على امتداد ما يقرب من عامين، لم تنتهِ مفاعيل «الهجوم الكيميائي» في دوما؛ صار الحادث الشغل الشاغل لمراكز القرار الغربية، وصولاً إلى صدور خلاصات تحقيق أجرته «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية».
خلاصات تُبيّن أن هجوماً بالكلور وقع بالفعل، وأن ضحايا كثر سقطوا جرّاء ذلك. لكن تَبيّن أيضاً أن محقّقي الكيميائي كذبوا في تقريرهم، ولفّقوا نتائج ما زالوا مصرّين على صحّتها برغم كل الوثائق التي تدحض روايتهم.
غداة العدوان الثلاثي (الولايات المتحدة، فرنسا وبريطانيا) على سوريا في الرابع عشر من نيسان/ أبريل 2018، أُميط اللثام عن وثيقة رسمية فرنسية ورواية أميركية تتماهيان في المضمون؛ التقطت العاصمتان، حينها، «إشارات» مصوّرة تدلّ على «انبعاث رائحة الكلور»، قبل أن تعودا لتعلنا غياب أيّ دليل مادي يمكن الركون إليه لتأكيد حدوث هجوم كيميائي في مدينة دوما السورية في السابع من ذلك الشهر.
تقييمُ الدولتين الأوّلي استند، حصراً، إلى «مصادر مفتوحة» وصور ومقاطع مصوّرة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
أدوات التضليل «الكيميائية» التي لازمت الحرب السورية انسحبت أيضاً، في ما بات موثّقاً، على التقرير النهائي لـ«منظمة حظر الأسلحة الكيميائية»، الذي خلص إلى استخدام مادة الكلور في الهجوم الشهير.
لا تشكيك غربياً في تقرير المنظمة، على رغم كلّ الأسئلة الملازمة لهذا السياق. هل وقع الهجوم فعلاً، مثلاً؟ كلّ الدلائل والوثائق، وآخرها ما نشره «ويكيليكس» يوم أمس، تشير إلى خلاف ذلك، بل تؤكّد أن المنظمة تلاعبت بخلاصات تقريرها وحذفت من متنه كلّ ما يمكن أن يدحَض الرواية الغربية للحادثة، ليبدو وكأن هجوماً بالكلور قد وقع بالفعل في ذلك اليوم.
حدث هذا على رغم علمها المُسبق، وبالاستناد إلى آراء خبراء في المجال، بأن الأعراض التي لوحظت على الضحايا لا تتّفق مع التعرُّض لهذه المادة السامة، وبأن كلّ ما جرى لا يعدو كونه جزءاً من بروباغندا الحرب الطويلة.
في أربع وثائق جديدة سرّبها أمس، استكمل موقع «ويكيليكس» روايته للحدث الذي جرى في دوما قبل ما يزيد على عام ونصف عام، ليكشف، مرة جديدة، أن خبراء «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» كانوا على علم مسبق بأن مادة «الكلور» لم توجد في موقع الهجوم المُفترض، وتالياً لم تكن سبباً في الوفيات المفترضة، وعددها وفق أرقام المنظمة 40 شخصاً.
يتابع التسريب الأحدث لموقع ويكيليكس ما نشره الشهر الماضي، استناداً إلى رسالة إلكترونية لأحد أعضاء فريق التحقيق، يتّهم فيها المنظمة بالتستُّر على خلل في التقرير الذي يزعم استخدام الكلور في دوما. المُحقّق، الذي لم تُكشف هويته، قال في رسالته إن تقرير المنظمة «يحرِّف الوقائع».
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا