نبش الذاكرة هو العنوان الأبرز في معرض الفنان الفلسطيني محمد الركوعي المقام حالياً في صالة هيشون اللاذقية، فهموم الأرض وأحلامها وذكرياتها تتحول إلى مخيلة كاملة يحاول الفنان رسمها، فهو المبعد عن فلسطين بعد أسره وسجنه عدة مرات في سجون الاحتلال.لهذا كله فإن اختياره عنوان (مدن تأبى النسيان) لأكثر من تسع وتسعين لوحة في المعرض يبدو منطقياً لتصوير الحارات والزيتون في الساحل الفلسطيني، وقصص الوداع والهجرة من تلك الأرض إلى مكان آخر، وتلك الفتاة الفلسطينية بزيها المزركش، ووجوه أشخاص حزيني المعالم، إما لأنهم بعيدون «نفسياً» أو غائبون.في لوحاته التسع والتسعين نكتشف في كل لوحة قصة، قصة من روح المجتمع الفلسطيني وتراثه، تجلت عبر العناصر والرموز التي شكّلت تكوين هذه الأعمال، أهم هذه العناصر الأنثى الفلسطينية التي كانت حاضرة في أغلب أعماله، ترى نظرة هذه الأنثى في بعض اللوحات كأنها تحاول التواصل مع المتلقي بنظرتها، لتنقل له هموماً متراكمة وقصصاً عديدة مفعمة بالحياة، وأيضاً البيوت المزخرفة، ووجود بعض الرموز التي تدل على التمسك بالأرض كشجرة الزيتون والسمكة التي إذا ما خرجت من الماء تموت..أجاد الركوعي تطويع الخطوط الموزعة في اللوحات واستخدام عدة تقنيات كالطباعة على الأقمشة، وتقنية الحك والرسم بالريشة مباشرة والغرافيك، وقد كان جريئاً في تناوله ألواناً متعددة وتوزيعها في بعض الأحيان بشكل عفوي، وظهرت حرفية الركوعي باستخدامه التضاد اللوني، الألوان القاتمة (الأسود- الأحمر- الكحلي) بتضاد مع الألوان الفاتحة (الأبيض – الأصفر- الأخضر) في اللوحة نفسها، حيث كسر حدة اللون الأسود الموجود في خلفية معظم اللوحات الذي ينظم العناصر والأشكال عبر الأنوار اللونية المضيئة، ورغم كل الأسى والحزن الذي يعانيه الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال ويعطي هذا الدلالة اللون الأسود.إلا أن الفنان استطاع أن يخلق إشعاعات أمل بغد جديد في المستقبل، عبر نوافذ تلك البيوت المفتوحة على الأمل والتجدد، والتي يخرج منها بعض أغضان الزيتون، ونظرات تلك الوجوه الغائبة المعالم الممتدة إلى الأفق التي تنطق بأنهم باقون كشجرة الزيتون.
التاريخ - 2017-10-14 1:02 PM المشاهدات 1215
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا