سورية الحدثقد يكون من الغريب، أنه في الوقت الذي يعلن الجيش السوري سيطرته على القابون شمال دمشق، تعلن المصالحة والتسويات في برزة، إلّا أن الرابط الذي يجمع بين هاتين المدينتين ملف واحد، أي الملف الشمالي والشرقي للعاصمة، خاصة أن برزة المغذي الأساس للقابون ومنها لجوبر وصولاً لعربين والغوطة الشرقية، وبانتهاء برزة وإعلانها منطقة آمنة سيزيد الضغط على الغوطة الشرقية، لكونها خزانهم المغذي.الضغط العسكريلاشك أن العملية العسكرية في القابون كان لها الدور الأكبر في مصالحة برزة، لا سيما أن برزة أصبحت مطوقة من جميع المحاور، حسب مصدر في الدفاع الوطني، حيث يقسم الحي إلى عدة قطاعات وهي: مركز الحي- البساتين- حارة السويدا- حارة الغربية- طريق الحنبلي- ظهر المسطاح، وكانت تتمركز وحدات الجيش في منطقة البساتين الملاصقة لمشفى تشرين العسكري، وجزء من تلة ظهر المسطاح الملاصق لعش الورور، وكذلك حارة السويدا وهي مجاورة لمركز البحوث العلمية، أما الحارة الغربية فهي مطوقة من مركز البحوث العلمية. المصدر الميداني أشار لـ"الأيام" إلى أن الذي سهل اتفاق المصالحة في برزة أنه لم يعد خيار للمسلحين سوى اتفاق المصالحة ولا يوجد أي خيار بديل، خاصة أنه قبيل اتمام تطويق برزة كانت لديهم سقف عال من المطالب بإطلاق سراح موقوفي إرهاب، إلّا أن تطويق المنطقة جعل سقف مطالبهم منخفضاً، وتم فرض اتفاق المصالحة تمهيداً لعودتها إلى حضن الدولة.تصفية المشاركين بالمصالحةولفت المصدر الميداني أن برزة مقسومة لقسمين أحدهما يتبع لمسلحين من عدة فصائل والآخر لمسلحي جبهة النصرة، حيق تمت تصفية العديد من رجال المصالحة في تلك المنطقة كي لا يتم التمهيد لأي تسوية أو مصالحة، وكان يتم قتل كل من لديه تواصل مع الدولة أو من يريد عودة المنطقة آمنة بوجود الدولة.المصدر العسكري أكد أن تطويق المنطقة لم يمنع إدخال الغذاء والمستلزمات طوال الوقت، كما تم تقديم التسهيلات لخروج طلاب الجامعات خلال فترة الامتحانات، ولكن على العموم جاء تطويق برزة كورقة ضغط إضافية لإتمام عملية المصالحة، لأنه لم يعد من المقبول وجود منطقة خارج سيطرة الدولة، وقريباً ستعلن برزة خالية من السلاح والمسلحين، فيما أكد مصدر من المسلحين رفض ذكر اسمه لـ"الأيام" أن عدداً كبيراً منهم لا يرغب بالخروج إلى إدلب وسيقوم بتسوية وضعه.تحرير القابونلاشك أن العملية العسكرية التي استطاع الجيش فيها تحرير القابون كان لها الدور الأساس في مصالحة بزرة، وفي نفس الوقت سيؤدي ذلك إلى تمركز وحدات الجيش في منطقة أخرى على جبهة العاصمة، حسب العميد المتقاعد علي مقصود. مقصود أشار إلى أن برزة شكلت الشريان الرئيسي للإمداد في كل من القابون وجوبر وبانتهاء برزة تم إغلاق أهم منافذ الإمداد تجاه الغوطة، لافتاً إلى أن هذه الإنجازات العسكرية ستنعكس إيجاباً على المناطق المجاورة في دمشق، خاصة مستشفى تشرين العسكري، والاوتوستراد الدولي دمشق– حمص.فيما يشير اللواء المتقاعد محمد عباس إلى أن مصالحة برزة ستحل الجزء الأكبر للخطر تجاه طريق حرستا وضاحية الأسد، والمحور الأساسي للطريق الدولي دمشق- حمص ليبقى الخطر القائم بين جوبر وعربين وحرستا ودوما. مستشفى تشرين ونهاية مسلسل الخطفمن جانب آخر لفت الباحث السياسي محمد العمري إلى أن إنجاز المصالحة في برزة يزيد من الضغوطات على منطقة الغوطة الشرقية، ويضعها بين فكي كماشة لاسيما بعد قطع طرق الإمداد بالغوطة وتدمير الأنفاق والمداخل الاساسية من بزرة والقابون، واليوم تعمل ميليشيا جيش الإسلام على الدفع بباقي الفصائل المسلحة بعدم قبول أي مصالحة أو تسوية لأن هذه المصالحات ستنعكس على مناطق سيطرتها، وفي نفس الوقت تضعف معنويات المسلحين.وأشار العمري إلى أن مصالحة بزرة ستحمي الخاصرة الرخوة شمال العاصمة، كذلك توسع من رقعة الأمان وتقلل من عمليات الاستفزاز عند المسلحين والخطف وقذائف الهاون، واليوم وبعد منطقة أن أصبحت منطقة الوعر آمنة بشكل كامل سيكون الطريق من دمشق لحمص آمناً بأكمله وقد ينعكس على التجارة.سركيس قصارجيان وهو صحفي متابع بالشأن الميداني أشار إلى أن برزة مثلها مثل أي منطقة جرت فيها التسويات بدمشق، ولكن ما يميز المنطقة ويعطيها خصوصية أنها من أولى المناطق التي أبدت استعدادها لأن تكون محيدة عن العمليات العسكرية وذلك بأول هدنة عام 2014 وكان من أهم نتائجها الحفاظ على أرواح المدنيين بالدرجة الأولى. قصارجيان لفت إلى أن برزة من أهم ملفات المصالحة في دمشق وأنه بختام هذه المصالحة لن يبقى الكثير وسيتم التمهيد لعودة مؤسسات الدولة إلى المنطقة، مشيراً إلى أن عملية تحرير القابون سرعت بشكل كبير فرض اتفاق المصالحة في برزة، لأن الوضع لم يعد منطقياً، حسب قوله، بوجود بؤرة في دمشق يوجد فيها المسلحون والخيار الوحيد لهم فقط هو المصالحة والتسوية.يبدو أن النصيب الأكبر لدمشق أكثر من ريفها في المصالحات هذا العام، من قدسيا إلى الهامة إلى القابون وبرزة، فيما لاتزال المفاوضات قائمة حول المنطقة الجنوبية خاصة في القدم والمناطق المحيطة لإعلانها دمشق وريفها منطقة خالية من السلاح والمسلحين.الايام
التاريخ - 2017-06-02 2:11 PM المشاهدات 1132
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا