سورية الحدث وجود مكاتب للمراهنات على مباريات الدوري في العالم ليست جديدة، بل منتشرة في دوريات كثيرة ودول عديدة، وبالأخص في عدد من الدول الآسيوية، حيث تدار هذه الشبكات من هناك، والتي تدرّ مالاً وفيراً على أصحابها، كنوع من المقامرة، ولكنها تصبح خطرة عندما تحاول هذه المكاتب أن تؤثر في بعض مباريات الدوري وحتى المنتخبات من خلال سماسرتها المنتشرين في كل مكان، عندما يصبح الوارد وفيراً جداً.ماالذي دعانا لفتح هذا الملف الخطر، وما دخلنا نحن فيه ضمن النشاط الكروي السوري، دعونا نبدأ الحكاية من البداية..محاولة للكشفعبر أحد الزملاء في السويد، لاحظنا أن مباراتين من مباريات الدوري السوري منقولة على أحد مواقع مكتب للمراهنات "Bet365” لأول مرة هذا الموسم، وطلبت من زميلي "حسام الحمادة" أن يتواصل مع أصحاب الموقع لمعرفة بعض التفاصيل على أنه يريد الاشتراك بالمراهنة وبطريقته يعرف كيف يحصلون على تفاصيل المباريات، رحبوا به في البداية كمتعامل، لكنهم امتنعوا عن إعطائه أي تفاصيل حول كيفية تزويد موقعهم بتفاصيل المباراتين السابقتين وخصوصاً أنها لم تكن منقولة تلفزيونياً، واكتفوا بالقول إننا نأخذها من مصادرنا الخاصة.حادثة سابقةفي عام 2009 حاول شخصان من سنغافورة إقناع بعض لاعبي فريق تشرين عبر التواصل مع أحد أعضاء الإدارة، ومن بينهم الحارس شاكوش والمدرب هيثم جطل واللاعبان أيفيه ومحمد اسطنبلي للتلاعب بنتيجة مباراة النادي مع الكرامة، مقابل تقديم ألفي دولار مبدئياً لكل لاعب، على أن يتم الدفع في الملعب قبل المباراة، و3 آلاف بعد المباراة بغية حسم مباراة الكرامة وتشرين 3-0 لمصلحة الكرامة، بحيث تكون الأهداف في نهاية المباراة وبعد 25 دقيقة من بداية المباراة، ولكن الإدارة كانت صاحية حينذاك وسارت بالموضوع حتى النهاية بمعرفة الجهات المختصة وتم تصوير تفاصيل الصفقة كدليل إثبات. وحينها أكد عضوا الإدارة علي نجيب وعبد الله إسر أن سماسرة المراهنات عرضوا مبلغ 50 ألفاً مقابل كل مباراة، وأنهم يجرون صفقات في سورية لمباريات الجمعة والسبت وللفرق الأوروبية يوم الأحد.حادثة أخرىفي عام 2016 وبالدوري التصنيفي تعرض فريق جبلة لخسارة ثقيلة أمام الكسوة واعتبرها الكثيرون مفاجأة لكون جبلة لم يخسر في البطولة ولم يتلق أي هدف حينها، ما دفع المدرب مناف رمضان للاستقالة عقب الخسارة، معللاً حينها بأن أيادي خبيثة أرادت لفريقه أن يتجرع الهزيمة الأولى، ولم تجد صرخته آذاناً مصغية يومها، وقد كانت مباراة جبلة مع الكسوة وحدها من دون غيرها من مباريات الدوري السوري على أحد المواقع الشهيرة للرهان على نتائج المباريات، والذي يستخدمه الكثيرون للرهان على المباريات العالمية "عادة"، قد أثار جدلاً كبيراً، ولاسيما أن "ريت الربح" الخاص بنادي جبلة كان "1.41" مقابل "5.50" للكسوة، قبل أن يرتفع إلى حوالي "8.20" للكسوة في بعض دقائق المباراة، هذه الأرقام والطريقة يعرفها كل من يراهن على المباريات ويعرف جيداً أن انقلاب النتيجة يعني الكثير من الربح لمكاتب المراهنات.شاهد حياللاعب السابق محمد اسطنبلي كان أحد شهود ما حصل مع فريق تشرين عام 2009 قال: فعلاً كنت شاهداً على ماجرى حينها وكانت الأعين مفتوحة والتعاون جيداً من الجميع لكشف المراهنين، الموضوع خطر ومضر جداً لأبعاده غير الأخلاقية من جهة وضياع جهد وطموح كبير لأغلب الأندية من جهة ثانية بسبب بعض المنتفعين والمستفيدين من هذه القصص.كنا نتمنى عندما انكشف الموضوع سابقاً أن تكون هناك عقوبات ومحاسبة لأغلب المتورطين بالقصة، ولكن انطوت الصفحة وكأن شيئاً لم يكن مع وجود كافة الدلائل والبراهين والتوثيق حالياً لا أعلم إذا كانت المراهنات موجودة بالدوري السوري أم لا، ولكن أتمنى أن لاتكون موجودة حتى لا تنعدم ثقة الجمهور والمتابعين للرياضة السورية بأنديتها ولاعبيها.منتشرة عالمياًأوضح عضو لجنة الانضباط في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم منذ عام 1998 والأمين العام للاتحاد السوري لفترات زمنية طويلة سابقاً المهندس توفيق سرحان أن الاتحادين الآسيوي والدولي ﻻ يتهاونان في فرض العقوبات الرادعة بحق كل من تثبت عليه جريمة التلاعب بنتائج المباريات وبأي طريقة كانت سواء عبر مكاتب المراهنات المنتشرة في العالم أو غيرها من الطرق في حال تم ضبط وكشف المتلاعبين بالوثائق والأدلة.. كما أنه أكد أن تلك المكاتب منتشرة في الكثير من الدول وﻻ يمكن السيطرة عليها ولكن إذا ثبت تورط أحد من كوادر اللعبة بالتلاعب ﻷسباب مالية أو غير مالية وهي متعددة "حكم- إداري- لاعب" أو أي شخص آخر فستكون العقوبات قاسية ورادعة، وتصل إلى الإيقاف مدى الحياة.ولدى سؤاله عن محاولة التلاعب بالنتائج عام 2009 في سورية وكان وقتها خارج الاتحاد، أكد السرحان وهو محط ثقة في الاتحاد الدولي منذ عدة عقود بأنه لم يتم الابلاغ عنها للاتحاد الآسيوي واتخذت الإجراءات محلياً.وحول ماهية الإثباتات المطلوبة للتأكد من حالات التورط والتلاعب، أشار إلى أنها قد تكون عن طريق شهود عيان أو تسجيلات صوتية أو مرئية إضافة لكاميرات المراقبة وغيرها الكثير.. وشدد على أن المعنيين عن اللعبة لديهم السلطة التامة على أنديتهم وكوادر اللعبة كافة لاتخاذ الإجراءات والعقوبات المنصوص عنها من خلال لائحة الانضباط وللتحذير من مغبة هذه الأفعال من خلال التوعية أثناء الندوات والاجتماعات وزيادة إجراءات المراقبة لمجريات المباريات أجل سلامة ونزاهة النشاط الكروي.من دون جدوىحاولت التواصل مع أحد القائمين والفاعلين في اتحاد كرة القدم على مدى الأيام السابقة، ولكنني لم أجد أحداً أستطيع أن أتحدث إليه ممن يملكون القرار أو يمكنهم التصريح حول كيفية مجابهة هذه الخطوة في حال حصلت حتى لايطول الفساد مباريات الدوري عندنا عبر بعض ضعاف النفوس من لاعبين وإداريين وحتى حكام، وخصوصاً أن بعض المباريات في الموسم السابق كانت تثير الشبهات وهناك من تحدث عن فساد، قد لانعزوه لفساد من خلال مكاتب المراهنات فقط بل ربما لفساد داخلي يرتبط بذاك الفساد الخارجي، وقد لايكون كذلك.أصــــــل الحـــــكايــــــةأول حادثة جرت عام 1915، وعلى ملعب الأولد ترافولد، انتهت مباراة مانشستر يونايتيد وغريمه الأزلي ليفربول بفوز الأول بهدفين نظيفين.لكن بعض اللقطات الغريبة التي شهدتها المباراة وخاصة ضربة الجزاء التي أهدرها ليفربول بطريقة مريبة، أثارت حفيظة الحكام ومتابعي المباراة، وهو ما دفع بالاتحاد الإنكليزي وقتذاك إلى فتح تحقيق أدّت نتائجه لاحقاً إلى كشف شبكة مراهنات متورط بها سبعة من لاعبي الفريقين تم إيقافهم عن اللعب مدى الحياة، كان الرهان على تسجيل هدف واحد في كل شوط. كانت المراهنات تتم غالباً في مكاتب خاصة وعلى مساحات ضيقة، لكنها اليوم، بفعل ثورة التكنولوجيا والاتصالات، باتت متاحة لملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم من خلال خدمة المراهنة عبر الإنترنت والتي ظهرت للمرة الأولى في مونديال 1998. وتبلغ قيمة مراهنات كرة القدم السنوية ما بين 700 و1000 مليار دولار، وهي مبالغ من شأنها أن تعصف باللعبة برمّتها، ويحدث تلاعب بالنتائج كما حصل مثلاً مع جوفنتوس الإيطالي في العام 2006.ويسعى المتلاعبون بنتائج المباراة إلى ضمان نتائج مباريات محددة، فالقضية الأبرز هي ضمان أن تتوافق نتيجة المباراة مع النتيجة التي يتم عليها الرهان، ومن أجل تحقيق ذلك تسعى هذه المنظمات والعصابات إلى أن تعزز علاقاتها بوكلاء اللاعبين ومتعهدي إقامة المباريات ومنظمي الدورات والبطولات ومقدمي الخدمات اللوجستية وأي أعضاء فاعلين أو عناصر مؤثرة في اللعبة سواء أكانوا لاعبين أم مدربين أم إداريين، بما يسهم في ضمان تحقيق النتائج المطلوبة في المباريات الخاضعة للمراهنة وتحقيق الأرباح الحالية.بسام جميدة
التاريخ - 2017-11-18 9:05 PM المشاهدات 2425
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا