شبكة سورية الحدث


التقي .. بقلم خديجة بدور

التقي .. بقلم خديجة بدور
في إحدى القرى النائية يسكن أبو حمدان وأسرته.الرجل الفقير الذي يعمل أجيراً عند الفلاحين لا يملك أرضاً يعمل فيها , كان كل ما يجنيه من مال لا يكفي أطفاله السبعة وزوجته التي كانت تساعده في أكثر الأحيان بالإضافة إلى عنايتها بأسرتها الكبيرة .كان أبو حمدان يشقى طوال النهار وما إن يأتي المساء حتى يستلقي على ظهره متعباً منهكاً ينام بدون عشاء .هكذا كانت حياة أبي حمدان العمل من حقل إلى حقل ومن مزارع إلى آخر .يركض وراء الفلاحين طوال النهار كي يعمل في حقولهم .وفي أحد الأيام كان يعمل في حقل أحد المزارعين قريباً من حقل أبي سمير حيث أحب أن يلقي التحية على أبي سمير ويشرب معه كأساً من الشاي فتوجه إلى حقله لكن ما إن وصل إلى وسط الحقل حتى رأى أبا سمير مرمياً على الأرض وثوره بالقرب منه. كان ثوره قد رفسه فكسرت رقبته , تأكد أبو حمدان من موت أبي سمير لكنه لم يخبر أحداً بل خطرت بذهنه فكرة شيطانية فإن صدقه الغير بما يفكر به ستنقلب حياته رأساً على عقب وسوف يعيش عيشة هنيئة .وبأسرع ما يمكن توجه إلى بيت أبي سمير المتوفى ليسأل عنه فأجابت زوجته أنه في الحقل وعن طريق المزاح أجابها "الله يقرف رقبته " لأنه لم ينتظرني وعدني بذلك وخلف بوعده ومن بيت إلى بيت في القرية كان يسأل عن أبي سمير ويرمي دعاءه بقرف رقبته حتى الظهر ولم يعد أبو سمير للبيت فما كان من أهله إلا أن ذهبوا إلى الحقل ليجدوه ميتاً ورقبته مكسورة.انتشر خبر موت أبي سمير في القرية وبأن رقبته قد كسرت من جراء ثوره.وانتشر خبر دعاء أبي حمدان عليه , فهبت الضيعة كلها تشيع أبا سمير وكل واحد يخبر الآخر بأن أبا حمدان قد دعا عليه فانقرفت رقبته ومات.وما إن انتهت القرية من مراسم الدفن حتى توجه الجميع يباركون أبا حمدان ويدعونه للمجالسة ويقدمون له كل ما يطلب لأنه رجل تقي .فبات لا يرد له طلب , يعمل حيث يريد وبالأجر الذي يرغب كي لا يدعي على أحد منهم فهو الرجل التقي كلمته مستجابة عند رب العالمين .عاش أبو حمدان عمره والكل مصدقاً هذه الأكذوبة لكن أبا حمدان وحده يعلم الحقيقة .استطاع أبو حمدان بمحبة الناس له وتلبية طلباته أن يشتري أرضاً وعاش عيشة رغيدة بسبب كذبة كذبها فصدقها الجميع .إن لله في خلقه شؤون.خديجة بدور
التاريخ - 2018-01-11 11:01 PM المشاهدات 1010

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا