تزوجنا لننستر اسقالله ع أيام النهر...
.......
ظلت شكرية تسامر النهر الذي يمخر عباب قريتها، تبث له مكنونات صدرها
" شوف شو عميقولوا نسوان القرية"
تسمع خريره ينطق بالعربية الفصحى :
-ماذا؟
-أنا عانس .
-عانس؟ ما هذه الكلمة يا فتاة قال وذهب غير آبه لتأوهاتها.
-عانس .لفظة شنيعة يطلقها البشر بغير حق، قالت عانس، يعني لم يمسسها رجل.لا يسمح لها بالسكن وحدها .عانس، كل ذكور العائلة لهم سلطة عليها ولا تملك حتى نفسها.
-يا لك من تعيسة كيف هذا ؟ قالها عبر موجة أخرى.
- كما سمعت...
- ألم تحملك والدتك تسعة أشهر كما أخيك؟
- نعم .
-إذن؟
-إذن أنا عانس ..ولن يزول لقبي هذا إلا بزواجي.
- تباً قالت تلك الموجة الناعمة وغادرت..
موجة أخرى انبرت للحديث معها هكذا من غير مقدمات:
- كل يوم أسمعك وأنت تبوحين باواعجك..صوتك جميل. هل جربتِ الغناء؟.
راقت لها الفكرة وبدأت تتباهى بصوتها الرخيم، ولم تعد تأبه لذاك اللقب الذي أطلقته عليها نساءً القرية " العانس"
في صباح يوم ربيعي وعندما كانت ترفع عقيرتها بالغناء إلى جانب النهر وهي تملأ جرتها، وإذ بشاب من المدينة صادف مروره من هناك في رحلة استكشافية للريف، فخرّ صريعا بمخارج حروفها ودوزنة صوتها قبل رؤية جمالها الآفل إلى الغروب. حلف يمين الله" أن لا مستقبل له إلا شكرية"جاء الفرج هتفت بملء حواسها.. وصار.تزوجت شكرية رجل النهر واشتدّ حلمها بالغناء على المسرح، إلا أن هذا المسرح تغيرت خشبته وجمهوره، فقد صار بيتها المسرح والجيران جمهوره، وهي وزوجها كانا الممثليّن على خشبته. مرة ألفاظاً نابية وبذيئة ومرة ركلاً ومرة ومرة.هكذا حتى راودها ذلك الحلم وشوشت لها وسادتها" أن إحدى جمعيات حماية المرأة من العنف تسللت في وقت مستقطع، وكان اللقاء بها فشكت شكرية حالها المزري .فما كان منهم إلا أن سعوا وبمبادرة خيرة بنفخ الروح في حلمها، وغنت أولى أغانيها التي تمنع العنف ضد المرأة. وتسهل عليها الخروج من فكرة.. أن الرجل سيحميها..ويحقق لها ما تتمناه." ثم ... استفاقت على صوت انفجار قنبلة عند جيرانها .لتتأكد بأن العنوسة لم تكن هي المعضلة الوحيدة في مجتمعنا .حتى الحب غدى قنبلة...
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا