شبكة سورية الحدث


أمي بقلم الكاتبة بثينة خالد العبيد

أمي بقلم الكاتبة بثينة خالد العبيد

أمي، كيف حالك ألم تشتاقي لي بعد؟ ألم تحني لملاقاة وجهي ؟
عموماً أنا مبعثرة من شوقي إليكِ،
ولم يصبني تمام الانهيار بعد على فراقك.
أووه، يصعب علي محادثتك بعربيتي الفصحى، وأساساً قد اشتقت لهجتنا التي اعتدنا عليها،
أحدثكِ بفصاحتي، لأنك دومًا كنتِ تقصين عليّ قصص الملائكة بالفصحى، حينها أسألك، أمي ألا تتكلم الملائكة لهجتنا؟!!
كنت تقولين لا ،فهم يتكلمون لغة الكتاب العزيز، 
وأنتِ الآن أصبحت من عائلتهم الكريمة، وحتماً أنك الآن تتكلمين مثلهم أيضاً. 
لا بأس ليس مهم، المهم هو أنك تستمعين إلي الآن.
أمي! ترى كيف يبدو وجهك الآن؟ أما زال جميلاً كما عهدته؟
أممم أنا الآن أُشبِهُ روعتك التي كنت عليها في آخر أيامك،
حين كنتِ تعانين المرض، وكان وجهك منبعاً للنور،
أنا الآن جميلةٌ مثلك، على الرغم من شحوب وجهي وجحوظ عينَي.
ولكنني جميلةٌ لأنني مصابةٌ بمرض الشوق إليكِ
ولكن لا بأس أيضاً،
فهناك في نهاية الطريق سوف نلتقي وسوف أعود إلى روعتي التي أفتقدتها في أعين الناظرين إلي بعد فراقك.
أخبريني الآن أتطهين من طعامك اللذيذ لأصدقائك الملائكة؟
أيتلذذون به كما كنت أفعل أنا ؟
لا أظن، فأنا وحدي من كانت تتلذذ بطعامك كثير الملح أو قليله المحروق أو حتى النيء
أو حتى ذاك المطهو بطعم الحب والفقر، الخالي من مكوّناتِ الدسم الذي وقع كافة البشر في غرامه إلا أنا، مادام من طهوك، فهو لذيذٌ مهما كان. 
لا بأس أيضاً وأيضاً
فأنا اشتقت إلى أسوأ الأيام إلى جانبك، علماً أن ليس هناك سوءٌ في الأيام التي تبدأ بوجهك الصبوح، وفناجين قهوتك، وتراتيل قرآنك
قد فجعت وجنتَي من هلاهل دموعي، لم أعد أحتمل الحرقة التي في جوفي. 
عيناي اللتان رمقهما النوم منتظرة رؤيتك في إحدى مناماتي،
وروحي التي أنهكت من فشلها في كل غفوةٍ،
كان قبلها لي ميعادٌ مع الدعوات، لعلي أحظى بعناقك ولو لخمس ثوانٍ.
هناك حفيف أصوات تنادي باسمي،
بثينة... بثينة
ياربّ هاد صوت ماما 
تعالي اشربي قهوةً، وأحضري معك فازة فيها ماء قطفت النرجس واشتريت لك الريحان ،
علّي صوت الراديو وأنتي جاية 
ههههه إنها أمي، مازالت على قيد حياة اللعنة لرسائل المئة، 
جعلت دموعي تهطل عند حياكة سيناريو خيالي عشته بتفاصيله، وبكل زوايا ألمه لأغلق دفتري الآن لأكمل فيما بعد مع رسائل المئة الباكية الضاحكة.
#بثينة خالد العبيد

التاريخ - 2020-03-25 5:13 PM المشاهدات 1278

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


كلمات مفتاحية: رسائل دفتري قهوة