أقف أمام المرآة..
أتأمّل وجهي الذي غسلته للتوّ
ترى لماذا أراه شاحباً ومصفرّاً هكذا
أغسله مرّةً أخرى..
وأمعنُ النّظر مجدّداً
ربّاه، إنّي أتحوّل لليمونة !!
أسأل أمي هل أنا صفراء حقّاً؟
فتجيبُ: "ربّما من قلّة الأكل، تغذّي جيّداً وسترين الفرق.."
_إذاً أنا صفراء حقاً؟؟.
تصمتُ أمّي....
وأغسل وجهي مجدّداً
أحاول سماع نصيحتها وتناول بعض الطعام..
فقدان شهيّتي لا يطاق، وأخصّائيّ التغذية يخبرني ان الأدوية لا تجدي نفعاً مع حالةٍ كحالتي!
إبرُ فيتامينات، وحبوب لعلاج نقص الحديد والكثير من الأدوية الفاتحة للشّهيّة أصبحت في القمامة الآن!
لا بأس، أنا لا زلتُ أتنفّس هذا جيّد..
نفسٌ عميق..
أجل، رائع!
نفس عميق آخر
وتستمرُّ الحياة بلا حياة..
وبصفار وجهي المُرعب
كيف سأواجه تقلّباتها؟
علبة سجائر وحيدة
ملقاة على طاولة وحيدة
مع علبة محارم وسمّاعاتي
ومروحة صغيرة أهداني إياها شابّ كنت أحبّه يوماً، لا أعرف ماذا خطر بباله
أيّها الشّاب! إن كنت تقرأ لي فأريد أن أخبرك أنها لا تعمل الآن، هههه فكرة غبية لكن لا بأس بها!
على أيّة حال، هذا ليس حديثنا..
أمسكتُ سيجارة وبدأتُ أدخّن
بقرفٍ من نفسي ومن الحياة
من كلّ البشر، من كثرة الأفكار بل من القدرِ..
علبة السّجائر لم تعد وحيدة، مررتها بين أصابعي، ولعبت معها حتى بعد أن نفدت..
إلى متى يا الله إلى متى؟
أجلس قرابةَ ستّ ساعات أتأمّل زاوية الخزانة
وأسمع أغنية لأحدهم تعاد مئات المرّات، لا أذكر المطرب ولا الكلمات، أذكر فقط أنّي كنت أمرّ بحالة صدمةٍ فكريّةٍ وشعوريّة، كنتُ أمرّ على صورك الخالدة في ذهني، كنت أمرّ على ماضيّ البائس....
ثمّ وقفت أمام المرآة مجدّداً
جفّفت دموعي
وضعت كريماً واقياً من الشمس رغم إدراكي أنّي لن أخرج من المنزل، وعدم وجود شمس أصلاً
قليل من الكحل والماسكارة مع كثير من أحمر الخدود والشفاه
واو! أبدو خارقة الجمال!
حسناً، هيّا لنلتقط بعض الصور
أخذت هاتفي
التقطت أول صورة..
ابتسامة كاذبة تعلو ملامح وجهي
تصنّعٌ هائل، خصوصاً مُحاولة الكحل لإمساك الدُّموع
تأمّلت الصّورة بقرف رهيب
رميت الهاتف..
غسلتُ وجهي مجدداً
سواد الكحل أصبح تحت عينيّ
حان وقت النّوم الآن..
إلى النّوم الأبديّ يا الله!
إلى اللّايقظة، إلى القبر..
فلا حياتي تُطاق، ولا أنا أُطاق فعلاً!
|نور ماهر جعفر|•
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا