في الخريف .... الشاعرة سحر هاني السالم

في الخريف وأنا أتكئ على جذع مثلوم أفترش بساط الأوراق الموشحة باللون الباهتلا أراقب السماء ولا أنتظر الربابفكل الغيوم أمطرتني بدمع حامضوأنا أعرف جيدا ...وحدها زهرة الغريب تتكاثر ألوانا في برد الشتاء والحر ودعته للتوفليس لي إلا بقايا حروفٍ من حلم أدحرجها سوارا من فضة كما فعلت جدتيعله يجلب الفأل الحسن ..... حزينة زبيدة يا جيرونوكذلك الخيزران فسفائف النخل صفعتها السموم ورطوبة النشم أجهضت عناقيدهالانسائم للقضبان الرهيفة اللدنةولاحياة للنساء ففي ليالي البرد والوجعوامام الأفواه الفاغرة تعجن الأمهات أوجاعها وحزنها وتلقي بها في فم أتون النسيان والعدموعلى شاطئ دجلة ومتكأ الفراتتمضغ العذراوات ليلها البطئمعلقةً على شفا الخوف والحيرةفما عادت منشغلةً باحتمالات الحياةبل بفكرة الغياب بين وحشة البرد أو حرقة السياط. ... حزينة أنا يازنوبيا وكذلك بغداد فأشقاؤك الذين ظللت سماءهم بمجدكجدعوا أنف قصير ليجعلوا منك ايقونةً للكيد والانتقام وعلقوهاعلى وتد الخيمة على ظهر القوس او وتر الربابةحزينة حتشبسوت وكذا شجرة الدرفبعض من رعاياها وبعض من أتابكهاعافوا كل أسلحتهم إلا القباقيب ولحية الافتاءوفي كل المطارح والامصار رفعوا راية المناصرة للأنبياءفي حروب لم يعلنوها....حزينة صيدا يا اوروبا فمنذ أن حملك زفس وطار بك الى سماء الشتاء الثلجي والسحنة البيضاء ومنذ أن منح اسمك لعالمه ...منذ ذلك الحين يهيم قدموس على وجهه يبحث عنك ويتحسر على ابجديته ومازالت مراكب البحر الجانحة صوب الشمال تترنح بفعل دوار البحر وترمي بالاجساد الملوحة بسمرة الارضورذاذ الملوحة على الشطآن العاريةومازلت هنا اذرف حروفي وادحرجها سوارا من الفضة كما فعلت أمي علهاتجلب الفأل الحسن ........- جيرون : اسم من اسماء دمشق- زبيدة : ام المؤمنين زوجة هارون الرشيد وكانت حرة-الخيزران : والدة هارون الرشيد وهي جارية مثقفة موهوبة يتهمها بعض المؤرخين بقتل ولدها الهادي - اوروبا ابنة ملك صور وحسب الاساطير الاغريقية اختطفها زفس بعد ان تنكر على هيئة ثور مجنح وطار بها الى كريت واطلق اسمها على قارة اوروبا ...سحر هاني السالمشاعرة سورية