شبكة سورية الحدث


خيانة بقلم الكاتبة آمنة سليمان

خيانة بقلم الكاتبة آمنة سليمان

صباحُ الفرحِ المفخّخ في مدينةٍ جاورَ الموتُ فيها الحياة، تستيقظ كلَّ يومٍ محمّلاً بكمٍّ هائلٍ من الأحلام المعلّقة على قائمة أمنياتك، تنظرُ إلى سقفِ غرفتك وأنت ماتزال ممدّداً على سريرك لتتزاحم الأفكار في عقلك وتسردَ الأخبار التي عشّشت في دماغك ليلةَ البارحة وتتساءل إلى أيّ الطّرقِ تمضي بنا الحياة ؟؟ وأيّ قطارٍ سنلحق الرّكوب به هل هو قطار الأحياء أمِ الأموات ؟؟؟
تلمعُ عيناكَ فجأةً وتنفرج شفتاكَ عن ابتسامةٍ صفراويّة حينما تتذكّر أنّك وليد حربٍ، فهذا أمرٌ مطمئن فقد عشتَ ساعات الاحتضار كثيراً وكان الموتُ يُعانقك بين كلّ قنبلةٍ ورصاصة فما الذي يُخيفك الآن وقد درّبك القدر على خيانته؟؟
ترفعُ غطاءك الملطّخ بالحروف، ففي كلّ ليلةٍ تعارِك كثيراً في كتابة فكرةٍ ومحو جملةٍ، تتوجّه نحو أوّل من يلامس أناملك ليشعرها بدفء الصّباح فهو صديقك الصباحيّ المعتاد، نعم إنّه فنجان قهوتك، تُعدّه اليومَ على مهلٍ فلن تتأخّر عن دوامك وتلعنَ العَجَلة التي سفحت نصف ركوتك على الفرن، تجلسُ على شرفتكَ لتلحظَ هدوء الشّارع فالأنفاسُ قليلةٌ وكذلك السيّارات،
تمرُّ الدّقائق عليكَ كما لو أنّها سنوات، ترتشفُ من فنجان العمرِ رشفةً لتُثبتَ لنفسكَ أنك مازلتَ حيّاً، تتأمّل كأس الماء الّذي يحاذي قهوتك دائماً فتشعر بأنّه يشبهكَ إلى حدٍّ ما، فهو صابرٌ مثلك ينتظرُ شَفَةً تقبّله، فحيناً ينجح وحيناً يُخفق وينسكب كما لو أنّه لم يكن موجوداً، تعاودُ النّظر نحو الأفقِ البعيد مستسلماً لنسمةِ هواءٍ تتخلّل قلبك المنهكَ من سجائرِ الحبّ المدهوسةِ تحت الأقدام،
متعبٌ أنتَ كقلادةٍ أكلتها الغبار ولم تحظَ باحتضان عُنُقٍ، ككلّ الأشياء الباهتة التي فقدت بريقها حين خلعت ثوبَ الكبرياء عن جسدها النّحيل، كوطنك المدمّى بالحربِ حيناً وبالنفاقِ والأمراض حيناً آخر، 
صُداعٌ يخون أفكارك لتُمسكَ بفنجانك وتُعيده مكانه، يُغريكَ السّريرُ مجدّداً لإقامة علاقةٍ معه بعدما بعثرتِ الحياة أشلاءك فتُهزم تحت وطأة إغرائه، ثمَّ تحتضن وسادتكَ، وتعرّي عينيك من الحقيقة مسلّماً إيّاها لزيف الأحلام.
#آمنة_سليمان

التاريخ - 2020-03-25 5:25 PM المشاهدات 611

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا