شبكة سورية الحدث


موسم الحرائق ... الكاتبة رشا أحمد حمصي

موسم الحرائق ... الكاتبة رشا أحمد حمصي
الحرائق التي نشبت هنا بدأت تلتهم البحر، لقد خرجتُ للتّو . بيض الحمام الذي كنت أراقب موعد فقسه اختفى فجأة. الحمامة الأم ظهرت بلون غريب حدقت بي لبرهة قبل أن تطير بجناحين ملطخين بدم قاتم، النسوة هرعن يغلقن المياه، يتساءلن كيف يمكن للنار أن تلتهم البحر ثم يتذكرن على عجل بأنها لن تأكل سوى الماء يتمتمن لثوان ويفكرن ماذا إن وصلت النار لثيابهن حتّى .. يبلعن دمعهن قبل أن يذرفنه .. في القرن الماضي عندما حلّ موسم الحرائق قضى على الزرع والشجر .. لكن خرافهم التي اعتادت أن ترعى على قطع من القطط والزواحف بدأت تنتابها نوبات هستيرية وهي مخبأة في مستودعات كبيرة، لن تطول المدة سيخرجوا حالما تخمد النار .. وستتابع المرأة السبعينية ولاداتها التي تحصل عن دون قصد .. وسينسى رحمها أن يشيخ كما تمنت دوما .. لكن زوجها ذو المئة عام بدا متوجسا، يتأمل صغاره وهو يفكر بما سيطعم زوج الأبقار الملقاة جانبا لتحريضها على إنتاج الحليب أكثر ... بالكاد صغيرهم يتذكر عمره في هذه المدينة التي لم يمت أحدا فيها منذ ألف سنة ..بعد إنتهاء الموسم سيأتي من جديد رجل من الجيل العاشر يحكي لنا عن حياة هانئة عاشها قبلنا، سنصيخ السمع ونصفق ونحن فاغرين أفواهنا. سنصفق طويلا ..لكن أحدهم لن يتأخر سيأتي لاهثا ينبهنا عن خطيئتنا وعن مسخنا أحيانا أخرى .. سيقرران أن لا حياة هانئة بوجودناسيتلوان علينا نبأ موتنا ...سيطلقون الرصاص، يحزّون بالسيوف ويعلقون رقابنا لكننا لن نموت أبدا ..في المساء قبل أن تباعد إحداهن بين فخذيها ستفكر أنها لم ترو كيدها بعد من نساء يتهامسن كلما مرت أمامهن أنها صلعاء ويجلجلن بضحكهن، ستخبر زوجها بجدية أنها تحبه، سيصمت ويحفظ سره عنها، لن يخبر أحد بأنه رأى مناما آخر يقول بأن الحرائق ستشتعل في أجسادهم في موسمها القريب، لكنه هو وحده سيبقى.. الطعم الحلو لحليب البقرة يمكن أن يجعلها أنثى بأثداء شهيّة يردد في سريرته ..أمضي إلى البحر حيث كان .. لقد بدا عيدك صاخبا ليتني كنتُ قطرة منككاتبة سوريةسورية - حمص
التاريخ - 2017-12-20 1:20 PM المشاهدات 1613

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا