة مارع، من دون أي تقدم يذكر لأية جهة.
واشار مصدر ميداني، في حديث إلى «السفير»، إلى أن المعارك في مدينة حلب ومحيطها توقفت بشكل موقت، نتيجة اندلاع المعارك في ريف حماه. وكانت قوات الجيش السوري نفذت سلسلة عمليات عسكرية متتالية في ريف حلب الشمالي، سيطرت بموجبها على المناطق المحيطة بالمدينة الصناعية، التي باتت مؤمنة بشكل كامل، والتي يجري العمل على إعادتها للحياة. وأفاد مصدر صناعي إن أكثر من 85 معملاً عاد للعمل. كما تشمل عمليات الجيش التوسع نحو مخيم حندرات، لقطع طريق إمداد المسلحين نحو مدينة حلب، والمقطوع حاليا بالقوة النارية، وصولاً إلى قريتي نبل والزهراء لفك الحصار عنهما. وأوضح المصدر الميداني أن قائد العمليات في ريف حلب الشمالي العقيد سهيل الحسن، المعروف بلقب «النمر»، غادر المدينة وتوجه إلى ريف حماه، ليقود عمليات الدفاع عن مدينة محردة المسيحية شمال مدينة حماه، والتي تتعرض لهجمات متتالية من قبل «جبهة النصرة»، الأمر الذي يهدد الوجود المسيحي في الريف الذي يضم مجموعة كبيرة من القرى ذات التنوع الديني والطائفي أيضاً، ما استدعى التدخل بقوة ضاربة لمنع حدوث مآس جديدة، إضافة إلى الموقع الاستراتيجي للمدينة، والذي يهدد الأمن في مدينة حماه نفسها في حال سيطرت الفصائل المتشددة عليها. وفي حين يعتبر «النمر» رجل المهام الصعبة في سوريا، حيث تمكن من فك الحصار عن مدينة حلب وتأمين طريق إمدادات إليها، وتحرير المدينة الصناعية والسجن المركزي، وتشكيل طوق أمني يحيط بالمدينة، يرى متابعون أن المعارك في ريف حماه وسط سوريا لن تكون سهلة، نظراً للعدد الكبير من مقاتلي «النصرة»، وتعدد جبهات القتال، وتواجد قسم من قوات «النمر» في حلب. إلا أن مصدراً ميدانياً يبدو واثقاً من حسم المعركة «فالرجل لم يخسر أية معركة. استعاد أريحا في ريف إدلب خلال أيام، ودخل السفيرة معقل الفصائل المتشددة، وحاصر النصرة في معاقلها في المدينة الصناعية»، موضحاً أن «أسلوب القتال الذي يتبعه ليس دفاعياً، حيث يرى أن الهجوم أفضل وسيلة للدفاع»، ما ينذر بمعارك عنيفة في مناطق سيطرة «النصرة» بريف حماه. كما يعرف عن الرجل استعماله لقوة نارية كبيرة في أية عملية يقودها، وهو ما بدأ يحصل بالفعل عن طريق تكثيف الغارات الجوية والقصف المدفعي التمهيدي المُرَكَّز. وتأتي هذه التطورات في وقت تتوجه فيه الأنظار إلى مدينة حماه التي تتصارع «جبهة النصرة» و«داعش» على قضم ريفها، حيث يتمركز مسلحو «النصرة» في الريف الشمالي الغربي لحماه (كفرزيتا، حلفايا...)، وتحاول التمدد نحو مدينة حماه، ودخول محردة، في حين يتمركز مسلحو «داعش» في الريف الشرقي للسلمية المتصل بريف حمص. وتشكل السلمية محور الربط بين شمال سوريا وغربها وجنوبها، ويمر منها طريق الإمداد الوحيد إلى مدينة حلب الذي أثيرت حوله شائعات عدة بأنه قطع بعد سيطرة «داعش» على أحد محاوره، الأمر الذي تبين أنه غير صحيح، ليبقى الطريق آمناً. وبالعودة إلى حلب، يعيش أبناء المدينة مجموعة هواجس خدمية وأمنية، بعضها متعلق بمياه الشرب المقطوعة عن أحياء عدة في المنطقة التي تشكل مركزاً سكانيا كبيراً، إثر نزوح آلاف العائلات إليها من المناطق الساخنة، وبعضها الآخر يتمثل بالقذائف المتفجرة والهاون التي عادت إلى المدينة بغزارة عبر بوابتها الشمالية الغربية، حيث يستهدف مسلحون متشددون، يتمركزون في حي بني زيد، أحياء حلب الغربية. ويتركز القصف على حي الخالدية، الذي يشهد موجة نزوح كبيرة نحو الأحياء البعيدة عن مناطق التماس، في حين يرد الجيش السوري بغارات متفاوتة وقصف مدفعي متقطع، من دون اشتباكات مباشرة في المنطقة التي تشكل معقلاً لمسلحي «جبهة النصرة». كما يشهد الريف الشمالي غارات، بالتزامن مع استمرار قصف أحياء حلب الشرقية، الفارغة تقريبا من السكان، في عمليات يبدو أن الهدف منها ردع أي تحرك للمسلحين لاستغلال الانشغال عن جبهات حلب بمعارك حماه.
التاريخ - 2014-09-03 6:30 PM المشاهدات 1242
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا