شبكة سورية الحدث


معزوفة نهر.....

معزوفة نهر.....
الحاضر كسول بليد يحاول سلبنا صفاء أرواحنا بقدر ما تختزن من ذكريات، ، ولكن عبثاً فروعة الماضي ورقته يحضر في نفوسنا الجمال .اليوم ردتني ذاكرتي ، هناك قرب ساحة القرية ، أرتفع صوت إحدى النسوة فوق سطح بيت مترب ، تنادي بناتها ، اللواتي مازلن يتململن بفراشهن الدافئ المبلل باﻷحلام الوردية ، أن يساعدونها في استعادة قمطة شعرها التي سقطت لوسط أرض الدار ، ليس خجلأ من شعرها الذي خطه الشيب ، بل ﻷن يداها مشغولتان بلملمة كسرات القمح المنثور قبل سقوط أخر ذرات للمطر هذا العام .كانت السماء تتغير ألوانها الزرقاء بسرعة ، وتزحف في اﻷفق البعيد بعض الغيوم المتلبدة ، تارة تضيء السماء وتارة تعتم ، فعصافير الدوري المعششة في فتحات أسقف البيوت المصطفة بعشوائية متقنة لم تخرج بعد .في ذات الربيع ، أجتزنا الساحة الكبيرة ، كنت أتهادى برخاء وأنا أمسك طرف ثوبها اﻷسود الطويل ، فتتلاطم في وجهي كل الحشائش والزهور البرية ، ونحن نجتاز كروم العنب المورقة للتو ، فتعبق في صدري كندى يعانق الروح حتى اللحظة .كل اﻷمر ، أني رأيتُ الكثير من تلك النسوة تجالس باب الطاحونة الكبير .فجأة ، مع قدوم ذاك البدين ، تدحرجت بعض الحصى الملساء وتقلبت وسط هدير النهر الخادق بين الصخور، حتى بدأ صرير الطاحونه تارة يغني وتارة يهمس تحت وطأة حجر الرحى .أرواح الحبوب الصفراء طنت وتقلبت على بلعوم الحجر الدائر و دغدغت أنفي الرائحة الفذة للدخان والطحين ، حتى امتزجت اﻷصوات وأختلطت .راحت تتزاحم مع الغبار اﻷبيض المتراكم فوق اﻷجرة والرفوف الخشبية القديمه .لاشك أنها ضوضاء. .........ولكنها موسيقا مازالت تعزف لحنها في داخلي حتى اﻷن##نزار مزهر ##
التاريخ - 2017-10-11 2:12 PM المشاهدات 1803

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا