خاص سورية الحدث بقلم محمد الحلبي كثيرٌ من الناس بحثوا عن الموت علَّهم يجدون الراحة والسكينة فيه، إلا أن هذا الأخير تجاهلهم ونسيهم، لا بل تركهم عبرةً للناس ليريهم كيف يصمي القلوب والأكباد، فإن كانت ظروف الحياة وقسوتها قد أجبرتنا على القيام بأعمالٍ رغماً عنا في يومٍ ما، فإن الماضي الأليم قد يعود يوماً للانتقام في الوقت الذي كنا نعتقد فيه أن القدر قد تجاوز عن خطايانا وصفح عنا...حياة ضبابيةلم تتسم حياة (لجين) بالوضوح، فهي قد تركت المدرسة في سنٍ مبكرة دون أي معارضة من أهلها، لا على العكس راحوا يزرعون في رأسها أن نهاية الفتاة لبيت زوجها مهما علا شأنها، وفعلا تعلق قلبها بأحد الشبان الذي قوبل طلبه بالرفض عندما تقدم لطلب يدها بعد أن قام أهلها بالسؤال عنه وعرفوا أنه سيء السمعة وعاطل عن العمل، لكن (لجين) التي غرقت في بحور الهوى التي رسمها لها فارسها قررت أن تنتصر لحبها مهما كلفها الأمر، فحزمت أمرها وغادرت منزل أهلها ليلاً لتستقر في منطقة الكشكول، وليثمر زواجها من هذا الحبيب عن طفلة صغيرة قوبلت بالرفض والشك من قبل والدها قبل أن تجد (لجين) نفسها مع طفلتها على قارعة الطريق دون سببٍ واضحٍ لطلاقها...سنوات الضياعخوفها من انتقام أهلها بسبب هربها دفعها إلى عدم التفكير باللجوء إليهم نهائياً، بل آثرت (لجين) البحث عن عمل يكفيها سؤال الناس والمذلة لهم، لكن محاولاتها باءت بالفشل كونها لا تحمل شهادة أو تتقن أي صنعة تعينها على سد رمقها ورمق طفلتها الرضيعة، ولذلك لجأت إلى العمل في الملاهي الليلية ودور اللهو حيث تعرفت هناك على المدعو (أبو رامي) الذي راح يرمي بشباكه حولها حتى وقعت بحبائله وتزوجت منه ظناً منها أنها بزواجها هذا سوف تبتعد عن ليالي السهر ومجالسة الغرباء للحصول على المال، فهي كانت ترى بـ (أبو رامي) الرجل الثري الذي يغدق عليها المال كلما قصد مربعهم الليلي، في حين كان هذا الأخير ينظر إليها على أنها كنز ثمين وقع بين يديه، وأنه فعلاً قد حصل على تلك الدجاجة التي تبيض له ذهباً، وهو إن كان قد أبعدها فعلاً عن المرابع الليلية ودور اللهو إلا إنه راح يبيع جسدها لطالبي المتعة لتنفيذ صفقاته ومشاريعه، وحتى أنه كان يوصلها بنفسه إلى شققهم لضمان سير تجارته حتى أغرقها في مستنقع الرذيلة الآثم، وعندما ضاقت الحياة بها ذرعاً عادت إلى منزل أهلها بعد أن توسط لها بعض الأقارب لتبدأ حياتها من جديد...انتقام الماضيشرعت (لجين) بالبحث عن عملٍ بعيداً عن تلك الأجواء الصاخبة والليالي الحمراء التي عاشتها في الشطر الأخير من حياتها الماضية، لكن زوجها المزعوم المدعو (أبو رامي) شعر أن الكنز الذي حصل عليه سوف يضيع من بين يديه، فأسرع إلى منزل أهل (لجين) طالباُ من هذه الأخيرة العودة إلى كنفه، لكن (لجين) رفضت طلبه وطردته من منزل أهلها، فحاول سرقة ابنتها من بين ذراعيها لإرغامها على تغيير رأيها فبادرته بالصراخ، عندها هبَّ شقيقها لنجدتها وإبعاد (أبو رامي) عنها فما كان من (أبو رامي) إلا أن أخرج مسدسه وأطلق منه عدة أعيرة نارية بشكلٍ عشوائي، فأصابت إحدى الرصاصات شقيق لجين فيما أصابت أخرى شقيقتها قبل أن يلوذ (أبو رامي) بالفرار إلى إحدى ضواحي مدينة دمشق...هذا وبعد أن تم نقل المصابَين إلى المستشفى تبين أن شقيق لجين قد توفي نتيجة النزف الصاعق الناجم عن تمزق عضلة القلب، فيما استطاع الأطباء إعادة الحياة إلى شقيقة المذكورة..وقد تمكن رجال الأمن من تقفي أثر (أبو رامي) وتم إلقاء القبض عليه متخفياً عند أحد أصدقائه، وقد حاول الانتحار لدى مداهمة رجال الأمن لمخبئه، لكن هؤلاء استطاعوا الإمساك به قبل أن ينفذ تهديداته، لتتم إحالته إلى القضاء بتهمة القتل القصد والحض على الفجور ولزوم محاكمته أمام محكمة الجنايات بريف دمشق...
التاريخ - 2017-11-28 4:08 PM المشاهدات 1663
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا