#حلم_طفوليّ :
انا كفتاة وُلِدَت في عصرِ التسعينيات ، كانت طفولتي مُشابهة لجميع فتيات قريتي ، و ذُروتها البرامج الكرتونية التي كانت تُعرَض على قناة سبيستون .
البرنامج المُفضل بالنسبة لي كان الفتيات الخارقات ، كنتُ أُسارع في كتابة وظائفي لكي ألحق بموعد عرضِه .
كنتُ افضّل من بينهنّ فتاة ذات شعر ذهبي ، و ترتدي بذلة خضراء لامِعة ، كانت حسناء بما يكفي .
كنتُ مولعة جداً بها ، لِدرجة انني في بعض جلساتي مع عائلتي ، اطرحُ عليهُم احلامي ، واقول انا سأُصبح فتاة خارقة و سترون ذلك بأعينكم و هُم يجعلوني حديث الساعة في الضحك و المُزاح .
عندما أعودُ الى فراشي دائماً كنتُ احلم بأني تقمّصتُ شخصية هذه الفتاة ، وانني أملُك من القوةِ بالأطنان ولا يستطيع أحد ان يَهزِمُني ، ولكن لم يطول الحلم كثيراً ، كأنهُ لحظة فاستيقظُ على صوت أُمي العزيزة تناديني من أجل الاستعداد للمدرسة .
مرّت السنين ، استغرقتُ وقتاً طويلاً حتى كبُرت ، واصبحَتْ طفولتي مُجرّد ذكريات ، اضحكُ بها على نفسي الصغيرة و على ميولي الخياليّ الذي لايتقبلهُ أيّ عقل .
كَبرتُ فعلاً ، و اصبحَت حياتي ك حياة اي فتاة ، فيها تقلُبات كثيرة ، منها الجيّد و منها السيء ، ولكن الفرق بيني و بينهُنّ هوَ طاقة تحمُل الألم .
وقتما كبرت و انا أسألُ نفسي هذا السؤال !
هل فعلاً الله يراني فتاة خارقة تستطيع تحمُل اي شيء دون ان تشكو لغيره ، ف جعَل من كتِفاي مستودعاً للأوجاع و مكباً لحُطام الاحلام !!
دائماً كنتُ اجلسُ في الليل و اعتذر لله عن احلامي الطفولية ، اعترفُ انها كانت خُزعبلات رأسٍ صغير مليء بالألعاب ، و اقول لهُ دوماً انا كبرت ، شاهدني !
انا كبرتُ و احلامي تغيرَت ، لا اريد ان اكون فتاة خارقة ، فلا احتمل على حمل المزيد وإلا سأنفجر واتناثر .
انا مُكتفية بأحلامي المنطقية التي اسعى جاهدة للوصول اليها ، اريدُ فقط حياة هادئة مع اشخاص بسيطين مثلي ، لا اريدُ الحُب الذي يجعل كُل شيء مُعقد و قاسٍ ، لا اريدُ ما يلوّث قلبي مجدداً ، ف لَم يمر فترة طويلة عليي عندما مسحتُ آخر ذرات غُبار عنهُ .
انا لستُ فتاة خارقة ، ويستحيل ان اصبح ، الا اذا تحوّلت الى صور مُتحركة في شاشات التلفاز او ممثلة هندية مثلاً .
انا الآن فتاة مُتعبة فقط لا غير ، و طاقتي على وشَك النفاذ ، من الأمر الصعب جداً تناسي ما حصل و الاستمرار بشكلٍ عاديّ .
انا لستُ فتاة خارقة و احلامي هذه بُطِلَت مِنذُ سنين ، و في الأصل كانت لُعبة فقط .
ارجوكَ يا الله ، اوقِف هذا الشريط ، او ضَع فاصِلاً لأرتاح قليلاً ، اوقِف بعض المهمات التي اجبرَتني الحياة ان اقومُ بها ، ضَع حداً للتنازُلات ، او مثلاً اِجري بعض التعديلات على طريقي ، لا داعي للأنفاق المُظلمة و لا للهبوط المُفاجئ ، اوقِف المارّة لبُرهة حتى اعبُر دون ان اقابل ايّ وجه .
صدقني يالله !
لقد انحنَت اكتافي من هذا الثقل .
انا لستُ فتاة خارقة ، ولا أُريد ان اكون .
| حنين مصلح جعفر |
2019/9/20
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا