قَريَةُ الفَرَاشَاتِالقصَّةُ الثَّانِيَةُ: بابا نويل في قريةِ الفَراشاتِاستَيقَظَتْ كَارلا وكَاندي نشيطَتَينِ، وتسلَّلَتا إلى حديقَةِ المنزِل فيما كانتْ أُمُّهُما ماتزالُ نائِمةً.قطَفَتْ كَارلا باقةً صَغيرَةً من الزُّهورِ،أمَّا كَاندي فقامت بالتِقَاطِ ثَمَراتِ البُرتُقالِالمُتَساقِطَةِ عَلى الأرضِ.دخَلَتِ الصَّغيرَتانِ المنزِلَ، وهما تتهامَسَانِ.استَيقظَتِ الأمُّ مُستَغرِبةً مَرَحَهُما ونشاطَهُماغيرَِ المُعتادِ في هذا الصَّباحِ البارِدِ.بعدَ قليلٍ قُرِعَ البَابُ، فتدَافَعَتا لِفَتحِهِ، وكانتِ المُفاجأةُ الجَميلةُ لِلأمِّ؛ إنَّها الجدَّةُ جورجيت! لقد أتَتْ كي تُمضي عطلةَ العيدِ عندَهم، فقامت بإعطاء الطِّفلَتينِ الهَدايا، وساعدَتهما في تزيينِ المنزلِ، ثمَّ أمضيَتا يومًا جميلًا معها. وفي المساء ابتدأ النُّعاسُ يُداعبُ أجفانَهُما، فطلبتِ الجدَّةُ منهُما الذَّهابَ إلى غُرفَتيهِما، لكنَّهُما اشتَرَطَتا عليها أنْ تَحكيَ لهُما حِكايةً جَديدَةً عن قَريةِ الفَراشاتِ، فوافقتْ، ورافقَتهُما إلى الغُرفةِ، وابتدأتْ تقصُّ عليهما الحِكايةَ:في يومٍ مُشمسٍ من شهرِ كانونَ، قالتِ الفَراشةُ البيضاءُ الصَّغيرةُ لأمِّها الملِكةِ:يبدو الطَّقسُ دافئًا ياأمِّي، هل تسمحينَ لي بِنُزهةٍ، فقد مللتُ من المكوثِ في المملكةِ.وافقتِ الأمُّ على ألّا تتأخَّرَ ابنتُها. ولم يمرَّ وقتٌ طويلٌ حتَّى عادتِ المِسكينةُ مذعورةً، وهيَ تَرتجِفُ قائِلةً: الحربُ، إنَّها الحربُ ياأمِّي! لقد رأيتُ جيشًا كبيرًا منَ الفَراشاتِ، ومعهم إنسانٌ، لاشكَّ قدِموا للفَتْكِ بِنا! هدَّأتِ الأمُّ من رَوعِها، ونظرَتْ في المنظارِ، ثمَّ ضحكَتْ قائلةً:لاتجزَعي يابُنيَّتي، إنّها فراشاتُ الميلادِ الحَمراءُ،تظهرُ مرَّةً واحدةً في العامِ، في يومِ الميلادِ فقط. وهذا الإنسانُ ليسَ شريرًا، إنَّهُ طيِّبٌ، ولطيفٌ.أنتِ لاتذكرينَهُ، عندما جاءَ العامَ الماضي كنتِصغيرةً جدَّاً، إنَّهُ"بابا نويل"، وهوَ يَخُصُّ قريتَناّبزيارةٍ سنويَّةٍ، هوَ لايزورُ أيَّةَ قريةٍ من القُرى المُجاوِرةِ، إنَّهُ يحبُّنا، لأنَّناَ رقيقاتٍ، مُسالماتٍ، وجميلاتٍ كالزُّهورِ المُلوَّنةِ.وعلى الفَورِ قامتِ الملكةُ باستِدعاءِ جَميعِ الفراشاتِ لاستقبالِهِ في سَاحةِ القريةِ الكبيرةِ،ولمَّا نزلَ بعربَتِهِ ترافقهُ الفراشاتُ الحمراءُكانَ منظرًا ساحرًا، فصفَّقتْ جميعُ الفراشاتِ لهُ.أمَّا بابا نويل فكانَ مسرورًا من الاستقبالِ الجَميلِ، وبدأ يُسلِّمُ عليهُنَّ، وحدَّقَ مبتسمًا في الفراشةِ الخضراءِ وهو يقول: هل مازلتِ تختبئينَ بينَ أوراقِ الشُجيراتِ هربًا من شقاوةِ الأولادِ؟فضحكَ الجميعُ، ولمَّا نظرَ إلى الفراشةِ الصَّفراءِ، سارَعتْ بالإجابةِ قائلةً:لا، لم أعُدْ مغرورةً، واحمرَّتْ وجنتاها، فيما ضحكَ الجميعُ متذكِّرينَ ماجرى معها الأسبوعَ الماضي. أمضى بابا نويل يومًا جميلًا بينهم، وقام بتوزيعِ الهَدايا على الجَميعِ، ثمَّ قدَّمتْ له الملكةُ هديَّةً، ألا وهيَ وِعَاءٌ زُجاجيٌّ فيهِ رحيقُ الأزهارِ اللذيذِمن مؤونةِ المملكةِ لفصلِ الشِّتاءِ، وأهدتهُ درعَ الفراشةِ الألماسيَّةِ الّذي تتوراثهُ الفراشاتُ الملِكاتُ قائلةً:لأنَّكَ تُحبُّنا، وتولينا عِنايتَكَ، واهتمامكَ، فإنَّنا بكلِّ سرورٍ نُهديكَ هذا الدِّرعَ المُتواضِعَ عُربونَ محبَّةٍ، ووفاءٍ منَّا.سُرَّ بابا نويل بالهديَّةِ، فيما قامتِ الفراشاتُ الحمراءُ باستِعراضٍ جَميلٍ احتِفالاً بعيدِ الميلادِولمَّا بدأ الليلُ يداهمُ القريةَ، استأذنَ بابا نويلالفراشاتِ في الذَّهابِ قائلًا:عليَّ التَّوجُّهُ إلى المدينةِ، فالأطفالُ قدْ ناموا الآنَ، وَهُم بانتِظارِ الصَّباحِ بلهفةٍ كي يرَوا هدايَاهُم.طارَتْ عربتُهُ بعيدًا، وكانتْ فراشاتُهُ الحَمراءُ ترفرفُ سعيدةً، وكانَ المنظرُ جميلًاثمَّ عادتِ الفراشاتُ كلُّ واحدةٍ إلى منزِلِها، وهي مبتهجةٌ بهديَّةِ الميلادِ.خيَّمَ السُّكونُ على القريةِ بعدَ أن أمضَوا يومًا رائعًا معَ الضَّيفِ النَّبيلِ المَحبوبِ.بينما كانَ بابا نويل ينزل من مداخنِ منازلِ المدينةِ ويضعُ الهدايا للأطفالِِِ تَحتَ شَجراتِ الميلادِ المُزيَّنةِ، كي يستيقظوا في الصَّباحِ، ويبتهجوا بها. أنهتِ الجَدَّةُ الحِكايةَ، بينما الصَّغيرَتانِ كارلا وكاندي كانتا للتَّوِّ قدِ استغرقتَا في نومٍ عميقٍ، وعَلائِمُ السَّعادةِ واضحةٌ على وَجهيهِما. ميَّادة مهنَّا سليمانشاعرة سورية
التاريخ - 2017-12-25 10:56 PM المشاهدات 877
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا