قال وزير المالية مأمون حمدان في تصريح له مؤخراً حول زيادة الرواتب: “لا يمكن أن تتم أي عملية اقتصادية إلا بعد قرار يدرس بالدرجة الأولى”، منوهاً بأننا نهتم بالدرجة الأولى بمعيشة المواطن وزيادة الرواتب ليست السبيل الوحيد لتحسين معيشة المواطن إنما هناك حلول اقتصادية تقوم بها الدولة ونحن نعلم أن أي زيادة سيكون لها آثار تضخمية إن لم تترافق بعملية إنتاجية، فالإنتاج هو الأساس وعندما نصل لحالة معينة يمكن بعدها اتخاذ القرارات.متابعون استغربوا هذا التصريح، الذي كان بعيداً كل البعد عن ما قاله رئيس الحكومة مؤخراً: بأن أهم تقييم لعمل الحكومة رضا المواطن”، فإذا لم يكن المواطن مرتاحاً اقتصادياً فهل سيكون راضياً في معيشته؟.كما أنه بعيد كل البعد عن الأسس الاقتصادية، فوزير المالية تحدث عن 3 نقاط وهي “زيادة الرواتب ليست السبيل الوحيد لتحسين معيشة المواطن”… “وأن هناك حلول اقتصادية تقوم بها الدولة”…”وأن الزيادة سيكون لها آثار تضخمية”، ونحلل هذه النقاط الثلاثة، النقطة الأولى وهي أن زيادة الرواتب ليست الحل الوحيد لتحسين معيشة المواطن، متابعون وجدوا أنه إذا لم تكن زيادة الرواتب قادرة على تحسين المعيشة فمن هو القادر على تحقيق ذلك في ظل هذه الغلاء الفاحش وتآكل مداخيل الأسر في سورية، ولا يخفى على أحد أن راتب افضل موظف في القطاع العام (باستثناء الوزراء) لا يتجاوز 40 الف ليرة، في حين نفقات هذه الموظف، تتجاوز 140 الف ليرة شهرياً، وينطبق ذلك على أجور العاملين في القطاع الخاص أيضاً، إلا بعض النشاطات الاقتصادية، التي لسنا بصدد ذكرها حالياً، فهل يمكن لوزير المالية أن يجد حلاً مناسباً لهذه المعادلة المعجزة، أي أن الموظف ينفق أكثر من ضعفي راتبه شهرياً، فهل سأل وزير المالية من أي يأتي الموظف بذلك.. وهل سأل وزير المالية الموظف كيف يؤمن أجار منزله، وطعام أسرته وكسوتها وجميع مستلزماتها، وهل سأله عن مدخراته، والاهم هل سأله عن ديونه؟!! عندما يسأله عن ذلك سيعلم أن الموظف سيكون في قمة السعادة لو زاد دخله وارتفع ولو بمقدار يغطي به نفقات مواصلاته الشهرية التي تتجاوز 15 ألف ليرة.طبعا زيادة الرواتب ليست حلاً وحيداً لأنها لن تستطيع تغطية الفجوة الكبيرة بين الأسعار والمداخيل، كما أنها لا تشمل القطاع الخاص ولا بقية فئات المجتمع، ولكن قد تكون حلاً لسد فجوة صغيرة من حاجات الموظفين، الذين أكلهم الدين. النقطة الثانية وهي أن هناك حلول اقتصادية تقوم بها الدولة لتحسين مستوى المعيشة، متابعون سألوا: أين تلك الحلول، هل برفع أسعار المازوت أم برفع أسعار الخدمات من انترنت واتصالات، وأدوية والقائمة تطول…؟ أين تلك الحلول الاقتصادية؟.النقطة الثالثة التي تحدث عنها الوزير حمدان هي أن الزيادة في الرواتب سيحدث أثر تضخمي، ونحن نؤكد أن ذلك لن يحدث فكيف لسوق متعطش للاستهلاك أن يفرز التضخم، فالتضخم يحدث عندما تكون الكتلة النقدية أكبر من الإنتاج، ولكن نجد أن الكتلة النقدية التي بأيدي المواطنين ضعيفة جدا، والفجوة بين الدخل والأسعار كبيرة جداً جداً، ومهما زادت الرواتب لن تغطي هذه الفجوة، وبالتالي لن يحدث أي تضخم، إلا بفعل فاعل، أي عندما يلجأ ضعاف النفوس لرفع الأسعار بحجة ارتفاع الرواتب، وهذا ليس ذنب المواطن بل مسؤولية الجهات الرقابية التي يجب أن تكبح حدوث ذلك، وهنا يمكن القول أن ضخ كتلة نقدية جديدة بأيدي المواطنين لن يكون له أثار تضخمية كون هناك تعطش وفجوات كثيرة يحتاج المواطن لتلبيتها، وهذا من شأنه أن يحرك عجلة السوق بمختلف المجالات، لا أن يحدث أي أثر تضخمي، ولنسترجع ما قاله الخبير الاقتصادي عابد فضلية مؤخرا خلال المؤتمر الاقتصادي الذي انعقد، حيث قال: أن معظم شرائح المجتمع غيرت بشكل كبير سلم أولوياتها في الاستهلاك، وعمدت لمواجهة ذلك إلى استنزاف مكتنزاتها ومدخراتها (إن وجدت) أو للاقتراض (إن تمكنت)… وهذا له آثار اقتصادية سلبية على قدرة الاقتصاد الكلي المستقبلية الادخارية والاستثمارية، باعتبار أن مجموع الإنفاق (من الأموال المقترضة أو المكتنزة) يُعد ادخاراً قومياً سالباً، والادخار القومي يعد بنظر الاقتصاد الكلي هو ذاته الاستثمار القومي، وبالتالي فإن المستقبل القريب والمتوسط سيشهد ضعفاً في الاستهلاك وفي الادخار وفي الاستثمار لشرائح عريضة من المواطنين السوريين، ما سينعكس سلباً على المؤشرات الاقتصادية القومية.سينسريا
التاريخ - 2017-08-23 10:39 PM المشاهدات 922
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا