شبكة سورية الحدث


قيصر روسيا...مابين تهديدات أوباما وإرهاب داعش

سورية الحدث - بقلم الدكتور خيام محمد الزعبي لا يخفى على أحد أن روسيا والصين لديهما الكثير من الخلافات مع الولايات المتحدة، لكنهم يتفقون جميعاً، كقوى كبرى، على أنهم يواجهون تهديداً مشتركاً من قبل التطرف التوسعي لـ"داعش" فروسيا حذرت مراراً وتكراراً الغرب وأمريكا من خطر صعود الإرهاب في الشرق الأوسط كونها تملك خبرة كبيرة في مكافحة الإرهاب أكثر من واشنطن والغرب اللذين أضعفا نفسيهما جراء تقويض تحالف مكافحة الإرهاب مع روسيا. في ظل توتر حاد نتيجة القتال في أوكرانيا وتنامي نفوذ تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف بـ"داعش" في العراق وسورية، بدأ زعماء حلف شمال الأطلسي أعمال قمتهم في نيوبورت بمقاطعة ويلز البريطانية مع العودة الى مناخات الحرب الباردة مع روسيا بسبب الأزمتين الأوكرانية والسورية، وفي وقت شدد الحلف ضغوطه على موسكو، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" إن روسيا حشدت على الحدود مع أوكرانيا جنوداً ومعدات أقوى بكثير مما شاهدناه منذ بدء الأزمة بين كييف والإنفصاليين المقربين من موسكو، وأكد نائب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض بن رودس على هامش قمة ويلز إن الولايات المتحدة تعدّ مجموعة جديدة من العقوبات الإقتصادية على روسيا لغزوها أوكرانية، وقال، "الأمر المهم هو أن روسيا يجب أن تستمر في تحمل تبعات تصعيدها، وإذا قام الروس بالتصعيد فإننا نستطيع تصعيد ضغوطنا". بالمقابل يكن الرئيس الأمريكي أوباما الذي يواجه أحكاماً كثيرة بالفشل على كل سياساته المرتبطة بالشرق الأوسط، كراهية للرئيس الروسي بوتين، ولأنه لا يمكن أن يتجاوز مصلحة أمريكا العليا فإنه سيسعى إلى تحقيق ما يريده دون أن يتورط فى جر بلاده إلى مشكلات أخرى، وهو ما لا ينطبق على روسيا، فكراهية أوباما لبوتين ليست فقط شخصية ولكنها سياسية أيضاً، كونه الرئيس الذي رغم تأخر بلاده كثيراً وخروجها من مساحة الدول العظمى إلا أنه الوحيد الذي يشعر أوباما أنه ليس الرئيس الوحيد فى العالم، بل هناك زعيم يمكن أن يكسر أنف ساكن البيت الأبيض، وعليه فإن خطة أوباما لإسقاط بوتين لن تكون بعيدة أبدا عن محاولته إضعاف روسيا وإخراجها من المعادلة السياسية، وهو ما لن يجد معارضة أمريكية على أي حال، خاصة أن روسيا أصبحت لاعبا أساسياً ومرهقاً للأمريكان فى منطقة الشرق الأوسط، ويكفى موقفها من الثورة المصرية فى 30 يونيو، حيث مثلت حائط فولاذي إرتكزت عليه الإدارة المصرية كثيراً وكانت زيارة السيسي إلى روسيا رسالة واضحة إلى أن روسيا هي الحاضرة فى مصر، ثم موقفها من الأزمة السورية، وهو الموقف أيضاً الذي عطل خطة الأمريكان في سورية من خطر تقسيمها وتجزئتها الى عدة أقاليم وتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد، وبالمقابل هناك أسباب كثيرة تدفع أوباما للتخلص من بوتين ومحوه من على الخريطة السياسية، أهمها هي حرب القرم وضم أوكرانيا إلى السيادة الروسية، كل ذلك الى جانب طبول الحرب الباردة التي تقرع في أوكرانيا مع وجود ألف جندي روسي الى جانب الإنفصاليين وتهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتغيير إستراتيجية التعامل مع الأطلسي إذا أصر على الإمتداد على حدوده تجعل من مصير العلاقات بين الأطلسي والمجلس الروسي أمر معرض لمزيد الإهتزازات والتباين والتصعيد بين روسيا وبين الغرب. وفي سياق متصل حضَّرت أمريكا عفريتاً لإخافة الشعوب العربية، ولكنها الآن تعجز عن صرفه، فتصريحات داعش بضرب روسيا الغرض منها التخويف والترهيب أكثر من جديتها في التنفيذ، بإعتبارها حليف الأسد الأكبر والداعم الأساسي بالسلاح والعتاد، وعن سر هذا التصرف من "داعش"، إن داعش صناعة أمريكية في الأساس، وتخطت كل الخطوط الحمراء التي وضعت لها، لذلك تعمل على إخراج مثل هذه التصريحات لكسب تأييد أمريكا مرة أخرى بعد أن فقدت ذلك التأييد، فظاهرة داعش جزء من مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي خططت له الولايات المتحدة، لذا فسبل مواجهة هذا التنظيم يجب أن تكون على مستويات عدة، كون المخطط موجود من زمان و فعل اليوم لضرب محور المقاومة ويجب أن تكون المواجهة على عدة جوانب عسكرياً و سياسياً، و يجب أن يتوحد كل محور المقاومة وكل القوى القومية لمواجهة هذه الظاهرة، والتكاتف الدولي وأعني به الدول التي تتهدها داعش، فالقضاء على ظاهرة داعش يحتاج للعمل على إتجاهين، الخزّان البشري المالي، وغلق التدفقات المالية التي تدعم هذا الإرهاب ، ومن يدعمهم معروف ، و لكن الدول الكبرى تتعامى عن هذه الحقيقة. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل تدفع "داعش" الناتو للتدخل في سورية؟ حتى الآن لا يزال الأمر عالقا، فالرئيس الأمريكي سبق له التصريح بأنه لا وجود لإستراتيجية لدى واشنطن لمحاربة "داعش، وهو تصريح كلفه الكثير من الإنتقادات من جانب الجمهوريين كما من جانب الإعلاميين الذين كانوا ينتظرون منه موقفاً حازماً يعلن معه نعي "داعش" الأمر الذي لم يحدث، بل إن تطورات الأحداث كشفت أن التنظيم يواصل تحدي الغرب ويصر على التقدم وإكتساح المزيد من المواقع في سورية والعراق ولبنان وحتى في شمال إفريقيا، فظاهرياً يبدو قادة الأطلسي أكثر إنشغالاً بتداعيات الأزمة الأوكرانية على العلاقات بين الغرب وروسيا وما يمكن أن تؤول إليه مع تصلب مواقف الرئيس بوتين وإلا أن ما يمكن أن يحدث في الكواليس قد لا يخفي إنشغال الأطلسي بتهديدات "داعش" الذي بات خطراً متفاقماً يوماً بعد يوم ولعل في مشاركة أربعة دول عربية وهي الأردن بحضور العاهل الأردني والمغرب والإمارات والبحرين أشغال القمة في إطار مبادرة إسطنبول مع الشرق الأوسط الموسع ما يمكن أن يؤشر الى دور معلن للناتو في مناطق الصراع من سورية الى العراق وليبيا. في إطار ذلك يمكنني القول إن أمريكا تحاول توريط روسيا والدول العربية بحيث أنه لو حدث أي تدخل عسكري فى سورية ستتحجج أمريكا أن ذلك بدعم وأيادي روسيا ودول عربية وهذا ليس إنتقاصاً من السيادة السورية، خاصة أن أمريكا لاحظت التحول فى اتجاه بعض الدول العربية وعلى رأسها مصر لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وأمريكا تحاول أن تجهض هذه الفكرة وتستمر الحرب والفوضى فى سوريا والعراق وليبيا واليمن لخدمة المخطط الصهيوأمريكى لتقسيم وتفتيت الوطن العربي. وأخيراً أختم مقالتي بالقول إنه في المدى المنظور، ستستمر معركة شدّ الحبال بين روسيا والولايات المتحدة، وفي شكل أقوى في منطقة الشرق الأوسط، مع إحتدام الأزمة السورية والتباعد الشخصي والسياسي بين أوباما وبوتين، وخاصة بعد أن حمل بوتين أوباما مسؤولية إنتاج الأزمات الراهنة في الشرق الأوسط والهدف تغيير الوجه الحقيقي للمنطقة وتقسيمها الى دويلات لتبقى اسرائيل اليد العليا والقوة الوحيدة عسكرياً، وخلق قوس من عدم الإستقرار والفوضى والعنف، يمتد من لبنان الى فلسطين وسوريا والعراق، والخليج وإيران وصولاً الى حدود أفغانستان الشرقية والشمالية، مروراً بدول شمال إفريقيا.
التاريخ - 2014-09-07 3:45 AM المشاهدات 1442

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا