هذا ما يحدث ليلاً
تكات الساعة توقفت لثواني في ليل الساعة الثالثة،و تحولت لكلمات،
عقرب الساعة الطويل نطق :"صباح الخير " ، و رد العقرب القصير : "تقصد عمت مساءً "
رد العقرب الطويل بحنق " أنتَ دائماً ما تنزعج مني بسبب أنني أطول منكَ أليسَ كذلك ؟ "
العقرب النحيل يقاطعهما غاضباً:
_ما رأيكم بالسكوت فأنا أشعر بالدوار من عمل الأمس ؟
و أنا تأملتهم بحيره محاولة أن أجد آلة ناطقة خلف تلك الساعة المعلقة و ما من جدوى،
خلفي كانت الأقلام تُعلن عن حفلة زفاف لزوجين من الألوان الأحمر و الزهري
كيف لهذه الألوان أن تكون سوية و هي لا تليق ببعضها ربما هم يختلفون بالأديان نظراً لوجود أقلام غير مرحبا بذاك الاحتفال ...
كانت الممحاة هي من عقد هذا الزّواج.... أمرٌ رائع يجدر بي أن أهنئهم غداً و أجلب لهم هدية تليق بهم كمبراة ربما...!
على الحائط العملاق المشوه علقت لوحة لوجه إنسان كنت قد رسمته من أيام، رأيته ينظر لي رغم أنّي خططت عيناهُ باتجاه غير هذا
اقتربت منهُ بذهول، و قال دون مقدمات :
_ لماذ ا رسمتني وحيداً ؟، أرجوكِ ارسمي فتاة جميلة و علقيها بجانبي
ردتُ عليه : "تكرم.... "
اتجهت لباب الغرفة و فتحت بهدوء حتى لا أحدث ضجة و أرى إن كان أحد يسمع حديثهم ..
خرجت عين واحدة فقط تحاول أن تكتشف الطريق و فجأة نطق الباب :
_ كان بإمكانكِ سؤالي، سيكون هذا أسهل ...
"أعذرني أيُّها الباب، لم أكن أعلم بوجود عيناك
نظر لي باستهزاء
_لا عليكِ .... لا يوجد أحد
و فتح نفسهُ برويّة، كان يوجد ممّر مُعتم قليلاً، و كأنَّ البيت تحول لغرفة واحدة بنهايتها باب واحد يؤدي للخارج...
شدّدت طرف ثوبي حبة عنب سوداء و سألتني إن كنت أحمل ولاعة
_لا يا حبة العنب الغريبة ليس لدي
نظرت تلك الحبة نحو يدي
_ إذاً لماذا تحملين سيجارة بيدكِ ؟
أنا لا أحمل .... و نظرت نحو يدي و فعلاً كان بها سيجارة و لكن كيف و بكل المنزل لا يوجد حتى رائحة لها نظراً لكره أبي لها ؟!
هي بدورها وضعت جزء من السيجارة بفمها و بدأت تلعن الأوضاع و الحرب و كل الأمور و انتهت بجملة " خليني ساكتة أحسن "
أي أوضاع تمر بها حبة عنب شبه ناضجة !!
حتى أن الطاولة تشاجرت مع سلة المهملات و طلبت مني التدخل و بأن أقرضها دولاراً لتستطيع دفع ثمن تنظيف سلة المهملات لسقفها
أيّتها الطاولة أنا ليس لديّ ليرة ليكون لديّ دولار، ليس لي حق بشيء بهذه البلاد ..!
تلك الحبة نظرت لي
_يا ملعونة أعرف ما تفكرين فيه، أتريدين أن أشغل لكِ السيجارة ؟
أنا... لا شكراً لا أظن من الجيد أن أدخن داخل المنزل أن عرف والدي سيقتلونني، و أمي لديها حاسة شم قوية ستكشفني و أعاقب...
حبة العنب لم يقنعها كلامي رغم أنّي لم أكذب عليها لكنها ذكية وجدت لي حلاً سريعاً _لا عليكِ هذه السيدة نافذة ستساعدكِ ....
_كيف ؟
السيدة نافذة أكملت الكلام
_يا عزيزتي سأشرب دخان السجائر أنّهُ لذيذ في هذه الليلة المعتمة
قفز أمامي عود ثقاب خشبي نحيف قال بطفولية :
_ أنا أنا سأشعلها لكِ
_يا عود الثقاب الصغير ألم تنقرض بعد ...؟ من أين أتيت ..؟
"جئتُ لأجلكِ ... ألم تقولي أنكِ تحبين كلّ ما هو قديم ؟
لا أعرف ما عليَّ فعله الآن هل أصرخ ؟ .....ليست بفكرة جيدة
أم أضحك على هذا الانفصام الذي بي ؟ ....و مجدداً ليست بفكرة صائبة
اقتربت كرسي نحوي و خاطبتني :
_أجلسي يا صغيرتي تبدين متعبة، هل كل الأمور بخير ؟
قصصت عليها كلّ ما يزعجني و كلّ أحلامي التي أريدها، كانت تحتضنني بعطف كلّما غدوت أن أبكي، كانت تطلب من الجميع أن يخفض صوته، لديها قدرة على السيطرة بشكل قوي ...
قالت لي : أنّه من الممكن إصلاح أي شيء، و أنَّ البشر سيصبحون بشر قريباً و سيغدو الكون عالم شبيه بالجنّة، أظن أنّها كانت تواسيني لكن شعرت أنّ الأمر ينفع بأن يخبرك أحدهم أنّ كلّ شيء بخير حتى لو كنت عالق بكهف موحش وسط صحراء لا شيء فيها
" كل شيء سيكون بخير " رددت هذه الجملة أكثر من خمسين مرة حتى بدا لي كلّ شيء بخير فعلاً
وقفت و اعتذرت للكرسي على جلوسي عليها و شكرتها على ما تحويه من حنان
مشيت باتجاه الباب و ابتسمت له، مررت بهذا الطريق الذي يفصل البابين و أنا لست متأكدة إن كنت فعلاً بالمنزل الصحيح ...
دون خوف مشيت لم أجد شيء سوى باب المنزل المعتاد بلونه الأبيض و تلك النبتة الصالونية، كيف تسمى صالونية و هي توضع بقرب الباب ؟
ألقيت التحية فلم يرد عليَّ أحد ...
قالت تلك النبتة بخبث افتحي الباب، خذي المفاتيح إنّها بين التراب ....
الباب مقفل كالعادة والدي يُقفله و يذهب لنومه، لا أدري أن كان سيأتي سارق للمنزل كيف سيفتح الباب ؟ ما الفكرة من قفله ربما أتى من النافذة ذلك معقول أكثر ؟
و لكن النافذة فيها قضبان حديدية ؟ ....
و عادت تلكَ النبتة تردد "افتحيه هيّا" ...
كيف سأفعل هذا يا سيدة نبتة ؟ ... قد يأتي سارق و تعلمين نحن في زمن الحرب ليست بفكرة جيدة
هذه النبتة كانت تشبه العجوز الشريرة في قصة بياض الثلج تريد مني ما لا أريد
و تردد افتحيه لا عليكِ لن يأتي أحد، و إن أتى ما المانع ؟
فتحته و أخيراً بعد نقاش طويل كان هناك سواد كثيف لا شيء فيه، شعرت بالخوف و اغلقته، لكن تلك النبتة رفضت أن تعطيني المفتاح و ابتلعته بترابها تلك الخبيثة !
لا أعلم ما عليَّ فعله سأنتظر قرب الباب لن أدع أحد يدخل و بكيت على ما ارتكبته من حماقة، شعرت بقبضة الباب تمسح على شعري ،
و هذا الباب كان أيضاً يتكلم قال لي :
_أذهبي للنوم، سأسهر أنا هنا لن أسمح لأحد بالاقتراب، و سأخفي النور فيه كي لا يتمكن أحد من إيجاده، ثقي بي ....
هذا الباب يحمل ابتسامة رجل ثمانيني و كان له من الدهر الكثير، شكرته بلطف و عدتُ للغرفة، استلقيت على سريري و فكرت بلاشيء
_سيد سرير هل أنت تتكلم أيضاً !
ضحك بهدوء
_و اتحرك أيضاً
_ أيمكنكَ أن تحضنني لأنام ؟
_بكلّ سرور يا جميلتي
#deema_Ibrahem
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا