شبكة سورية الحدث


بائع الفطائر الذي يظهر محللا سياسيا على الشاشات!!

حاتم الجمسي هو مصري يعيش في الولايات المتحدة الأميركية منذ سنوات ويعمل صانعاً للشطائر في حانة صغيرة يمتلكها، قدم نفسه للقنوات التلفزيونية المصرية بوصفه خبيراً في الشؤون الأميركية وفقاً لما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» عبر تحقيق مصور.جاء دخول الجمسي لعالم التحليل السياسي بعدما تنبأ في وقت سابق بفوز الرئيس الأميركي ترامب، في الوقت الذي تفوقت «هيلاري كلينتون» بنحو عشرين نقطة. هكذا التقطته إحدى الشاشات للتعليق على الأحداث ومنها صار ضيفاً دائماً على قنوات مختلفة، ساعده في ذلك حصافة ملحوظة، واتخذ من «مرحاض» مطعمه، منبراً يطل من خلاله عبر «سكايب» بعدما أعده في شكل ملائم. وبرّر الجمسي للصحيفة الأميركية حديثه في تلك الشؤون الكبرى بقوله: «أنا رجل مثقف وكوني صانع شطائر ليس ضد القانون».وعلى صفحته على «فايسبوك»، عرّف الجمسي نفسه بوصفه كاتباً ومحللاً سياسياً في الشؤون الأميركية وقضايا الشرق الأوسط، واستنكر التعليقات على الأمر وعبّر عن فخره بكونه مهاجراً فقال: «وكأن عليّ أن أخجل من اني مهاجر وصاحب مشروع تجاري ناجح في مدينة كبيرة مثل نيويورك، وكأن على القنوات الإخبارية أن تخجل من التعامل معي وأنا أحمل شهادة جامعية ودورات دراسية من جامعة عريقة هي «سان جونز»، وعلى وشك البدء في الماجستير في العلاقات الدولية، ولي کتاب منشور بالإنكليزية، وكأن عليّ أن أخجل وكنت من القلائل الذين توقعوا فوز ترامب وقدمت تحليلاً وأسباباً منطقية لذلك» ، مؤكداً أنه لن يأبه أو يكترث لمن هاجموه لأنهم أقلّ شأناً من أن يُردّ عليهم.يذكر أن الجمسي من مواليد محافظة المنوفية (شمال دلتا مصر)، واشتغل معلماً للغة الإنكليزية حتى هاجر إلى الولايات المتحدة، عام 1999، لدراسة الإنكليزية في جامعة «سان جورج».يأتي الجدل الذي أثاره هذا المهاجر الأميركي ليفتح سجالاً حول ظاهرة الضيوف الذين ينتحلون صفات مزيفة. قبل شهور، استضافت إحدى الفضائيات شخصاً انتحل صفة الطفل سيف مجدي الذي اشتهر بأداء الأغنيات الوطنية في مناسبات رسمية عدة أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلا أن الصبي الحقيقي كشف ذلك الشخص المزيف.كما وقعت بعض الوسائل الإعلامية في فخ نصبه أحد طلاب كلية الصيدلة في جامعة الأزهر والذي ادعى حصوله على المركز الأول في المسابقة العالمية في حفظ وتلاوة القرآن الكريم واستضافته بعض الفضائيات وتبين كذبه لاحقاً.وفي وقت سابق، فجّر مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير جمال بيومي فضيحة أخرى بانتحال أحد ضيوف التلفزيون المصري صفة سفير سابق على خلاف الحقيقة، واحتج على استضافته مؤكداً أن ذلك الشخص لم يكن في السلك الديبلوماسي المصري يوماً.وتكشف تلك الظواهر غياب المعايير والأطر لاستضافة الضيوف والمحللين وأن طواقم إعداد البرامج تقع في أخطاء بالغة وتسقط في فخ عدم التحقق من الضيوف، أو قصر الظهور على مجموعة ضئيلة ومتكررة من الوجوه، وأن الأمور تدار في شكل يشوبه العشوائية والعجلة.وسئل الخبير الإعلامي ياسر عبدالعزيز حول افتقاد القنوات التلفزيونية المعايير الواضحة في شأن استضافة الضيوف الملائمين فقال لـ «الحياة»: «تلك المشكلة لا تقتصر على الشاشات المصرية وحدها، لكنها حدثت في بيئات إعلامية متقدمة في أميركا وأوروبا، إذ جرى تقديم مصادر في شكل خاطئ، وهناك تقارير عدة تضمنت ذلك حول مصادر ظهرت عبر الشاشات وقُدمت على غير حقيقتها».وعلّل عبدالعزيز أسباب ذلك بقوله إن «ثمة صعوبات معينة ينطوي عليها العمل الإعلامي لاسيما في ما يتعلق بالوقت وصعوبات الاتصال أحياناً أو الوصول إلى المصادر الخطأ، إضافة إلى أن العمل الإعلامي له سمات خاصة بينها العمل تحت ضيق الوقت، ما يؤدي أحياناً إلى تقديم المصدر أو توصيفه في شكل خاطئ. وثمة واقعة شهيرة عبر شاشة الجزيرة حين تحدث المذيع جمال ريان إلى إحدى القيادات الفلسطينية، وبعدما أوغل معه قليلاً في النقاش اكتشف أنه خال القيادة الفلسطينية المقرّر الاتصال بها، وخاطبه مذيع الجزيرة قائلاً: «سيد محمد هل تسمعني»، فأجابه الضيف قائلاً: «لست محمد أنا «خالهُ» فاستمر ريان في مخاطبته على أنه قيادة فلسطينية «سيد خالو هل تسمعني؟».وتابع الخبير الإعلامي في ما يتعلق بالواقع المصري قائلاً: «تفاقمت آثار تلك الظاهرة بسبب تراجع المستوى المهني واستسهال فرق الإعداد، لاسيما أنها تعمل في مصر تحت وقع ظروف ضاغطة جداً، بفعل تراجع الرواتب، ومحدودية فرص العمل، فضلاً عن اضطرار العاملين في مجال الإعداد التلفزيوني للعمل في أكثر من وظيفة للوفاء بالمتطلبات الحياتية، ومن ثم لا يتوافر وقت للتدقيق أو تجويد العمل».وأوضح عبدالعزيز بالقول: «ثمة مشكلة أخرى تكمن في محدودية عدد المصادر التي يجري تدويرها على القنوات، بحيث ان طواقم صناعة الإعلام ضيقة الأفق ولا يمكنها اكتشاف المصادر الجديرة في شكل مناسب، وتقتصر الاستضافة على عدد من الأسماء المنتشرة سلفاً بين المعدين من دون القدرة على الابتكار أو تجديد تلك النخبة التلفزيونية».اما رئيس تحرير برنامج «90 دقيقة» (قناة المحور) الصحافي سامي عبدالراضي فأوضح لـ «الحياة» أنه «يفترض على رئيس تحرير البرنامج وفريق الإعداد البحث حول السيرة الذاتية للضيف، وهو ما أتبعه عبر عملي في مجال الإعداد التلفزيوني على مدار 12 عاماً، إذ ينبغي توثيق المعلومة من حيث صفته وأماكن ظهوره، ومشاهدة لقاءات سابقة له لاستبيان كونه يصلح ضيفاً تلفزيونياً من عدمه، إذ ينبغي أن يتمتع بمواصفات معينة في الشكل والمضمون والأداء، ولابد من تطبيق تلك المعايير لكونها بديهيات، ولتجنب التعرض للخداع».وفسر عبدالراضي تلك الواقعة بقوله: «ربما يكون هناك معد متهور تلقى اتصالاً، ليخبره أحدهم أنه كاتب أو صحافي يقيم في الولايات المتحدة منذ سنوات ولديه إلمام بالأحداث والتفاصيل والكواليس، طالباً منه أن يستضيفه للتعليق حول الأحداث، ومادام ظهر مرة واحدة على الشاشة يعني ذلك بمثابة اعتماد له ويصير من السهل الظهور عبر شاشات أخرى، بحيث ينتشر اسمه ورقمه بين الصحافيين وطواقم الإعداد التلفزيوني، يعززه أن الظهور عبر «السكايب» غير مكلف، بخلاف الاستديو الذي قد يتطلب دفع الأموال للضيف».وشدد رئيس تحرير برنامج «90 دقيقة» على ضرورة وجود عقاب رادع كي لا يتكرر الأمر ، مضيفاً: «لابد من محاسبة فريق الإعداد الذي ارتكب هذه الواقعة لعدم التدقيق والتحقق عن المصدر، ولا لوم يقع على مقدم البرنامج، فكيف لهم أن يوثقوا المعلومات المعروضة عبر البرنامج، في وقت انهم فشلوا في التحقق من الضيف، وهذا يسمى استسهالاً في الوصول إلى المصدر، وهذا بفعل التسرع وعدم الدقة… ويقع اللوم على من استضافه للمرة الأولى، إذ أعطاه صكّ الدخول إلى الحلبة التلفزيونية في عالم المحللين السياسين في واشنطن».وأشار سامي عبدالراضي إلى أنه طالع التقرير المنشور على «نيويورك تايمز»، ويرى أن الرجل ظهر كما لو كان يسخر من القنوات التلفزيونية، ويتباهى بخداعهم».” الحياة “
التاريخ - 2017-09-20 5:17 PM المشاهدات 613

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم