خاص سورية الحدث بقلم محمد الحلبي أخاف عليك المسير بجنبي فشوك الغرام كثير بدربيفيوم تراني كطفلٍ رضيع ويوم أبيع ضميري كذئب هو الوحيد الذي لا يعترف بقوانين الحياة، ولا يفرِّق بين جاهلٍ ومثقف، أو بين غنيٍ وفقير، إنه الحب... وهو الذي كان سيودي بحياة (ميرنا) الطالبة الجامعية المثقفة، ورغم تعاقب الأيام ومرور أكثر من سنة على تلك الحادثة التي جرت معها إلا أن الزمن أبى إلا أن يترك آثار قسوته على ذراعيها ليبقى يذكِّرها بتلك المأساة التي لن يداويها إلا الحب نفسه، ورغم أن الأطباء أخاطوا لها جراحها الخارجية إلا أن جراح قلبها لا زالت تأن من تلك الطعنة التي تلقتها من الفارس الذي تربع على عرش قلبها، فماذا عن التفاصيل، فلنتابع معاً تلك الكلمات على لسان (ميرنا) عن علاقة حب فاشلة وقاسية كادت أن تودي بها إلى الهلاك...النظرة الأولىتقول (ميرنا): رأيت صورته لأول مرة في منزل صديقتي، شعرت به كأنه ينظر إلي قبل أن تقاطعني صديقتي وتقول إنه شقيقها وهو يدرس الطب البشري، لا أعرف ما هو الشعور الذي تملَّكني، ولكني أحسست بسعادة تغمرقلبي دفعت بي لقبول دعوة صديقتي لتعرِّفني على شقيقها، وهنا كانت البداية، وكانت أولى خطواتنا على طريق الحب، حيث راح (فراس) يبني لي قصوراً في الهوى ويزين لي الأيام القادمة بأبهى حلَّة وقلبي يتعلق به أكثر وأكثر قبل أن تتغير فيه جميع تلك الصفات التي أحببتها، فقد تحول من إنسان مثقف إلى إنسان ظنون (شكَّاك) يشك بكل حركة أقوم بها، لا بل راح يأتي إلى كليَّتي التي أدرس بها بأوقات غير محددة ودون موعدٍ بيننا ليفاجئني بين الحين والآخر بحجة إنه كان قريب من الجامعة ، وكنت أعتبر كل تصرفاته طبيعية مادام الحب والغيرة على المحبوب هو الدافع لمثل هذه التصرفات...نوايا خبيثةأول طعنة تلقيتها منه عندما حاول التودُّدَ إلى شقيقتي الصغرى، وقد أخبرتني هي بذلك، لكني لم أصدقها، وقلت لها أن تصرفاته معها لا تعدوا حد المداعبة أو الدلال كونها صغيرة، علماً أن أختي الصغرى هذه هي طالبة (بكالوريا)، وصدقاً لم أكن أعرف إنه يضمر في نفسه تلك النوايا السيئة، ولهذا لم أقف عند هذه الادعاءات من شقيقتي حتى أسمعتني تسجيلاً صوتياً له وهو يملي عليها عبارات الحب والغزل والهيام، ويقول لها أن علاقته معي لا تتعدى حدود الصداقة البريئة، وأنه معجب بها، بالإضافة إلى بعض الكلمات التي تتجاوز حد الخجل لتخدش الحياء، وعندما واجهته بالتسجيل انفجر ضاحكاً وقال إنه يمازح شقيقتي ليعرف ويتأكد من محبتها لي، وطبعاً أنا صدقته.. أو كنت مضطرة إلى أن أصدقه ليعيش الحب الذي كنت أتمنى أن يصل بنا إلى جنة الأحلام التي رسمها لي، خصوصاً عندما قال لي إنه بحاجةٍ إلي في الأيام القادمة...العيون الحزينة تتابع (ميرنا) قصتها والأسى يعتصر صوتها وهي تقول:من خوفي على حبي له طلبت منه أن يتقدم لخطبتي، وقد كان لي ما أردت.. ورغم أن أهلي وافقوا مبدئياً على خطبتنا إلا أنهم استمهلوه قليلاً في إعلان الخطبة رسمياً، إلا أنه راح يزورنا كلما سنحت له الفرصة، وبتُّ أرى نظرات الذئب في عينيه وهو يفترس شقيقاتي البنات، وأنا أحاول أن أقنع نفسي بأني أبالغ في غيرتي عليه، وفي أوج علاقتنا، وبينما كنت أخال الدنيا قد أصبحت طوع بناني، وأن سفينة حبي قد وصلت بي إلى شواطئ الأمان هبَّت تلك العاصفة الهوجاء لتغرق مركبي على بعد أمتار قليلة من تحقيق حلمي البريء، كان ذلك في نيسان العام الماضي عندما كنت مع عمتي في صالة أحد المطاعم وكان (فراس) قد انشغل عني في الفترة الأخيرة بحجة دراسته وامتحاناته، كنا نهمُّ بالخروج من صالة المطعم عندما كان هناك حفل زفاف في إحدى الصالات المجاورة للمطعم، لا أعرف ما الذي خطر ببال عمتي عندما قالت لي تعالي لندخل قليلاً إلى الصالة ونشاهد (زفة العروس)، ربما كان ذلك من ترتيب القدر، دخلنا الصالة ويا ليتني لم أدخل.. فقد صعقني المشهد.. خطيبي مع أعز صديقاتي ومكمن أسراري، والتي تعلم علم اليقين مدى حبي وتعلقي بـ (فراس) في يوم زفافهم، لم أصدق ما تراه عيناي.. أغمي علي.. ونقلت إلى المستشفى فوراً بحالةٍ يرثى لها، حيث بقيت هناك ليومين قبل أن أعود إلى المنزل، وأول شيء قمت به هو الاتصال بـ (فراس) ليأتيني صوته بكل برود وهو يقول لي: (هل تتصلين لتباركي لي؟...) لم أعرف بماذا أرد عليه.. أغلقت سماعة الهاتف وركضت نحو المطبخ ولم أشعر بنفسي إلا وأنا أقطع شرايين يداي وأوتارها محاولةً الانتحار، ومن ثم أغمي علي لأصحو وأنا في المستشفى مجدداً، حيث أنقذتني لعناية الإلهية مرةً أخرى..وهنا تجفف (ميرنا) دموعها وهي تستعيد تلك اللحظات العصيبة التي عاشتها قبل أن تعاود القول: صحيح أن جراحي الخارجية قد التأمت، إلا أن جراح قلبي لا زالت تأن من غدر ذلك الإنسان التافه الذي غدر بي..دنيا الأملرغم الدموع التي حاولت (ميرنا) حبسها مراراً إلا أن الأمل كان يحدوا بها وهي تقول: على كل حال ربما صحوت متأخرة بعض الشيء، إلا أن حياتي أغلى بكثير من أن تهدر كرما لعلاقةٍ فاشلة مع إنسانٍ خائن، وأعتقد أن الغد أجمل بكثير، والأيام القادمة كفيلة بأن تداوي جراحي وتُنْسني الماضي..وهنا سكتت (ميرنا) وبريق الأمل يشع من عينيها فيما كنت أقول لها:صبراً على كيد الزمان لنا فكل حافر بئرٍ واقعٌ فيها


التاريخ - 2017-03-25 3:55 PM المشاهدات 1250
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا