شبكة سورية الحدث


دراسة تحليلية للشاعرة حنان فرفور لديوان ( ظلان يشبهان وجهي ) للشاعرة ريما فاضل محفوض

دراسة تحليلية للشاعرة حنان فرفور لديوان ( ظلان يشبهان وجهي )  للشاعرة ريما فاضل محفوض
نقلاً عن صفحة أخبار ونشاطات ثقافية في بيروتدراسة تحليلية للشاعرة حنان فرفورلديوان ( ظلان يشبهان وجهي )دراسة تحليلية للشاعرة حنان فرفور ألقتها خلال توقيع كتاب ( ظلان يشبهان وجهي ) للشاعرة والدكتورة في علوم الصيدلي ريما فاضل محفوض، في قاعة بلدية سن الفيل، في حضور نخبة من الشعراء والشخصيات الثقافية والفنية والإعلامية. نص الدراسة :عادةً ما يبدأ الكاذبون كلامهم بكلمة " الحقيقة"، لكنني بدون أي رتوش أو أقنعةٍأقول: الحقيقة أنني كنت بحاجةٍ ماسة لأن أقرأ "ريما محفوض" في هذه الفترة بالذات، أحتاج لكلّ هذا الصفاء والنقاء المخبوءين في جديلة حرفها كما في أحلام الفقراء والأبرياء، أحتاج لهذا الوضوح الجليّ، وطاقة التفاؤل الهائلة في مقاربتها للحياة والحب والحرب، وإلى إيمانها العميق من حيث درتْ أم لا بالكونية والمثالية والإنسانية..فيما يبقى خيط الأمل في كل هذا بالنسبة لي شعرة تلتف حول خنصري المحقون بالدم..ديوان "ظلان يشبهان وجهي" للشاعرة ريما فياض محفوض بغلافٍ من تصميم جمال الأبطح والصادر عن"سوريانا للنشر " في ١٢٧ ص. والذي ينتمي لفضاء قصيدة النثر، لعله من أكثر الكتب التي قرأتها مؤخرا وتشبه كتّابها فلا أقلب صفحة أو حرفا الا وتطالعني عينا ريما وشعرها الفوضوي المتدفق في " حقول لا تناسبني" و"فصول من حب" مثلا.. ثمّ يسألني سائل: هل يكفي هذا التطابق بين الكاتب والمكتوب، بين الناتج والمنتِج وكأنه يقول : هل يكفي الصدق الخالص في العملية الابداعية؟أردُّ كما قال أدونيس:" ثمة نوعان من الإعجاب بالعمل الشعري؛_الاعجاب الفني الخالص من حيث البناء والإتقان والتناسق وغيرها من التقنيات.._والاعجاب الانفعالي التعاطفي القائم على التطابق والتذكر والتداعيات، فيشترك الاثنان القارئ والكاتب في مساحة من التجارب المشتركة..وكثيرا ما برعت ريما في نبش حنيني واستحضار جراح وطن أحبه ورسم حبيب نرنو اليه ، لقد نجحت في تذكيري بجمالية البراءة ومثالية الانسانية المتبقية كآخر سِفر للعالم المرجو والمتخيَّل، ففي ديوانها حزنٌ -بلى- لكنه حزن جميل ومبرّر، يكتسي ثوب السكينة في كثير من الأحيان نتيجة اتفاق ضمني أقامته الشاعرة مع نفسها فقد خضعت للواقع وتكيّفت معه ومهما ادعت اللامبالاة ومثّلت الفرح تطل سطوة الحرب الكبرى بكل وحوشها وجلتوزتها من بين حقولها المعجمية " موت، حمراء، عتبات الحرب، قذيفة" وحضور الواقع امتداد له لا خروجا منه وعليه.. وقد تجلى كذلك في خوفها على العظيم على القصيدة آخر معاقل الحياة وسواترها في ريما الانسانة تقول ص١١٨:أمشي بقلقٍ/أخاف على ألوان الكلمات من سترتي السوداء/ من بحة صوتي الذي يخونني/ كلما ذكرت أسماء الشهداء/ أخاف عليها من دمعي المصلوب على الهواء"والشاعرة في تعويض لا واع تختزل الوطن بأناها المتسعة التائقة الى السلام والكونوية، هي هي روح الشاعر الكلية التي لا تؤمن بالطائفية والمذهبية والفئوية، تقول: انا اختصار لك يا وطني: لكل روح سورية/ سومرية/ آرامية.."أوليس من صفات الشاعر الحق القدرة على التلاشي والتشظي والانصهار في و مع الآخر ، وقد اختارت محفوض ان تكون كما عيسى فوق الصليب وكما اسماعيل فوق القربان، تقول:" يرسمني الحطاب لا يراني/يحصدني طيفا لا يراني.."هذا الهدم البنّاء، القتل الولّاد إن جاز التعبير، من ضرورات شعر الحداثة خاصة في قصيدة النثر، وتحديدا في لغتها من حيث هي أداة الخلق الفاعلة، أليس من علامات الشعرية هدم العالم المشوّه والمكرر والرتيب وتجاوزه والخروج عليه؟ أفلا يعيد الشاعر ترتيب العلاقة بين الكلمة والاشياء من خلال الانزياح والتشظي والانفجار المجازي واللغوي وجمع التناقضات ؟ أفلا يعيد خلق العالم وتغيير الادراك من خلال تجريد الالفاظ مما علق بها بالوراثة والاصطلاح؟ من هنا بالتحديد تبدأ عملية تشكل الوعي الجديد والخلق الجديد..السؤال: هل نجحت الشاعرة في هذا التحدي على مستوى اللغة؟أقول: نجحت في مكان وأخفقت في آخرنجحت في جمع التناقضات أحيانا وفي بعض المفارقات الجميلة..لكنها في المقابل، أبقت على طبيعية المفردة، واحتفظت باستخدامها السائد، لم نشهد عندها مغامراتٍ لغويّةًولا تشظيات وانفجارات صادمة ومفاجئة، كما افترض شعراء النثر ومنظرو الحداثة..لكن علينا أن نتذكر ان الخلق اللغة والتجديد فيها ليست الشرط الوحيد، كما يقول أنسي الحاج في مقدمة ديوانه "لن" فهناك" الايجاز والتوهج والمجانية" وأضيف هناك التماسك والايقاع الداخليين ففي حين نجت محفوض مما وقع في فخه بعض شعراء النثر ، من أنساقٍ متنافرة واشارات عائمة وغموض مبهم و تصاوير مبتورة، جاءت تراكيبة الشاعرة منطقية واضحة فلم ترسم الفراغ ولم تتكئ على التنقيط والترقيم وهي لم تدعُ القارئ ليشاركها في عملية انتاج المعنى..وأكثر ما توهجت فيه ريما هو تقنية الومضات، فكثّفت وأجادت أيضا في ختام بعض القصائد" لا تأتِ كي لا تعود طفلا في تابوت، بعد ان أتيت بكرنفال.."فتنجح في ملامسة القلق الوجودي كما تقترب من الرؤية في الزمان والمكان" أخطئ عنواني، فلا أصلني ولا أضيع"لامست محفوض الرؤية ولم تغرق بها، توهجت في غير مكان،وكانت حرة من سطوة الايقاع، فلم تلجأ الى استعاضات موسيقية كالتكرار والتوازن.. وكأنها تؤمن بأن الكلمة هي صورة صوتية للمعنى..أما الفكرة عند ريما التي تلوّنت بالعاطفة الصادقة فغالبا ما بقيت تحت سطوة الوعي التام..يبقى أن أشير الى السردية التي استغرقت فيها الشاعرة احيانا وأقاربها من منظور آخر فهذه الإطاله( التفاصيل، العطف والاضافة) قد تكون برأيي نزوعًا نحو الثبات في النص، تساعد في عملية التأمل او لعلها ببساطة بحث عن ثبات تحتاجه الشاعرة المضطرة في المكان والزمان..ديوان"ظلان يشبهان وجهي" يحتمل الكثير من الكلام بعد، كما يستحق القراءة، الشعر فيه تجاوز لما عرّفه به أمين الريحاني في هتاف الأودية، "فلا هو شكسبيري مطلق من كل قافية ولا متفلت من العروض مع والت ويتمان"نحن محبي الشعر نقول : الشعر أكبر من كل التعريفات، إنه الرئة الثالثة، والكون الذي لم يكتشف بعد...
التاريخ - 2018-07-14 11:55 AM المشاهدات 1300

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا