كثيرة هي الشواهد على التفرّد بالعمل بعيداً عن روح الفريق لدرجة أصبح ذلك ظاهرة متفشية في كل مؤسساتنا الحكومية وعلى جميع المستويات..!.في الحقيقة هذه إشكالية لا يستهان بها، لما لها من انعكاسات على حيثيات ومفاصل عملنا الحكومي المسخّر في النهاية لخدمة الوطن والمواطن، فالنجاح الكلي يجب أن يكون الهدف الأول للجميع، لا أن يعمل كل طرف وفق ما يرتئي وبالتالي تحقيق النجاح الجزئي، هذا إن تحقق فعلاً…!.للأسف نجد أن غياب التنسيق بين جهاتنا الرسمية هو العنوان الأبرز للعلاقة بينهما، فغالباً ما تسعى كل جهة إلى العمل بمفردها دون التنسيق –في كثير من الأحيان- مع من يجب التنسيق والتعاون معه للوصول إلى أفضل صيغة من العمل المشترك وكل ما يتعلق بذلك من إقامة مشاريع تنموية تنعكس على إنعاش اقتصادنا الوطني، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد غياب التنسيق والتعاون بين وزارتي الزراعة والصناعة لوضع استراتيجية لإقامة مشاريع أو عناقيد صناعية للتصنيع الزراعي.ونتيجة لعدم التنسيق هذا والتفرّد بالعمل تطفو لدينا عدة مفارقات مؤلمة منها على سبيل المثال لا الحصر تخمة أسواقنا بمنتجات زراعية مُصنّعة، ومستوردة من بلدان غير زراعية مثل دول الخليج التي نستورد منها –مثلاً– العصائر، في حين أن منتجي حمضياتنا يعانون من خسارات زراعية نتيجة كساد منتجاتهم في كثير من المواسم نظراً لعدم تصريفها بهوامش أرباح مقبولة، وكذلك الأمر بالنسبة للألبان والأجبان وغيرها..!.كما أن ضياع دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ناجم أيضاً عن غياب التنسيق، حيث لوحظ خلال العقود المنصرمة وجود أكثر من جهة تعمل على هذا الركن الاقتصادي الاستراتيجي المهم، كلٌ حسب رؤيته دونما وجود تنسيق بين هذه الجهات للوصول إلى برنامج عمل محدد الأهداف والرؤى، لتكون النتيجة تشتت الجهود وانحراف بوصلة الدعم..!.نعتقد أن لوثة “سيطرة الأنا” وما أفرزته من تنحٍّ للأداء المؤسساتي عن ساحة العمل الحكومي في كثير من المطارح، هي السبب الرئيس لغياب هذا التنسيق، إذ بات معروفاً لجوء من يكلّف منصباً ما –في أغلب الأحيان- إلى نسف أو تحجيم سياسة سلفه، والإتيان بأخرى وفق وجهة نظره، ويبدأ من العمل من الصفر، إما بتغيير بعض مفاصل مؤسسته، وإما بإصدار قرارات وتعاميم لها علاقة بتطوير العمل بما يخدم المصلحة العامة وفق وجهة نظره، أو أنه يعيد هيكلة وترتيب البيت الداخلي الذي بات معمولاً به كثيراً هذه الأيام أو…الخ. وما إن ينتهي من هذا كله ويعلن صافرة البداية على أمل حصد نتائج “وقد تكون بالفعل إيجابية”، يتم استبدال راسم هذه السياسة الجديدة، بآخر يعيد الكرة من جديد وهكذا..!.فمع إطلاق صافرة الإصلاح الإداري يعترينا أمل نسف هذا المشهد من جذوره، والتمهيد لمستقبل إداري يقوم بالفعل على المأسسة الحقيقية البعيدة كل البعد عن الأنا المقيتة.حسن النابلسي
التاريخ - 2017-06-24 1:38 PM المشاهدات 563
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا