خاص سورية الحدث بقلم رولا نويساتي ظلم ذوي القربى أشد مضاضةً من وقع الحسام المهندِ.. لم يكن نصيب (عبير) أن تذوق الظلم من أقاربها فقط، بل أن تلقى مصرعها على يد أحدهم أيضاً.. فباعتبار أن الطمع لا يعمي البصر فحسب وإنما يعمي البصيرة قبل البصر، فقد كان (مناف) ابن خال (عبير) والمعروف بسوء أخلاقه نتيجة مصاحبته لرفاق السوء الذين لم يتركوا شيئاً سيئاً إلا وأطلعوه عليه، ابتداءً من تعليمه شرب الحبوب المخدرة والخمر وليس انتهاءً بلعب القمار.. وبعد أن تعلم تلك العادات السيئة كان لا بد له الحصول على المال بأي وسيلةٍ مهما كانت قذرة ليكمل مشوار حياته غارقاً في تلك المستنقعات الموبوءة..تمثيلية مفبركةكان يوماً حالك السواد عندما دخل (مناف) وصديقه (عابد) إلى منزل (عبير) الكائن في منطقة صحنايا بريف دمشق، بعد معرفته بمواعيد خروج ودخول زوجها من وإلى منزله إثر مراقبته الحثيثة له، وما ساعده على ذلك هي صلة القربى التي تجمعه بـ(عبير)، فبعد أن طرق (مناف) باب منزل هذه الأخيرة دخل مع صديقه بحجة أن زوجها قام بالاتصال به صباحاً وأخبره بضرورة الحضور إلى منزله للقيام ببعض الإصلاحات الكهربائية، وهذا ما جعله يلبي النداء على عجل، قبل أن يقوم بتقديم صديقه لها على أنه (كهربجي)، وقد رحّبت (عبير) بهما وعلامات الاستفهام تعلو محياها، وقبل أن يتسنى لها القول من أن ليس هناك أي شيء يحتاج إلى إصلاح في منزلها، ودون سابق إنذار أخرج (مناف) من جيبه موساً كباساً وعاجلها بطعنتين استقرت إحداها في بطنها والأخرى في صدرها..الضربة القاضيةرغم تلك الطعنات إلا أن (عبير) لم تمت بل آثرت التمسك بحبل الحياة وحاولت المقاومة، بعد أن غرست أظافرها بوجه ورقبة ابن خالها ما خلّف بعض الجروح له، فما كان من صديقه (عابد) سوى أن استل سكيناً كانت في جيبه وقام بتوجيه طعنة أخيرة لـ(عبير) استقرت بالجهة اليسرى من الصدر القريبة من القلب لتسقط ممددةً على الأرض وسط بركةٍ من دماءها مفارقةً الحياة..مشهد (عبير) المحزن لم يردع (مناف) وصديقه من سرقة مصاغها الذي كانت تتزين به فقد همّ (عابد) من سحب الطوق الموجود في رقبتها قبل أن يقوم بقطع يدها اليمنى من المعصم ليأخذ الأساور منها، بينما كان (مناف) منشغلاً بالبحث عن المال الذي عثر عليه أخيراً مخبأً في إحدى الخزائن والبالغ 400 ألف ليرة سورية، وبعد انتهاء الاثنين من مهمتهما الدنيئة قاما باقتسام المال ومن ثم اتجها إلى منزل (عابد) في منطقة التل بريف دمشق للتواري عن الأنظار وإبعاد الشبهات عن (مناف)..فاجعة أذهلت الزوجبدخول (منير) زوج المغدورة إلى منزله مساءً صُدم بمنظر زوجته جثةً هامدة في صالون المنزل.. المشهد المأساوي كان ينال منه مقتلاً قبل أن يتمالك أعصابه ويقوم بالاتصال بقسم الشرطة الذي أرسل دورية على الفور إلى المكان للوقوف على ملابسات الجريمة.. كانت التحريات الأولية عبارة عن رفع البصمات وشهادة الجوار الذين أكدوا عدم سماعهم أي شيء يدل على وجود خطر في منزل المغدورة ساعة حدوث الجريمة، أما الطبيب الشرعي الذي عاين الجثة فقد أكد وجود أنسجة بشرية عالقة تحت أظافر المغدورة، لكنه لم يتم التعرف على صاحبها.. وسط كل الغموض الذي أحاق بالقضية لم تثمر التحريات عن الوصول لأي خيط يدل على مرتكب تلك الجريمة النكراء، فقد كان المحققون كمن يبحث عن إبرة في كومة قش..الخال يمسك طرف الخيطبما أنه لا بد للمجرم أن يحوم بالقرب من مكان الجريمة لاستطلاع ما جرى من تداعيات، فقد عاد (مناف) إلى منزله بعد عدّة أيام من ارتكابه لتلك الجريمة، وما إن دخل إلى منزله وسمع من والده عن خبر مقتل (عبير) حتى تظاهر بالاستغراب واستهجان تلك الحادثة، لكنه فشل في ذلك فسرعان ما تشاجر مع والده بسبب اختفاءه عن المنزل خلال تلك الفترة وعودته إليه ثملاً ليلاحظ الأب آثار جروح على وجه ورقبة ابنه، الأمر الذي أكد شكوكه التي كانت تدور في مخيلته منذ تغيب ابنه عن المنزل في ذات يوم الجريمة، ودون أن يشعر (مناف) بأي شيء قام والده بفض الخلاف واتجه لإبلاغ الشرطة التي ألقت القبض على (مناف) في منزله الكائن بمنطقة السويقة بدمشق..بالتحقيق لم يستطع (مناف) الإنكار فجميع الأدلة تشير إليه وخاصةً بعد تطابق الأنسجة الموجودة تحت أظافر المغدورة مع أنسجته حيث انهار معترفاً بقتل ابنة عمته إضافة إلى سرقة مصاغها ومالها من وسط منزلها مشيراً إلى شريكه (عابد) الذي تم إلقاء القبض عليه في منزله بدلالة (مناف) ليعترف أيضاً بالتهمة المنسوبة إليه، وليتم تنظيم الضبط اللازم بحقهما ومن ثم إحالتهما إلى القضاء لينالا جزاء ما اقترفتهما يديهما من إثم..
التاريخ - 2017-02-18 1:36 PM المشاهدات 994
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا