د.سمير القطبتشير الدراسات الى ان الصراع القادم فى العالم ومنطقة الشرق الاوسط خاصة ستكون من اجل السيطرة على مصادر المياة الطبيعية ومنابع الذهب الابيض، كما تشير الوقائع فى الشرق الاوسط الى تناقص المياة فية ففى تلك المنطقة التى تضم الشرق الاوسط وشمالى افريقيا يعيش 5% من سكان العالم فى واقع لايوجد فية سوى 0.9 % من المصادر الاجمالية للمياة فى العالم. وعلية فقد تفاقمت الاطماع حول الاعتداء على تلك الموارد اما بالحجز عن طريق انشاء السدود او السدات او بافتعال الحروب التى لاتستهدف الارض وحدها فقط بل المياة كذلك، تحت زرائع متعددة.ان اطماع الكيان المحتل فى المياة العربية قديمة ومعروفة وتشكل جزءا من استراتيجيتها الاستيطانية، وقد شكلت المياة المحور الرئيسى فى الفكر الصهيونى قبل قيام دولة الاحتلال للاراضى القلسطينية، فقد اولت القوى الصهيونية اهمية كبيرة لمسألة المياة فأعطى ( تيودور هرتزل) أهمية كبيرة ودورا رئيسيا واساسيا لخبراء المياة فقال( ان المؤسسين الحقيقين للأرض الجديدة القديمة هم مهندسوا المياة فعليهم يعتمد كل شىء من تجفيف المستنقعات، الى رى المساحات المجدبة، وانشاء محطات توليد الطاقة الكهرومائية). وقد أشار ايضا الى ان وجود اسرائيل يتوقف على وجود الموارد المائية.وبالعودة الى عقود طويلة مضت نجد ان منظرى، وقادة الحركة الصهيونية ووسائل اعلامها يطرحون مخططاتهم لاءعادة رسم حدود فلسطين بما ينسجم مع مشروعهم التوسعى وجعل مصادر المياة فى قبضتهم ليساهم ذلك وبشكل حاسم وفق منظورهم فى تحقيق الحلم الذى طال انتظارة فى قيام دولتهم ، ففى عام 1875م قال الجنرال البريطانى (تشارلز وارن) ما مفادة ( ان فلسطين والنقب قادرتان بسهولة على استيعاب 15 مليون نسمة فى حال توفير امدادات مناسبة لهم من المياة).اشار (جابوتسكى 1929 ) ان حدود الارض المحتلة تتضمن جريان نهر الاردن فى وسطها لا على حدودها. كما نظمت (منظمة بيتار) العنصرية عام 1932م نشيدها الذى يقول ( المجال الحيوى للملايين على ضفتى نهر الأردن، فلة ضفتان واحدة لنا وكذلك الأخرى). ان احد دوافع( اسرائيل الكبرى) منذ عام 1948 م مرورا بحرب 1967م وحتى حرب 1982م هو الحصول على مصادر مياة جديدة بصرف النظر عن الدافع المعلن للحرب.ان قرار التقسيم بتاريخ 29/11/1947م انسجم مع المخططات الصهيونية تجاة المياة فى الوطن العربى وخزاناتها الجوفية وتضمنت مثلث اليرموك، ومثلث النقب برؤوسة المائية، ووادى غزة، وخليج العقبة، والبحر الميت، وطبريا ، والحولة.يقول( بنغوريون عام 1950 )( ان هذة الخريطة –خريطة فلسطين- ليست خريطة دولتنا بل لنا خريطة اخرى عليكم أنتم مسؤولية تصميمها خريطة الوطن الاسرائيلى الممتد من النيل الى الفرات).طبعا للسيطرة على المياة والتحكم فى المنطقة. ونجد ان (ليفى اشكول) يقول ايضا فى هذا الصدد ( ان وجود الجولان بيد السوريين معناة ترك مصادر المياة تحت رحمتهم). فان احتلال نهر الليطانى 1982م لاستجرار المياة والحصول على حصة مقابل الانسحاب جزء من هذة السياسة .كما رفع الاعلام الاسرائيلى فى مؤتمر مدريد للسلام 1991م شعار (موارد بلا تنمية من اجل تنمية بلا موارد) وهى صيحة تماثل الشعار الذى قامت علية الصهيونية يوم غزت فلسطين( أرض بلا شعب لشعب بلا ارض). وها هى تسعى للاستيلاء على الماء واشياء أخرى تحت ذلك الشعار .يصرح نتانياهو فى كانون الثانى 1992م ( يجب ان نحتفظ بالجولان لأسباب استراتيجية، واقتصادية،ان ربع الثروات المائية لأسرائيل مصدرها الجولان، ويمكن ان نعيش بدون نفط لكن لا يمكن ان نحرم انفسنا من المياة).يقول( شمعون بيريز) ( لو اتفقنا على الارض ولم نتفق على المياة فقد نكتشف انة ليس لدينا اتفاق حقيقى ) 15 شباط 1993م.كما صرح فى القاهرة ا(ان اسرائيل تحتاج الى المياة اكثر من حاجتها من الارض) منتصف تشرين الثانى 1993 م. وهى تعتبر نفسها دولة ذات حدود متحركة للسطو على موارد مياة المناطق المحيطة بها. فنهرالاردن،ونهرالليطانى،وبحيرة طبرية، وحوض الضفة الغربية، ومياة الجولان وانهار: اليرموك، والفرات، والوزانى، وبانياس، والحاصبانى، والدان وغيرها ماهى الا مشاريع مستقبلية للسطو والسيطرة عليها.وقد تم تعديل حدود فلسطين مرات عديدة بموجب اتفاقيات مع قوى الاستعمار الكبرى لتتماشى مع توفر المصادر المائية المسروقة كما هو الحال بمعاهدة باريس التى رسمت حدودا جديدة لفلسطين ضمت اليها بحيرة طبرية، والحولة، ونهر الاردن بكاملة، ومنفذا على البحر الاحمر عند خليج العقبة، وصحراء النقب. ثم عدلت الاتفاقية فى عام 1922 م لتضم مياة نهر بانياس الى فلسطين ونقلت حدود نهر الاردن مسافة 400 م الى الشرق من النهر، وابتعد عن حد الشاطىء الشرقى لبحيرة طبرية مسافة( 1-2 كم) ورسمت حدود جديدة لفلسطين.يقول (بن غوريون عام 1955م)( أن اليهود يخوضون مع العرب معركة المياة وعلى نتائج هذة المعركة يتوقف مستقبل اسرائيل).يقول (آيغال ألون) ( أن لهضبة الجولان ولمنحدر جبل الشيخ اهمية حيوية لا من اجل مستوطنات وادى الحولة بل لحاجات اسرائيل الاستراتيجية الشاملة فى الاشراف على الجولان، فهذا الامر يتعلق بالدفاع عن الموارد الرئيسية لمياهنا.يقول( بن غوريون) للجنرال (ديغول) ان امنيتى فى المستقبل جعل نهر الليطانى حدود اسرائيل الشمالية.ولا بد من ان نشير الى المشاريع المائية التى دأبت اسرائيل للسعى اليها كما هو فى: مشروع ايونيدس،ومشروع لودرميلك ،ومشروع هيز سافيدج، وماكدونالد 1951م، وبانجر، وجونستون، وشارل مزينو،مشروع كوتون 1945م، وبيكر هيرتزا، وفاتيس، وروتنبرغ ، كلها تسعى للسيطرة على الموارد المائية لتلبية الطلب على المياة، بغية تطوير القطاع الزراعى على حساب اصحاب الحقوق المشروعة.وتشجيع الزيادة فى الهجرة الى الاراضى المحتلة على حساب الشعب الفلسطينى. ولابد من الاشارة الى أن الجهات التركية ومن خلال انشاء سدود اتاتورك (مشروع الغاب)، تسعى الى بيع كمية من مياة السدود المحتجزة تقدر ب 180 مليار متر مكعب للدول المجاورة مستقبلا ضمن سياسة، واستراتيجية مخطط لها، وهى تدعى العجز المائى، بينما تشير بعض الدراسات المائية الى عكس ذلك. لذا لا بد من لفت الانتباة الى ضرورة الوصول الى حل عادل فى قسمة مياة نهر الفرات التى تعد مياة مشتركة، وليست مياة عابرة كما يطلق عليها الاتراك، اسوة بالاتفاق المبرم بينها وبين بلغاريا حول قسمة مياة النهر بينهما، رغم ان بلغاريا دولة منبع ولم تعتبر انذاك ان تلك المياة ملك لبلغاريا او الاتحاد السوفييتى حينها، بل اقتسمت المياة معها، علما ان مياة نهر دجلة، والفرات تنبع من الجبال الارمنية التى تعود تاريخيا الى امبراطورية ارمينيا الكبرى . لذا لابد من اعطاء المياة الاهمية الازمة فى الحفاظ عليها وصيانتها شأنها شِأن الارض فالقصر لايساوى شيئأ دون مورد مائى ولايصلح للسكن. فأن الدول العربية تملك مجتمعة من الموارد الطبيعية ما يسمح بتحقيق نسبة مرتفعة من الاكتفاء الذاتي من سلع، وتقليص الفجوة الغذائية . إذ لا يمكن تحقيق الأمن الغذائي إلا من خلال العمل العربي المشترك فى تحقيق الأمن المائى
التاريخ - 2019-03-28 5:31 AM المشاهدات 672
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا