شبكة سورية الحدث


مردوك الشامي : ريما محفوض تنتمي إلى فضاءات العالم الشعري المعاصر

مردوك الشامي : ريما محفوض تنتمي إلى فضاءات العالم الشعري المعاصر
نقلاً عن صفحة أخبار ونشاطات ثقافيةخلال توقيع (ديوان ظلان يشبهان وجهي )مردوك الشامي : ريما محفوض تنتمي إلى فضاءات العالم الشعري المعاصر نص الكلمة التي ألقاها الشاعر والناقد والإعلامي مردوك الشامي، خلال احتفال توقيع ديوان (ظلان يشبهان وجهي)للصديقة الشاعرة الدكتورة في علوم الصيدلي ريما فاضل محفوض في قاعة بلدية سن الفيل، في حضور نخبة من الشعراء والشخصيات الثقافية والفنية والإعلامية. نص الكلمة :تستعير القرنفل، والدالية ، والغيمة ، لهذا هي حين تكتب قصيدتها ، ، تدوّن الحديقة، والنهر، والناس..ولهذا حين تقف ريما محفوض على أول سـطر البوح، تعدو نحوها الخواتم والنهايات ، وتتلصص على قلمها نوارسُ وسواقٍ وفواصلُ ونقاط..ريما محفوض ابنةُ سلمية في مهدِ الولادة، لكنّها في شعرِها ابنةُ القصيدة الحديثة التي تكسرُ طوقَ التراب والجغرافيا ومساقطَ الرؤوس ، وتنتمي بكل جدارة إلى فضاءات العالم الشعري المعاصر ، بكل ما فيه من إدهاش وتوقد ، وتشظّيات مواربة..أنا ابنةُ مدينةٍيسامحُ فيها العجينُرغيفَ الخبزِ والخبّازَ والنّارَعلى كلِّ ما فعلوهُ بطحينِه..هل تقصد ريما بلدتها سلمية وحسب ، أم هي من خلال التخصيص تبرعم التعميم على مدائنَ كثيرةٍ ، في قلبها السماحُ والرحمة ، وفي فضاءاتها احتراقٌ بلا حدود؟..أظنها كونية في خطابها المحلي ، تلتف على لغة المباشرة ، لتقف خلف بوابة الإيحاء والترميز ، وتقول أكثر مما يقول الحرف ، وتضع خلف قماشة المعنى أكثر مما يبين على سطحها المكشوف..ثمة صراعٌ لا يزال ، بدأ منذ أجيال وأظنه يبقى لأزمنة قادمة ، حول القصيدة النثرية ، ومدى شرعيتها، وهل هي الشعر ، أم أنها تتربع خارج التوصيف الشعري وخارج قصور الفراهيدي المحصنة بكثير من الوهم والعسس والمريدين؟..صراعٌ ملتبس يجعله مستمراً سوءُ فهم الغالبية الشعرَ ، وأين يكمن ويكون..الشعر برأيي خارج التوصيف والأقمشة والقبّعات ، وخارج صحراء الخليل ، وأعمدة النظم ، ومتاحف العبارة الممطوطة ، وأقفاص القواميس..هو حيث تضرب الصاعقة ، ويتوهج البرق ،حيث تهطال الاختلاف الوامض ، وحيث الصمت موسيقى ، والصراخ حفيف..لأنّي أحبّكَ ظننتُ البيوتَ ستنهضُمن تحتِ الأنقاضِ وتعاودُ الاصطفافَكالأطفالِفي تحيّةِ العلم..كم يختزل هذا المقطع الشعري ، الكثير من البوح والنبض .من قالَ أنّي أنتظركَ بفارغِ الصّبرِو صبري ممتلئٌ بك...!هذا الومضُ مساحاتُ خيال ، وغاباتُ رؤى ، لهذا الشعرُ ، يكون حيث تكون الرؤيةُ سبّاقةً وكشّافة وتفتحُ نوافذَ ومسارات..وريما محفوض ، تتقن الكشف ، والنبش ، والسعي وراء الماء الخبيء في أماكن لا يصل إليها الآخرون.وهي ابنة مرحلة زمنية متخمة بالوجع ، بالخراب ، بالانكسارات الكبيرة ، ولا تقف محايدة لا أمام الموت ، ولا أمام اغتيال الحياة ، تقف في موقع الرائية الراوية لتؤرخ لمرحلة انعطاف خطير ، لكنها تبتعد عن المباشرة ، لا تكتب الدم المسفوح ، ولا تكون عدسةُ شعرها مسلطة على الضحايا ، بقدر ما تحتفل بالوجه الآخر ، المنتظر ، الحياة ، والأمل .في مجموعتها "ظلان يشبهان وجهي ، تجاوز بيّـن لمجموعاتها السابقة ، قفزٌ متقن وحكيم نحو فرادات لغوية ، وإبحارٌ مختلف خلف الغواية والترصيع النبضي للحرف ، لكي لا يبقى مجرد حطام مرايا ، بل اتساع أفق لا محدود.في المجموعة وجعٌ وألم ، وهذا مشروع ، فهي لا يمكن أن تتجاوز الجرح الذي لا يزال مفتوحا، وفي المجموعة حب ونبيذ ونوارس وحقول ، وأطفال ورسم ، وعناق ، ومنفى ، ومحطات سفر ، وفراشات ومناديل مثقلة بالنحيب ، وضحكات شقراء ترقص على صفحات للشمس .ثمة قصائد ذات نفس طويل في المجموعة ، تلامس فيها ريما أجنحة السرد الشفيف والتداعيات ، وثمة قصائد تشابه قطرة العطر ، ضئيلة في مساحة القول ، واسعة في مدى الانفجار. وأنا شخصيا أميل أكثر إلى القطرة واعتصار العبارة حتى لا تكاد تبين الحروف.صرخاتُ الشّجرةِ التي وصلت مسامعَ المعصرة جعلت الزّيتونَ يبكي فجاءَ الزّيتُ حزيناً...ريما محفوض لا أراها سوى بنتِ شمسلهذا في قصائدها ضوء كثير ولهذا هي وما تبوح به واحد في قياس العناق ..لا تتأرجح مطلقا بين متناقضات ..هي في الشعر ترتدي قميص القصيدة النثرية ولم أرها مرة في عباءة الموزون وحين تمد كفها لتصافح أي صديق أو صديقة أشعر أن كفها ديوان شعرها وضحكتها، لهذا ينتقل توهجُ قصيدها بالقراءة واللمس ..شرفتني حين طلبت إلي كتابة مقدمة لمجموعتها الأخيرة ..لم أقصد المحبرة لأدوّن الكلمات ..الكتابة عن الضوع تحتاج فقط إلى أن نضع القلب أمام الصفحات البيضاء وأن نقرأ بحبٍ ما كتب بحب.قرأت فيها وطنا يتعافى ولو في حلم شاعرة ..حبيبا يتشظى في المسافة والأمكنة المستعارة من خرائط الأمل ..وقرأت البحر والنبيذ وقطرة الزيت والفراشات وقرأت سلمية والتراب والشبابيك المفتوحة على الصراخ والغناء ..لا موسيقى فيما قرأت سوى ايقاع النبض وهذا بحر لم يبلغه الخليل ..بحر لا يتقن السباحة فيه سوى الضالعين في المعصية ..ريما محفوض أنت عاصية وعصية ..عاصية في قياس المألوف وعصية على التراجع ولو وردة إلى الوراء، وأنت مطالبة أكثر بالتشظي والدخول إلى عوالم الجناحين، لينفتح أمامك أكثر اتساعا فضاءُ الشعر. ..شاعرة وظلان ..الشعر هو الظل والمظلة ايضا والظل الاخر ربما يكون لشقيق او حبيب او لمرآة يقفلها الضباب ..لكن في كلا الأحوال أنت الشمس ، وما حولك مجرد ظلال ومرايا.قراءتك لا تحتاج مترجما وتفاسير ..تماما كما النهر منذ ما قبل التفاحة الأولى كان حنجرة الحقول ..تفهم أبجديته الشجرة والضفتان ..لا أبالغ لو أنني همست تشبهين نصك تماما كأنكما تتبادلان قداسة الضوء يكونك وتكونينه ..كأنك من كتابك تسللت خلسة قصيدة تمشي على قدمين من قرنفل وعصافير ..ريما محفوض ، شاعرة تكتب بعمق نبضها ، وتؤنسن الحروف ، وتشتل روحها في سهول لا حدود لاخضرارها..هي صوتٌ جميل في قصيدة النثر السورية ، وهي كذلك تحضر في سرب المتقدمين عربياً في كتابة هذا النمط من الشعر الحديث والمعاصر ..أقرأ مجموعتها بكثير من الحب والشغف ، وأكتشف وراء كل قصيدة امرأة من بكاءٍ يضحك حتى الهذيان.كل الشكر أستاذ مردوك الشامي
التاريخ - 2018-07-14 11:59 AM المشاهدات 815

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا