خاص – سورية الحدث بقلم محمد الحلبي لكلٍ منا ميولاً تُجاه شيء معين، ولكل منا هواية تستأثر قلبه وتستحوذ على اهتمامه، والمدعو (بسام) لم يخرج عن هذا الإطار، إذ إنه كان زائر دائم لأسواق دمشق القديمة.. لاهثاً إلى جمع القطع النادرة والتاريخية رغم وضعه المادي السيء، ناسياً أنه رجل متزوج ولديه طفل يقوم على رعايته، ومن هنا كانت البداية..خسارات متكررةالأمر المؤسف الذي كان غالباً ما يقع فيه (بسام) أن صفقاته لم تكن رابحة، فهو عديم الخبرة بالقطع التي كان يشتريها وتنطلي عليه حيل البائعين دائماً، وكان بعد كل شراء لأي قطعة يستعد لشجارٍ عنيفٍ بينه وبين زوجته التي يجن جنونها لأنها واثقة من أنها سوف تضطر للاستدانة من أهلها كي تستطيع إكمال الشهر وإطعام طفلها الصغير.. هذه المشكلة خيمت لعدة سنوات دون أن يستطيع أحد ما أن يردع (بسام) إلى الإقلاع عن هذه الهواية..فكرة وليدة المأساةفي بداية أحد الشهور وجدت زوجته (سناء) فكرةً قد تنجيها من جنون زوجها وتضع حداً لمصروف منزلهم المتواضع، وذلك بعد قدوم ابن خالتها المدعو (رامي) من سفرٍ طويل خارج البلاد عندما راحت تشرح له أحوالها، وأن لا منغص لحياتها سوى هواية زوجها الساذجة التي يصرف عليها جل ما يجنيه من مال، فسارع (رامي) لاقتراح خطة لها تجعله يقلع عن تلك الهواية المزعجة بحيث تقوم (سناء) بتهديد زوجها وحرمانه من رؤية طفله إن قام بصرف أي قرش من راتبه على هوايته في هذا الشهر...الفخعاد (بسام) في أول الشهر وراتبه في جيبه كاملاً، وبصدفة مقصودة وجد شاب يحمل حقيبة مفتوحة وفي داخلها ثلاث تحف بينها سبحة ذات حبات كبيرة مضيئة بلون أصفر مائل للبرتقالي جعلت لعابه يسيل عليها، وخصوصاً عندما راح الشاب بالتحدث عن السبحة أن لها شهادة ولا يوجد منها سوى قطعة واحدة في البلاد... كان (بسام) يتحسس المال في جيبه و الكلمات تداعب عقله، وهنا أخرج (رامي) ولاعته وقربها من الأحجار ليثبت لضحيته صدق أقواله وهو يقول له أنه لولا الحاجة ووضعه المادي الصعب لما أقدم على بيعها، وأنه قد اشتراها من قريب له منذ عام بخمسين ألف ليرة سورية، وهو مستعد أن يبيعها بنصف الثمن، وهنا حسم (بسام) أمره وأخرج مرتبه من جيبه والبالغ خمس وعشرون ألف ليرة وكل أمنياته أن يواتيه الحظ بالحصول على تلك السبحة..عاد (بسام) إلى منزله منفرج الأسارير وبيده تلك القطعة النادرة كما يظن، معتقداً أنه استغل حاجة البائع وحصل منه على قطعةٍ نادرة سوف يبيعها متمهلاً بسعر يعوض له جزءاً من خساراته الماضية، لكن كما هي العادة كانت ردة فعل زوجته (سناء) قاسية وسارعت إلى تنفيذ تهديدها عندما أخذت طفلها وذهبت قاصدة منزل أهلها تاركةً كلامه تصطدم بجدران المنزل لتعود إلى أذنيه وحده، فيما بقي هو يحلم ببيع السبحة بمبلغ كبير يدهش به الجميع الذي سوف يعترف له بذكائه وحرفته، فذهب مساءً إلى منزل أهل زوجته على أمل أن يعيد المياه إلى مجاريها..نجاح الخطةأثناء تواجده في منزل أهل زوجته أخرج السبحة وقرب النار مجدداً إليها ليقنع من كان موجوداً بأنه رجل محترف في عالم الآثار وأن زوجته لا تقف إلى جانب طموحه.. لكن المفاجئة كانت عندما ذابت تلك القطعة وخرجت منها رائحة كريهة في الوقت الذي كان الباب يُقرع وسط غليان (بسام) من الفخ الذي وقع فيه.. لحظات كانت على دخول (رامي) ليستقر وسط الجمع، فراح (بسام) يصرخ ويقول أمسكوا هذا النصاب فهو الذي باعني السبحة، لكن (رامي) أخرج الآلاف التي في جيبه وأعادها لـ(بسام) لتعلو أصوات الضحك وهم يقولون له أن البائع النصاب هو قريب لهم، وقد أحاكوا تلك الخطة كي يبعدوه عن الصفقات الخاسرة، وأما الحبة التي لم تحترق فما هي إلا حجر كريم وضع في السبحة عن عمد وقام (رامي) بوضع نقطة زرقاء عليها ليقوم بالتجربة أمامه أما باقي حبات السبحة فهي عبارة عن بلاستيك لا قيمة لها..عاد الراتب إلى (بسام) بعد ذلك المقلب الذي آثر أن يخبرنا به كي يسلط الضوء على أشخاص يمتهنون النصب على عديمي الخبرة ويأخذون منهم أموالاً بغير وجه حق, وهو يحلف أغلظ الأيمان بتوبته والإقلاع عن تلك الهواية الخطرة،قائلاً لنا أن الطمع والسعي إلى الثراء الفاحش هو الوتر الذي يعزف عليه أولئك النصابون..
التاريخ - 2016-11-05 2:00 PM المشاهدات 928
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا