شبكة سورية الحدث


سكرة الموت بقلم علا شيحة

سكرة الموت بقلم علا شيحة

..........*سكرة الموت*..........
 ألملم رفاة الحلم أمشي بلا أملٍ بالكاد تحملني قدماي أتكئ على ظلي المكسور في ظلمة ليلتي تتكاثر جراحي من حولي كعكازٍ تمنعني من السقوط لأبتعد في فراغ اللاشيء أنتفي في السراب لا أثر لي في بتلات الحقيقة
أنا الظل الهارب من بين السطور في دفتر قديم أنا الصمت الصارخ على أوتار الكلام 
ليس سراباً إنما في الواقع هو خريفٌ جشعٌ فاحش الثراء جاء مباغتاً ليسرق كل شيء مني لكنه لم يظن أنه سيحظى بأعباءٍ كثيرةٍ لقد حملها عن جسد تآكل من شدة الإلام  دون أن يدري 
ها أنا أنفض عني غبار الحلم المتراكم منذ وقت بهدوءٍ مستفزٍ أغمض عيني عنكَ عن كل تفاصيلكَ التي لطالما كانت ولازالت وستبقى تغريني عن أزهار ضحكتكَ عن صورتي الربيعية في مرايا عينيكَ اللوزيتين عن الوقت الآت 
أتجرع كأساً من نبيذ حضوركَ لكن ماذا يحدث طعمه مختلفٌ تماماً لا أثر لكَ فيه باهتٌ يحتضن غيابك يجرح مفاصل حنجرتي في الشراب صوتكََ الليلكي إذ تهمس اسمي
أقف أمامي متعجبةً تتملكني حيرةٌ شديدةٌ شيء ما يخونني في هذه اللحظات الباردة لم أعد أستوعب ما يحدث كل شيء يحول بيني وبيني
صباحي مشوه لقد فرت  السنونوات من دفاتره والشمس تنحت جانباً إنه محتجز خلف قضبان غيابكَ يشرب النخب الآخير يحتفل بمراسيم الوداع
أتساءل
هل أرى الصباح يمشي مطأطئ الرأس بجنازتي أم أراني وقد تربصت بي جنازير الموت تلتف كحبال مشنقةٍ حول عنقي فأسأله بوقاحةٍ من هو الميت أهو أنا أم أنت أختنق إذ تراودني الكثير من التساؤلات 
ماذا أفعل
أين أهرب منكَ ومن ذاتي فيك
كيف أتجرع شيئاً من النسيان وتخونني ذاكرتي بكَ
النسيان نعم النسيان هل لأخبرتني من أين أبتاعه ها أنا هنا أجلس وحدي أحتسي شيئاً من جراحي لأثمل قليلاً علي أغيب فيها لبعض الوقت عن وعيي وعني
ليس رماداً بل هي رائحة اليباس تتسرب إلى قلبي تنغرس كالمسامير في مسامات جلدي فتجمدني وتمزقني كأوراق شجرة أهرمها الخريف وهزمتها الريح في أول ليلةٍ من تشرين 
أريد أن أصرخ أن أبكي لكني لا أملك صوتي إني الآن مكبلة بسلاسل صمتي أسيرة حنيني إليكَ مسجونةٌ في زنازين ذاكرتي أهوي بلا أمل بكَ
جميعهم أخبروني أن الحرب إنتهت ربما لكن لا أصدقهم فالآن فقط الآن بدأت حربي الدموية معكَ داخل جسدي المتكسر كعود قصبٍ في وجه العاصفة
هل أصارع من أجل الحياة أم أنني أصارع الحياة ذاتها من أجل موتٍ أنيقٍ يليق بي
لقد توغلت في شراييني إنتشرت كالوباء في أضلعي حتى أصبحتَ زمرة الدم التي تنتفض في أوردتي وغدت خلاياه مريضةً بكَ
أحار 
أأُصارع مرضي أم أغير دمي لأتخلص منكَ من أثارك في مدارات أنوثتي إذ تطفو بها شهيةٌ جامحةٌ إليكَ
أريد نسيانكَ أريد التحرر من قيود حبكَ التي تدور على محيط قلبي فتتعبني أريد حريتي أريد أجنحتي لأستعيد أناي لأستردني وأعود منكَ إلي
أريد أن أتنفس ماذا بوسعي أن أفعل أنت الآن الأوكسجين الوحيد الذي تتقبله رئتاي أنت مختلط بي بلكي بأصغر تفاصيلي 
أتعلم كنتُ كثيراً ما أسمع عبارة صحوة الموت وكنت أضحك كثيراً إذ أسمعها لم أكن أعي أبعادها فأسأل ساخرةً هل الموت غفوة ام سكرة ويحتاج لصحوةٍ أتعجب أي جنون هذا الهراء اليوم في ظلكَ أدركتُ معناها وفهمت كم هي مؤلمةٌ إذ هي تعني وداعٌ لذيذٌ قبل موتٍ محتم هي اللحظات السعيدة الأخيرة التي نحياها باسمين نكون فيها على تلك الحافة الفاصلة بين نهاية الحياة وبداية الموت هي تلك الرعشات السريعة حيناً والبطيئة حيناً التي تنتابك في الثانية اللانهائية وأنت تودع روحكَ تغادر من نفسكَ تنتفض من سباتكَ الطويل بعد غيبوبةٍ دامت لسنوات متربصةً بكَ لا شيء يقيدكَ في تلك اللحظة ولا يوجد مايمنعكَ من الحديث بكامل حريتكَ
تنهي آخر كلماتك برغبةٍ قويةٍ شهيةٍ تلفظ أنفاسكَ الأخيرة وتعلن إستسلامكَ لملك الموت وتنتصر
أريد موتاً أنت من تكتب نهايتي فيه 
#علا_شيحه
23/9/2019

التاريخ - 2020-05-04 11:53 PM المشاهدات 904

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


كلمات مفتاحية: ساخرة الموت تكتب