لا متغيرات في المشهد الميداني بعد قمة الرياضالانظار متجهة اليوم الى حارة حريك وما سيعلنه سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بعد التطورات المتلاحقة والاستثنائية في المنطقة، من مؤتمر الرياض والحشد الاميركي – الاسلامي العربي ضد ايران وسوريا وحزب الله، وصولا الى الاحداث في البحرين واليمن، وما يعمم من سيناريوات عسكرية في الجنوب السوري وصولاً الى شبعا وحاصبيا. وتالياً رسم مسار جديد للمنطقة محكوم «بالقدر الاميركي» وبنشوة سعودية – خليجية على حساب المحور الايراني – السوري – حزب الله، مضافاً الى ذلك احاديث عن حصار لإيران وحرب شاملة ضدها ستفقدها دورها الاقليمي واي دور في المنطقة. وسيفتح ذلك المجال لبناء الشرق الاوسط الجديد والسلام مع اسرائيل. وهذه التحاليل تستند الى نهاية عصر الانكفاء الاميركي عن المنطقة ونهاية مرحلة اوباما، وبداية مرحلة ترامب التي دشنها من السعودية عبر اكبر حشد عربي واسلامي ضد ايران وتصريحات يومية عن بداية عهد عربي – اقليمي جديد بقيادة السعودية، مع ضمان امن اسرائيل وزوال اي خطر عنها.هذه الصورة التي يعممها البعض مستنداً الى مصادر ديبلوماسية ومعلومات ديبلوماسية لا تستند الى اي وقائع وليس هناك اية متغيرات، فالرئيس الاميركي حصل على 400 مليار دولار، وهذا كان هدفه الاول من المؤتمر، فقد خصص 260 مليار دولار لتحسين الموازنة العسكرية وقدرات الجيش الاميركي و160 مليار دولار للاقتصاد الاميركي مع 150 الف فرصة عمل بهدف ارضاء «اللوبي الاميركي» المعارض لترامب. وهذا اقصى ما سينتج من قمة الرياض الاميركية – العربية – الاسلامية، ولذلك كان ترامب واضحاً بكلامه «محاربة الارهاب مطلوبة بالدرجة الاولى منكم ولن نحارب نيابة عنكم»، حتى ان المؤتمر شكل قوة عسكرية من 34 الف جندي لا يمكنهم تغيير اي معادلة عسكرية، كما ان دول الخليج تعيش اضطرابات وخلافات طلت مجدداً بين السعودية وقطر في ظل رفض الدوحة التنازل عن الموقع الريادي الاول الذي تبوأته في عهد اوباما لمصلحة الرياض حالياً، بالاضافة الى الخلافات داخل المملكة العربية السعودية في المنطقة الشرقية وتحديداً في العوامية، والمعارك متواصلة منذ اسبوع ولم تتوقف. يضاف الى ذلك احداث البحرين وعجز الرياض عن حسم المعارك مع الحوثيين في اليمن، رغم مئات الاف الغارات الجوية التي كلفت الرياض مليارات الدولارات. في حين بدأت اليمن تعاني اكبر مشكلة انسانية في التاريخ المعاصر، عبر انتشار امراض الكوليرا وازمة مجاعة تهدد بموت طفل يمني كل 5 دقائق، وهذه النتائج ستكون كارثية على الرياض ودول الخليج. علماً ان ايران ومن خلال دعمها للحوثيين تحقق الانجازات، والمأزق سعودي وخليجي بامتياز.وفي العراق، تمثل ايران الثقل الاكبر على الارض، وتمسك بكل مفاصل الجيش العراقي، بالاضافة الى الحشد الشعبي وقوات «النجباء» وحزب الله العراق، وهي تمسك بكل الاوراق تقريباً. وبات الجيش العراقي والحشد الشعبي في المرحلة النهائية لتحرير كامل الموصل والوصول الى الحدود السورية، والجميع يدرك مدى التنسيق بين الجيشين العراقي والسوري. وهناك فصائل عراقية كبيرة تقاتل الى جانب الجيش السوري وحزب الله والجيش الروسي، والحرس الثوري الايراني في سوريا. والمعلوم، ان هناك قيادة عمليات عسكرية موحدة في بغداد تدير المعارك في سوريا والعراق وتضم ضباطاً روس وايرانيين وسوريين ومن حزب الله وتم حل مشكلة «اللغة» وعلاقتها بالاتصالات وبالتالي الواقع العراقي يميل جذرياً لمصلحة ايران.وفي سوريا المشهد واضح، وهو لمصلحة الجيش السوري وحلفاؤه في كافة المحافظات السورية، ولم تتمكن السعودية ودول الخليج وتركيا من المس بنظام الرئيس السوري بشار الاسد. والصورة الآن مغايرة فتركيا مختلفة عن 2011، واوروبا لديها وفوداً امنية من كبار الضباط يقفون على اعتاب المسؤولين الامنيين السوريين ويطلبون معلومة، عن هذا او ذاك. فسلمان العبيدي منفذ هجوم مانشستر كان في سوريا، وبالتحديد في الرقة. وكلها معلومات تملكها الاجهزة السورية. وحالياً الجيش السوري، في ظل الهدنة، يقوم بانجازات في تدمر، ووصل الى الحدود العراقية – الاردنية. وسيفتح طريق طهران – بغداد دمشق – بيروت مهما كانت العوائق ومهما كان حجم التدخل الاميركي المباشر في «التنف» و«البوكمال» و«سبع بيارات». وبالتالي، الصورة في سوريا تميل جذرياً لمصلحة ايران وحزب الله.وفي مصر، فرضت التطورات الميدانية على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القيام بخطوات جذرية لضرب الارهاب وخوض حرب بلا هوادة، وتحديداً في سيناء المفتوحة على الحدود الليبية، وتدفق مئات الارهابيين.وفي المعلومات، ان التنسيق المعلوماتي والامني بين الجيشين المصري والسوري في اعلى مستوياته، وان ضباطاً مصريين قاموا بجولات ميدانية في جميع المناطق السورية واطلعوا على سير التطورات الميدانية. وهذا سيؤدي حتماً الى تواصل مع ايران وحزب الله مستقبلاً، لان العلاقات المصرية – الروسية في تقدم. وهناك دعم للجيش المصري، والرئيس السيسي قال بوضوح «لن ننتهي من ازمتنا في مصر قبل ان ننهي الازمة السورية ونعيد سوريا الى عافيتها». وفي المعلومات، ان الرئيس المصري لم يكن يريد حضور قمة الرياض لولا الاتصال المباشر من ترامب.مصر تعيش ازمات متعددة لن تخرج منها الا بتعزيز العلاقات مع دمشق. مصر منحازة الى سوريا وترفض اي حرب على ايران، والوضع الميداني لمصلحة الجيش المصري.اما في ليبيا، فان قوات اللواء حفتر تتقدم ومدعومة من روسيا ومصر. وبالتالي فان محور الرياض لم يتمكن من فرض سيطرته على ليبيا. وهو يعاني ايضاً مع الجزائر وتونس في ظل بداية حرب على الارهابيين وفتح قنوات التواصل مع ايران وسوريا.وتبقى الساحة اللبنانية والتهويل من خلالها لفتح جبهة الجنوب من قبل اسرائيل على حزب الله والجيش اللبناني، وبات العصر الاميركي قادم الى لبنان مع تحاليل عن تطورات ميدانية غير مستندة الى وقائع فيما الواقع الميداني مغاير كلياً في ظل قدرات الجيش اللبناني وحزب الله والالتفاف الشعبي. ومن المستحيل تغيير موازين القوى في البلد، في ظل عهد الرئيس ميشال عون المتحالف مع المقاومة اللبنانية. كما ان الاجواء الداخلية مغايرة بالمطلق لاجواء 2005 ومرحلة استشهاد الرئيس رفيق الحريري. ورغم ذلك هزمت اسرائيل في حرب 2006. اما الآن، فهناك وفاق سياسي ودولة مركزية وجيش موحد والتوازنات الداخلية لا تسمح بأي تقدم لمحور الرياض وطروحاته في لبنان، ولا احد يريد هذه اللعبة، ولا حرب في لبنان.الصورة في لبنان وسوريا والعراق واليمن ومصر وليبيا وفلسطين ليست لمصلحة محور ترامب واعلان الرياض، وبالتالي لا متغيرات ولا صورة جديدة، وكل ما يجري مجرد تهويل سيقتصر على الضغوط المالية وتشديد الحصار. وهذا الحصار تعيشه الثورة الايرانية منذ انتصار الامام الخميني وهي تنتقل من حصار الى حصار، ورغم ذلك تحولت الى اكبر قوة اقليمية في المنطقة، وبرهنت عن ذلك بانتخابات رئاسية هادئة، جاءت بالاصلاحيين كما يلقبون والتزم كل الشعب الايراني النتائج، فيما واشنطن ما زالت تعيش الانقسامات الرئاسية والخلافات الداخلية ومحاولات عزل ترامب. وبالتالي اي متغيرات ستحصل في المنطقة؟صيف هادئ سيشهده لبنان، مع موسم اصطياف واعد تزامناً مع ضغوط مالية سيتمكن حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة بعد التجديد له من التعامل معها «بحكمة» وتجاوزها كما تم تجاوز العقوبات الماضية. وبالتالي الامور هادئة، واسرائيل باتت «الحلقة الاضعف» جراء الانتفاضات الفلسطينية والقلق من صواريخ حزب الله وحماس، وهي ايضاً تريد الاستقرار في ظل تحضيراتها لموسم السياحة، وتحديداً في الجليل.مرحلة الربيع العربي بدأت بالانتهاء، ولن تجددها قمة الرياض،والذين يهولون بالحروب، فالحرب مفتوحة منذ 2011 في سوريا وقبلها في العراق، فماذا كانت النتائج؟ الاميركيون يعرفون هذه الصورة والوقائع، الا اذا قرروا فتح حرب عالمية ثالثة ستكون خسائرها كارثية على الكرة الارضية برمتها.
التاريخ - 2017-05-25 10:54 AM المشاهدات 1069
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا