كان قصر العدل معروفاً بالضجيج الهائل داخله، فعدد المراجعين الكبير إضافة إلى ضيق المساحة يجعل مجرّد الهمس مصدراً لضجيج لا يحتمل، لكنه كان يخفي أيضاً كثيراً من القصص التي تُروى يومياً وفي كل ساعة ضمن أروقته، وفجأة طغى صوت واحد وحيد على أصوات الجميع، تفجير أنهى بدخانه ونيرانه كثيراً من تلك القصص وأصحابها:كان أحدهم يجثو أمام جثمان زوجته يخاطبها كأنها تسمعه، ويطلب منها وسط الدموع أن تنهض: "كل شي رح يتصلح، بس ارجعي". كانا هناك كي يبدأا مشوار معاملة الطلاق، قبل أن يفرقهما الموت إلى الأبد.وفي مشهد آخر كان "سامر" مع خطيبته المحامية "ولاء" التي أصابها التفجير، لكنها خرجت منه حية.شريط مصوّر تم تداوله على نطاق واسع، يظهر "سامر" قرب سرير "ولاء" في قسم العناية في إحدى المشافي، ثم يمسك يدها ويضع في إصبعها خاتم الخطوبة، وسط تصفيق الحاضرين.عبرت "ولاء" عن سعادتها باستكمال خطط حياتهما معاً رغم التفجير وحالة الرعب التي تعرضت لها مع المئات غيرها.تكاتف وتعاونكان العدد الأكبر من ضحايا التفجير من المحامين، كما أكد لآسيا نقيب محاميّ سورية، نزار اسكيف، وأوضح أن هناك 10 شهداء، وأكثر من 36 محامياً جريحاً، بعضهم إصاباتهم بالغة.واعتبر اسكيف أن استهداف قصر العدل له دلالات كثيرة، لأنه المكان الذي يتم فيه البحث عن حقوق الناس، ويرى أن موقف محاميّ سورية كان منذ البداية واضحاً: مع الدولة، والجيش.نسأله ما الإجراءات التي قامت بها النقابة بعد هذا التفجير، يقول إن فروع النقابة وأعضاءها أبدوا حساً عالياً بالتكاتف، والتعاضد، وروح العمل التعاوني، ويضيف:تابعنا منذ اللحظة الأولى وضع الجرحى في المستشفيات، وقضايا الشهداء، ودرسنا مع فروع النقابة المخصصات التي تم إقرارها لذوي الشهداء:تم تخصيص رواتب تقاعدية كاملة، إضافة إلى مليوني ليرة سورية كمعونة وفاة، وقد حاولت النقابة أن تكون مرنة بخصوص شروط منح التعويض، كي يستفيد الجميع منها (من الشروط أن يكون مضى على تسجيل المحامي في النقابة 15 عاماً) وتقرر تقديم كل الدعم المالي لمن لا تنطبق عليهم الشروط.كما اتفقت النقابة والفروع على تقديم مبلغ مليون ليرة مناصفة، لأسرة كل شهيد.بخصوص الجرحى أكّد اسكيف أنه سيتم تخصيصهم بمبالغ لتغطية بعض النفقات ضمن الإمكانات تعويضاً عن تعطلهم عن العمل، وأن النقابة ستدفع بعضاً من تكاليف العلاج وفواتير المشافي.وذكر أن هناك استعداداً للمساعدة أبدته كل الفروع، وهناك فروع أبدت استعدادها لتقديم مبلغ يفوق 4 ملايين ليرة لمتابعة قضايا الجرحى والشهداء.يختم اسكيف بالتأكيد على أن ما حدث في القصر العدلي شكّل أكبر ضربة لمحاميّ سورية عبر تاريخ النقابة، ولكن هناك محامون شهداء بين صفوف الجيش.
التاريخ - 2017-03-24 3:59 PM المشاهدات 580
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا