لقد التقيت بشار الأسد يوم السبت وتحدثنا على مدى ساعة تقريباً. لقد كان لقاءً ودياً – وجه لوجه -. إنه شخص ودود و مُرحّب و ليس شخصاً وحشاً أو بارداً، لكنه كان يتحدث في الوقت نفسه بكلام صارم مليء بالمعاني، و هو يمتلك طريقة خاصة بالتفكير، لأنه يرى العالم السوري – الذي ينتمي إليه – و هو يتراجع و يتقهقر. هنا لا يراودنا إحساس بأنه شخص محاصر. مهنته الأصلية هي طبيب عينية، ولهذا نرى طريقته الخاصة بالشرح وتحليل الأمور، من خلال حركات يقوم بها بيديه بشكل خاص، و هي شيء ملفت للنظر. هو لا يشبه أبداً شخصاً عسكرياً، جامداً، وهو يعتمد أيضا بطريقة تفكيره على طرح الأسئلة: الأمر الذي يساعده على الهروب نوعاً ما من بعض الأسئلة. لكنه يفاجئنا في الوقت نفسه بتحليلات لأخطاء سابقة ارتكبتها بعض الدول كفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا: حيث ضرب لنا مثلا على التدخل الأمريكي والفرنسي في ليبيا الذي أدى إلى خلق الفوضى، وهو محق بهذا الشأن بشكل أو بآخر. هو يعرف كيف يلعب بهفوات الغربين بمهارة… هنا تكمن قوته. هناك أيضا موضوع الدولة الاسلامية التي نتحدث عنها كثيراً، حيث طرحت عليه سؤالاً ما إذا كان النظام السوري يقف خلف الدولة الاسلامية، لأن هذا النظام قام في البداية بإطلاق سراح إسلاميين متطرفين من أجل تقسيم المعارضة، فأجابني أن الدولة الاسلامية ولدت في العراق في العام 2006، حيث أن أبو بكر البغدادي كان يقبع في السجون الأمريكية وليس في السجون السورية، وتم إطلاق سراحه هناك. كل هذا آتى من العراق ومن الغزو الأمريكي للعراق. في كل مرة كان يضع الغربين أمام تناقضاتهم، وهو أمر ماهر فيه. لقد انتهى لقاؤنا وكان هادئاً. إنه شخص يمكنه إجراء مقابلة معقدة وصعبة ومليئة بالمطبات دون أن يبدو عليه أنه بذل مجهوداً كبيراً، مع بقائه ودوداً واصطحاب ضيوفه إلى الباب… مع الملاحظة بأنه هو الذي أتى لاستقبالي عند مدخل البيت الصغير حيث يوجد مكتبه. كنت أتوقع أنني سأجد الكثير من الصحفيين وأنه سيكون محاطاً بحراسة شخصية مشددة. على العكس تماما، لقد أتى لاستقبالي لوحده وتوجه باتجاهي و هو أيضا من اصطحبني إلى الباب. لقد كان الأمر مربكا نوعاً ما: أن أتواجد مع شخص في مثل شخصيته، حيث إننا نرى صوره، تقريباً في كل مكان، في دمشق على الجدران في المقاهي والمطاعم والمحلات وفي الشوارع، وفجأة أرى نفسي وجها لوجه معه شخصياً، إنه أمر يثير الدهشة.
التاريخ - 2014-12-05 11:45 AM المشاهدات 727
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا