خاص بقلم محمد الحلبي جريمة بشعة اكتنفها الغموض وأحاط بها أياماً عديدة لعدم وجود أدلة واضحة تمكن رجال الأمن من مسك طرف خيط والاقتداء به إلى الجاني، وخصوصاً أن المجني عليه كان ذو سمعةٍ حسنة ولم يكن له أعداء على الإطلاق حسب إفادات الشهود والمقربين منه...جريمة في المكتبكانت الساعة قد شارفت على الحادية عشرة ليلاً عندما دخل السيد (أبو خالد) إلى مكتب جاره (أبو ماجد) الذي يعمل بالتعهدات والإكساء ليلقي عليه تحية المساء قبل أن يذهب إلى منزله، فوجده مرمياً على الأرض غارقاً بدمائه وكأنه جثة هامدة لولا بعض الأنين المكتوم الذي يصدر عنه بصعوبة، وعلى الفور اتصل (أبو خالد) بالإسعاف وتم نقل (أبو ماجد) إلى مشفى دمشق حيث تم إدخاله إلى العناية المركزة بعد أن اتضح أنه تلقى عدة طعنات بأداة حادة وفي أماكن قاتلة من جسده.. حيث تركزت هذه الطعنات في الصدر ناحية القلب والرقبة والوجه، وقد تم إعلام ذوي المغدور ورجال الأمن بالواقعة عندما باشر هؤلاء تحقيقاتهم وجمع المعلومات عن سلوكيات وتحركات (أبو ماجد) فيما إذا كان له أعداء أو كان قد تشاجر مع شخصٍ ما قبل الحادثة.. لكن الشهود جميعهم أكدوا أن (أبا ماجد) يتمتع بسمعةٍ طيبة وأنه ذو خلقٍ حسن ومحبوب من الجوار، ولم يصادف أنه تفوه بكلمةٍ سيئة مع أحد...في مسرح الجريمةبالانتقال إلى مسرح الحادث كان المكتب هادئاً ولا يوجد آثار خلع أو كسر سوى دماء المجني عليه التي ملأت المكان، وقد وجد رجال الأمن محفظة (أبو ماجد) ملقاة على الأرض، ولدى معاينتها تبين أنها خالية من النقود ماعدا بعض الأوراق والهوية الشخصية العائدة للمغدور، ولدى سؤال ذوي المغدور (أبو ماجد) فيما إذا كان الأخير يحتفظ بالمال في مكتبه نفى أهله ذلك، وأكدوا أنه يأتي بالمال إلى المنزل فقط في حال لم يتمكن من إرساله إلى البنك في ذات اليوم، وأنه لا يترك أية نقود في المكتب، وقد سأل رجال الأمن موظفي المكتب عن المعاملات التي قام بها المغدور يوم الحادثة فأكدوا أنه التقى ببعض الزبائن لكنهم لم يجزموا فيما إذا كان قد قبض من أحدهم أية مبالغ مالية، وهنا كان لزاماً على رجال الأمن استجواب الزبائن، لكن إفاداتهم لم تغير من واقع الحال شيئاً، سوى أن المحققون وصلوا إلى قناعة أن الجاني على علم بتحركات (أبو ماجد) وموظفيه، لهذا لم يقم باقتحام المكتب إلا بعد أن تأكد من مغادرة الموظفين إلى منازلهم مساءً، وخصوصاً أن معظم الزبائن أفادوا أنهم يتعاملون مع (أبو ماجد) لأول مرة، وهذا ما أكده الموظفون أيضاً...شمس الحقيقةبعد عدة أيام على الحادثة ونتيجة التحقيقات والجهود التي بذلها رجال الأمن تم الاشتباه بأحد الموظفين القدامى والمدعو ( أ. س ) والذي كان (أبو ماجد) قد طرده من العمل بسبب إهماله الوظيفي وسوء أخلاقه، وما عزز ثقة رجال الأمن بتوجيه التهمة إلى ( أ . س ) هو عدم تمكنه من إثبات تواجده ساعة الحادثة، لكن لم يكن بيد رجال الأمن دليلاً واضحاً لإدانته حتى كتب القدر لـ (أبي ماجد) أن يسترد شيئاً من عافيته ليروي لرجال الأمن رغم صعوبة حالته الصحية ما دار من أحداث في تلك الليلة الدامية...كشف المستورأفاد (أبو ماجد) أن الأحداث بدأت بعد ذهاب موظفيه إلى منازلهم في مواعيدهم المعتادة عندما دخل عليه المدعو ( أ . س ) والذي كان يعمل عنده سائقاً فيما مضى قبل أن يطرده من العمل بسبب سوء أمانته، وقد طلب منه هذا الأخير بعض النقود رغم أنه قد أعطاه كامل مستحقاته عندما قام بطرده، وأشار إلى وجود أوراق تثبت أقواله وموثقة لدى دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل، وبعد مدة عاد وطالبه بالمال فقام بإعطائه مبلغاً آخر على أن لا يعود مرة أخرى، لكن ما هي إلا أيام قليلة حتى عاد إليه مطالباً إياه بالمال فامتنع عن تلبية طلبه فما كان منه إلا أن أخرج (موس كباس) وراح يُعملَه في جسده دون أي رحمة، وكان آخر ما شعر به هو ارتطام رأسه بطاولة المكتب وغيابه عن الوعي...هذا وقد أُلقي القبض على ( أ . س ) وتمت إحالته إلى القضاء بتهمة الشروع التام بالقتل تمهيداً لجناية السرقة ولزوم محاكمته أمام محكمة الجنايات بدمشق...
التاريخ - 2017-08-05 4:14 PM المشاهدات 1305
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا