"هَلْوَسات قبلَ الجنونْ"لو أنَّ الرّصاصةَ انحرفَتْ سم واحداً، لما أخذَت إبني إلى مثواه الآخير.تقولُ أمُّ الشَّهيدِ في حضرَة الحرب و تضحَكُ بسِرِّها.لو أنَّ جيناً وراثيّاً من مليارِ جينٍ شذَّ، لما انتفخَ بطني، حُبْلى بطفلٍ، و ما كنتُ لِأَموتَ وأنا أُغمِضُ عينيهِ إلى الأبد.تقولُ أمٌّ فقدَتْ آخرَ ما تبقى لها من الحياة.في ذلكَ الصَّباحِ الأسود، لو لم أذهب إلى الفُرن، و ألتقي صدفةً برجلٍ سيصبح زوجي فيما بعد، لم أكن الآن أسمعُ صوتَ شخيره القويِّ كطائرةِ الهيلوكوبتر، و أدعو ألّا يطلعَ عليَّ الصباح.سَمِعَتْ صوتاً سماويّاً، نظرَتْ إلى حائطِ غرفتها الرمادي، صورةُ إبنها يُحرِّكُ شفتيه:تأقلمي تأقلمي أمّاهُ . .طفلةٌ تمسكُ بيدها فرشاةً و دفترَ رسمٍ، تلوِّنُ بيتَها الصغير، بجوارِ نهرٍ، على رابيةٍ خضراء، و ترسمُ نفسها كما تتصوَّرها بعد عشرين سنة، و هي ترتدي رداءاً طبيّاً أبيضَ، تتدلّى على صدرها سماعةً طبيةً وهي في مُنتهى الفرح.استيقظي استيقظي، الواقع ليسَ كاذباً بما فيه الكفاية و الحلم ليس صادقاً كبراءتك ياطفلتيامرأةٌ في الأربعينَ من عمرِها، في يدِها اليُسرى محبساً خلعَته بعدَ خروجِها من المنزل؛ صدَّقَتْ كتابات غادة السّمان و آمنت أكثرَ مما ينبغي بأحلام مستغانمي.ها هي في المقهى تجلس مع شابٍّ ثلاثينيّ، متزوِّجٌ من فتاةٍ رفضَتْه مِراراً، وعندما قَبِلَتْ الزواجَ به، أشعلَ لها أصابعَهُ العشرة، وأغدقها بالوعود الورديّة، كان غداً سيرمي عليها الطَّلاق بالثلاثة لو لم يكن غبيّاً و يُنجِبَ منها طفلاً.- تقولُ الفتاة:ماذا لو التقينا نحنُ الإثنان قبلَ أنْ نُخطِئَ و نتزوَّج؟- عادةً كلُّ الأمور الجّيّدة تأتي متأخرة!كانت رُغبَتهُ فيها أقوى من أنْ يقولَ لها تأقلمي.لم ينفعْهُ الكُتمان، قرأَتْ ما أخفاهُ في عيونِهِ؛ سقطَتْ منها دمعةً تخيّلَتْ أَنَّها صبّتْ في فُنجانِ قهوتِها، إرتشفَتْ منهُ قليلاً صارَ مالحاً أكثرَ ممّا اعتقدت.رجلٌ حاولَ بكلِّ قِواهُ العقليّة أنْ يجدَ طريقةً لِقبولِه في المصحِّ العقليِّ.ضربَ جارهُ حتى الموت، تعرّى في الشارع، اعتدى على إمرأةٍ جميلة . . . إلخفلم يُفُلِحْ ! دخلَ إلى برلمانِ الشّعبِ خِلسةً، نعتَ الأعضاءَ بالمجانين و بصقَ عليهم واحداً تلوَ الآخر، ليجدَ نفسه بعدَ أن أغميَ عليه من الضرب في المصحِّ العقليّ.قبل أنْ يكتشفَ بأنَّ جميعَ مَنْ في المصحِّ أصِحَّاءَ تماماً، صاحَ أحدُهم: تأقلم مع جُنونِكَ.قالَ لي سيزيف وأنا أَمضَغُ حروفَ الأبجديّة :أيّها الصّبيّ، إِكْتُبْ لتتأقلم._________________________#قصي_محمد
التاريخ - 2019-11-14 10:24 AM المشاهدات 281
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا