شبكة سورية الحدث


أكانت خيانة ... هالة عبادي

أكانت خيانة ... هالة عبادي
أكانت خيانةأشمئز من نفسي كلما تذكرت صورته، كل نظرة منه كانت خيانة لزوجي .آه، في الحروب يكتشف الإنسان في نفسه رغبات جديدة .إنه لا ينظر للنساء إلا من مؤخراتهن، لا شيء آخر يجذبه، كيف صرت أحلم به.أي عين تلك التي أرتني جماله ... سمرة لم أعرفها في وجوه من عايشت من قبل، عينان سوداوان، سوادها بدد كل الألوان التي رأيتها في عيون أسرتي، فم آسر في صمته وحديثه ... أتذكر أنفه الكبير وأضحك كيف لم أر فتحتي منخريه الواسعتين من قبل، كانت عين الحب عمياء أو لعلها عين الشهوة.بقوة جذبني سكن قلبي ثم امتد كوباء ليحتل سائر الجسد.هو شاب يزهو الكون من حوله، و أنا التي قد جاوزت الأربعين بقليل شاعرة ببرودة الخريف، كنت أتحدث في أحد المؤتمرات وكان يراقبني ، بعينين واسعتين تخترقان القلب حتى تشغل شغافه، وعندما انتهيت اقترب ليشكرني كانت طريقته غريبة قليلاً إذ عبر عن رغبته باحتضاني... بقوة محمومة جذبني إليه ...لا أعرف أكان قبولي المذهول صدمة لي أم له ؟!! أكان قبولي كلامه غريباً أو أخرقاً ؟!!لكني وقتها لم أكن وحدي، رغم أني لوهلةٍ خلت أننا كذلك، نظرت بشكر للأرض التي جمعتنا، اعتذرت عن قبول دعوته بحجة أني مسافرة غداً، ودون تفكير أخذت البطاقة التي أعطاني وغادرت المكان، دون أن أعلم أن صورته لن تغادرني إلى الأبد.مع انحسار شمس النهار، جلست أرتب ارتباطات الغد، وحدي كنت في الفندق طلبت من العاملة الاتصال بزوجي لأطمئن إلى أحوال العائلة، بينما ناشدت بعض الراحة بالاسترخاء على السرير، راودتني ابتسامته وطفت معها في عالم الأحلام، قاطعني رنين الهاتف، عامل الاستقبال يخبرني بوجود من يسأل عني.إنه هو يهيئني لحكاية حب لا يمل ذكرها، ابتسمت مستغربة مجيئه أخذ يدي بلا إذن احتضنها بين يديه تعبيراً عن شكري، لست أذكر أأنا التي تعمدت نسيانها أم كانت مجرد صدفة، لكنها بقيت كذلك، عاودني شباب الحياة التي اعتقدت أنها قد بدأت تغادرني، ثم أطرقت خجلى أمام عيون زوجي التي كانت ترصد المكان. توسلت إليها ... اتركينا قليلاً ... قليلاً من الوقت فقط ... لم يحن الوداع بعد، لكنها لم تفعل، نهضت، لم آبه لكلماته الأخيرة قال إن لديه ما يهمني ... " لا أعتقد أن شيئاً قد يهمني أكثر من أن اعرف اسماً لما أفعل!!!حب ؟!!! نزوة ؟!! خيانة ؟!! خضوع ؟!! عطش!! ؟سألته فجأة " لنترك الدنيا ونرحل معاً .. ونتزوج ؟!! "...... صمت برهة ، خلتها صحراء من الوقت ، نظر في وجهي نظرة مذهولة تجاهد كي تكون ما يشبه الابتسامة العوجاء قائلاً " ألست متزوجة ؟!! "بلى... "كم يصعب الآن شرح عمق الانفصال بيننا" قلتها بسري صمته كان الرد... كانت تلك الدقائق الباردة التي تمر، كلطمات على وجهي، قاطعته لأرحمه من الحيرة التي تخبط فيها ...." لا عليك ؟!! كنت أمزح فقط ؟!! " وانتزعت ضحكة من براثن غصتي، وضحك هو متنسماً أنفاس النجاة ...نظرت في حقيبتي أفتش عن شظايا كرامتي ، لا أذكر أينا غادر المكان قبل الآخر ...حسناً في انتظار الاتصال الذي طلبت، دعوني أحدثكم قليلاً عن زوجي، محبطٌ ٌ عنيفٌ وعاطلٌ عن العمل، هذا هو باختصارٍ زوجي ، أضمرت طويلاً خيبتي معه.ربما من القسوة حقاً أن تدور عجلة القدر لتسحق أحلامنا، وتخفي أشياء جميلة ألفناها دون أن يدري أحدٌ لماذا .لكن أيصح أن يصبح الخيال واقعاً بديلاً قائماً بذاته ، وأن أجد من قسوته ذريعة للتحول والتورط بما لا يليق بي من أفعال ، تبقى الأمور طيبة مادمت على قيد الحياة . استعجلت طلب الاتصال بزوجي وأنا أفكر بما يجب أن أقوله له ( تعال لنوضح الأمور، لم تفترض أن علي أن أعطي كل شيءٍ دائماً ؟ ربما أخطأت لكن من غير المعقول أن تجعل الخطأ كله علي. لقد اعتمدت على فهمك لي، لظروفي، وطريقة تفكيري، توقعت أن تعذرني، كنت ضعيفة فلم أعترض على شيءٍ منك. لكنك كنت غامضاً وأناني كما أنت دوماً, ولهذا لم تصرح لي يوماً عن شيء.أن تقرأني ... كنت أريدك أن تقرأني، أن تقوم بتقويتي، لكنك لم تقدر أبداً كم أحببتك.الطرق التي طالما عبرتها من قلبي وجسدي تتمنى لو يتاح لها أن ترتاح من حنين الذكريات اليوم، لم تركتني هكذا حزينة كآخر سرب حمام غادر مدينتي، ضائعة كقلب أم تاه منها صغيرها لحظة إطلاق النار وهي تعبر الحدود، فارغة كهذا الكون، كئيبة حد العجز، حد الصمت.وحده حبنا كان الحقيقة النابضة بكل هذا الوهم. حسناً دعني أخبرك أن الفراق بعد الحب يحدث أيضاً، وكغيرنا مررنا به، ومع ذلك فلقد حققنا سويةً نوعاً من الفرح، أولادنا ولهذا أقول هبنا هذه اللحظة فقط، دعنا لا نبتعد أكثر، عد ... ولتكن هي فرصتنا علنا نتذكر أو ننسى، فهذه هي الطريقة الوحيدة لإنهاء كل هذا الوضع، أقول لك هذا وأنا أبتسم ) واستيقظت على رنين الهاتف وهي تحرك يدها كأنها تمزق بطاقته التي احتفظت بها.كاتبة سورية
التاريخ - 2017-10-22 9:31 AM المشاهدات 1264

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا