شبكة سورية الحدث


بيان بخصوص ما يتم الحديث عنه في مباحثات جنيف عن الدستور

سورية الحدث الدستور ليس مجرد نص يتضمن بنوداً ومواد لتكون ناظماً للعلاقة بين مؤسسات الدولة والمواطنين، أو مرجعاً لسن القوانين، أو لضبط صلاحيات وحدود عمل الهيئات والسلطات، بل هو في أساسه يكون بمثابة عقد ينشأ بين جميع أبناء شعب ما يريدون العيش مع بعضهم في دولة سيدة على كيان سياسي له حدود واضحة.وبهذا المعنى فهو مثل جميع العقود: عقد بين متعاقدين يكون مرجعاً لهم عند أي خلاف ينشأ بينهم، فيكون بذلك هو الحقل الذي يضبط صراعاتهم ولا يجعلهم يعودون إلى صراعات عنفية فيما بينهم.أي، حين يبنى الدستور بين جميع المواطنين الأحرار فإنه سيحول دون انزلاق البلاد مرة أخرى إلى أي نوع من الصراعات العنفية، وتأخذ جميع صراعاتهم اللاحقة وسائل سلمية مرجعيتها العقد الذي أنشأوه بينهم.بناء على هذا الكلام فإن أهمية الدستور تتأتى من طريقة بنائه وصياغته أكثر من متانة صيغته أو عصريتها، أو أي صفة يمكن أن توصف فيها بنوده. فجودة الدستور أو رداءته هي أساساً تعود إلى معايير لا علاقة لها ببنوده، كما تفعل الأمم المتحدة الآن، بل جودته بأن يصاغ عبر عملية سياسية يرتضيها جميع السوريين من دون أي استثناء، لا أن يؤتى بأي مجموعة، تختارها هذه الدولة أو تلك، ونجمعها مع فريق قانوني أو سياسي يرسله النظام الذي يستمد شرعيته أساساً من القوة والعنف وليس من اختيار حر للسوريين.لم ينشأ الصراع في سوريا على الدستور، فالغالبية الساحقة من المتقاتلين لا يعرفون عن الدستور شيئاً. ولم ينشأ هذا الصراع لعدم وجود الدستور، فسوريا منذ استقلالها هي دولة دستورية. ولن يكون حل أزمتها، أو جزءاً من هذا الحل، أن يصار إلى صياغة أو تعديل دستورها في جنيف، ولا حتى أن توضع له محدداته القانونية. بل يتوجب على الأمم المتحدة أن تحفظ حق السوريين بصياغة دستور حقيقي يصدر عن هيئة منتخبة بهذا القصد، أو عن هيئة منبثقة عن هيئة منتخبة بطريقة حرة ونزيهة.إن أهمية الدستور الآن هي في أن يشارك في صياغته جميع السوريين بغض النظر عن موقعهم السياسي أو توجهاتهم السياسية أو أي اعتبارات أخرى، وهذا كي يكون عقداً اجتماعياً بين الجميع، لا يغيب عن المشاركة فيه عبر تمثيل مرضي أي أحد، كي لا ينظر إليه أي طرف على أنه لا يعنيه أو أنه مفروضاً عليه، فيشعر بالغبن وعدم المساواة، فيخرج عليه متى يشاء. لهذا من الضروري أن يشارك الجميع في صياغته ليتحول إلى نصٍّ عُلّيٍّ عليهم، يعلو مواقفهم واعتقاداتهم وانتماءاتهم الفئوية إن كانت قومية أو دينية أو سياسية. وبهذا الشكل فقط يمكن للدستور أن يساهم في حل الأزمة السورية. وكي نصل إلى هذا المستوى من بناء الدستور فإن العملية تحتاج لتوفر الحريات العامة والسياسية للسوريين في جميع مناطق سكناهم، ولوجود جهة أو سلطة قادرة على حماية حرياتهم خاصة في التعبير عن آرائهم، مثل سلطة قضائية مستقلة بشكل مطلق عن السلطة التنفيذية. هذا إضافة للحاجة لإعلام  حر ونشاطات ثقافية ومدنية حرة، كيما يتمكن السوريون من التعرف على حقهم الدستوري.نحن الآن لسنا بحاجة إلى دستور، بل في أحسن الأحوال إلى إعلان دستوري ينظم ويضبط صلاحية السلطات إلى حين إجراء انتخابات نيابية. وحينها يقوم مجلس الشعب المنتخب بطريقة حرة ونزيهة بتكليف هيئة تقوم بوضع دستور يتم إقراره بعد عملية استفتاء شاملة.
التاريخ - 2017-12-05 8:32 PM المشاهدات 800

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا